في تصريح إعلامