الكاتب الأول إدريس لشكر: مبادرة اتحادية لحوار بالصحراء المغربية حول الحكم الذاتي
نطلب من النقابة تقديم كل الدعم الصحي للفلسطينيين بتنسيق مع لجنة القدس
انطلقت فعاليات المؤتمر الوطني التاسع للنقابة الوطنية للصحة العمومية، تحت شعار: «تثمين الموارد البشرية ركيزة أساسية لبناء منظومة صحية مستدامة»، بحضور شخصيات سياسية ونقابية وديبلوماسية، أبرزهم الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، وسفير دولة فلسطين بالمغرب، وممثل وزارة الصحة، إلى جانب أزيد من 400 مؤتمِر ومؤتمِرة يمثلون مختلف فئات القطاع الصحي ومناطق المملكة.
وفي كلمة ألقاها خلال المؤتمر، دعا الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أعضاء وعضوات النقابة الوطنية للصحة إلى الانخراط العملي في دعم الشعب الفلسطيني، من خلال مبادرات فعلية ومادية، بالتنسيق مع لجنة القدس، وبهدف التخفيف من معاناة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وأكد لشكر أن الواجب الإنساني يقتضي من الجميع الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الأعزل، مشيرًا إلى أن ما يجري ليس حربًا بين طرفين، بل عدوان همجي يُمارَس على شعب أعزل، يُقتل فيه الأطفال والنساء، وتُرتكب فيه المجازر تحت وهم وجود صراع متكافئ. وأضاف أن الإيحاء بوجود حرب هو استمرار في التقتيل وذبح الأبرياء، داعيًا العالم إلى اختيار موقعه والاعتراف بالضحية الحقيقية في غزة والضفة.
وتحدث لشكر عن معاناة الأسرى الفلسطينيين، مستنكراً استمرار الاعتقال الإداري للأطفال والنساء والشباب، في انتهاك صارخ لكل الشرائع الدولية، ووصف السجون التي يُحتجز فيها الأسرى بأنها أدوات لقتل آدميتهم وتعريضهم للاغتصاب والتنكيل.
وطالب بتحرك عاجل للقطاع الصحي والنقابة الوطنية للصحة العمومية، من خلال وكالة بيت مال القدس، لتقديم المساعدات الطبية والدعم الإنساني لأبناء فلسطين، مؤكدًا أن «القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعًا».
كما وجه تحية للسفير الفلسطيني جمال الشوبكي، الذي وصفه بأنه وضع الحضور في صلب معاناة الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن انخراط الحزب في هذه القضية لا رجعة فيه، وداعيًا إلى دعم المقاومة الوطنية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية.
وعلى صعيد آخر، تطرق لشكر إلى قضايا السيادة الوطنية، مشيرًا إلى أهمية ما تحقق دبلوماسيًا، خاصة في ما يتعلق بملف الصحراء المغربية. واعتبر أن التقدم يكمن في تبني خيار الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كحل نهائي للنزاع المفتعل، داعيًا مجلس الأمن الدولي إلى حسم موقفه لصالح هذا الخيار.
واقترح لشكر تنظيم ندوة بمدينة العيون بحضور مناضلي الحزب من مدن الداخلة، وبوجدور وغيرها، للتداول مع المعنيين بالحكم الذاتي، مؤكداً أن الوقت قد حان للانتقال من التدبير إلى التغيير، وفق ما دعا إليه جلالة الملك، وإخراج القضية من اللجنة الرابعة المكلفة بتصفية الاستعمار، نحو تكريس سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وفي الشأن الداخلي، استعرض لشكر أوضاع القطاع الصحي بعد جائحة كوفيد-19، مشيدًا بتضحيات الشغيلة الصحية وشهداء الواجب، ومشدداً على ضرورة إصلاح القطاع والنهوض به من خلال إنصاف الأطر الصحية وتثمين الموارد. كما حذّر من مخاطر انهيار القطاع العام نتيجة السياسات التي تدفع بالدعم نحو القطاع الخاص، وخاصة في مجال السكن.
واعتبر أن هناك كارثة ضريبية تتعلق بفرض ضرائب مرتفعة على الأراضي المجهزة للبناء، تتجاوز المعقول بأربع مرات، داعيًا إلى إعادة النظر في هذه السياسات، ومشددًا على أن الأموال المرصودة هي أموال الشعب المغربي، ويجب أن تُوظف لخدمته.
وختم لشكر كلمته بتحية لمؤتمري النقابة الوطنية للصحة العمومية، متمنيًا لهم النجاح في أشغالهم، ومؤكدًا على التزام الحزب بمواكبة مطالبهم وتطلعاتهم.
وفي كلمته الافتتاحية أكد الكاتب العام للنقابة الدكتور كريم بلمقدم أن هذا المؤتمر يُتوّج مساراً نضالياً امتدّ لـ47 سنة من العطاء والنضال، بدأ منذ تأسيس النقابة سنة 1978 ببني ملال، مذكّراً بتضحيات المؤسسين الأوائل وصمودهم في وجه القمع والاعتقالات. وفي ما يتعلق بإصلاح المنظومة الصحية، عبّر المتحدث عن التزام النقابة بمواصلة انخراطها في الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، محذراً في الوقت ذاته من التفاوت الحاصل بين مشاريع الدولة المهيكلة وسياسات الحكومة، التي وصفها بأنها تُعلي من مصالح طبقات اقتصادية معينة على حساب العدالة الاجتماعية. وأكد أن تثمين الموارد البشرية يجب أن يكون أولوية في أي إصلاح حقيقي، داعياً الحكومة للاعتراف بخصوصية القطاع الصحي وإقرار ميثاق وطني للصحة يضمن الإنصاف المجالي والاجتماعي وسهولة الولوج إلى خدمات ذات جودة.
من جهته حيى يوسف إيذي، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشعل، في كلمة ترحيبية وتقديمية لأشغال مؤتمر النقابة الوطنية للصحة جهود النقابة وكل الفاعلين الذين ساهموا في إخراج المؤتمر مشددا على انبهاره الدائم
بنضالات النقابة الوطنية للصحة وحكمة القادة المتعاقبين على قيادتها، وهو ما ساهم في إنجاح نضالاتهم على الدوام، وأضاف «كما أحيي إصرارهم على تسمية النقابة بالعضو المؤسس للفدرالية الديمقراطية للشعل، ما يؤكد الاعتزاز ببناء صرحنا النقابي الكبير» .
وأوضح إيذي أنه «لا يختلف اثنان على أهمية الموارد البشرية في قطاع الصحة ومساهمتها العملية، وكلنا نتذكر تجند كل الأطر وبالإنسانية اللازمة في تحدي الصعاب إبان فيروس كورونا، ونستحضر في المقابل الصورة السلبية حين أطلقت خراطيم المياه من طرف الحكومة في رد للجميل بطريقة سلبية وغير مفهومة لمواجهة مطالب رجال ونساء الصحة» .
وتساءل المتحدث حول أسباب الشح والبخل حين يتعلق الأمر بالشغيلة والموظفين مقابل الكرم الزائد مع «الفراقشية» والمضاربين وكل أصحاب الريع .
وأضاف في ذات الكلمة « نضم صوتنا للنقابة الوطنية للصحة من أجل النهوض بالأوضاع المادية والمعنوية للجميع، وإننا نخشى أن ما وقع في ملف التقاعد سيقع في ملف التغطية الصحية وسيتم أيضا اللجوء للزيادة في الاقتطاعات والضرائب، وهي أمور غير جدية وغير مقبولة».
وبالهتاف والحماس وشعارات داعمة للشعب الفلسطيني وضد العدوان والإرهاب المسلط عليه، تناول الكلمة سفير دولة فلسطين جمال الشوبكي والذي نقل معاناة الشعب الأعزل، وأكد قائلا: « ونحن نجتمع هنا لتثمين الكفاءات بقطاع الصحة في المغرب الشقيق يعيش قطاع غزة بالخصوص وعموم الشعب الفلسطيني أزمة حقيقية ومأساوية حيث استشهاد 51 ألف شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء و12ألف مفقود وأزيد من مائة ألف جريح، وتم توقيف أغلب المرافق بقطاع الصحة وتم تدمير أغلب المؤسسات وقتل أكثر من 1400 إطار صحي واختفاء العشرات منهم، حيث تحول الحصار إلى قتل بطيء لشعبنا وقتل بدم بارد أمام العالم «.
وأضاف الشوبكي « نحن نواجه اليوم إما الموت جوعا أو التهجير، وهي جريمة وخرق لكل المواثيق الدولية .
وكشف أن عدد الأسرى بالضفة بلغ أزيد من 10آلاف أغلبهم أطفال ونساء أبرياء.
وأشار إلى أن الصحة حق أساسي لا يتحقق إلا من خلال الحرية والديمقراطية مطالبا «من خلال مؤتمركم إسماع صوتكم من أجل حماية شعبنا وصحتنا، وأتقدم بالشكر إلى جلالة الملك على دعمه اللامحدود للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية.»
وطالبت النقابة الوطنية للصحة العمومية بإعادة الاعتبار للقطاع العام وضمان جاذبيته عبر تعزيز التمويل العمومي، وتحفيز الأطر الصحية والحفاظ على صفة الموظف العمومي، والتمسك بضمانات النظام الأساسي للوظيفة العمومية. كما انتقدت النقابة سعي الحكومة لتمرير قانون «تكبيلي» للإضراب، معتبرة إياه انتكاسة لحرية العمل النقابي، مشددة في المقابل على ضرورة إخراج قانون تنظيمي للنقابات يضع حداً للفوضى النقابية. وحذرت النقابة من الآثار السلبية لتوحيد صناديق الاحتياط الاجتماعي والإصلاح المقياسي المرتقب للصندوق المغربي للتقاعد، معتبرة ذلك تكراراً لفشل سابق سيدفع ثمنه الموظفون.
وفي حدث بارز خلال المؤتمر، تم تجديد الثقة في الدكتور كريم بلمقدم كاتبا عامًا للنقابة الوطنية للصحة العمومية، وذلك صباح يوم السبت. ويعد هذا التجديد تتويجًا لمسار قيادي حافل في خدمة الأطر الصحية والمساهمة في تعزيز دور النقابة كمدافع قوي عن حقوق العاملين في القطاع الصحي. ويُنتظر أن تواصل القيادة الجديدة تحت رئاسة بلمقدم النضال من أجل تحسين أوضاع الشغيلة الصحية، وتعزيز مكانة النقابة في الإصلاحات المرتقبة للمنظومة الصحية. وخصّ المؤتمر حيزاً للقضية الفلسطينية، إذ رحّب المشاركون بسفير دولة فلسطين وأكدوا دعمهم الثابت لما وصفوه بـ»القضية الوطنية الثانية بعد الصحراء المغربية»، مدينين العدوان الإسرائيلي على المستشفيات والمدنيين…
المؤتمر الذي يُعدّ «عرساً نضالياً وحدوياً»، حسب تعبير المنظمين، خصص لمناقشة مستقبل القطاع الصحي وموقع الأطر الصحية داخله، في ظل التحولات السياسية والاجتماعية الراهنة، على أمل بلورة خريطة طريق نقابية تستجيب لتطلعات الشغيلة الصحية.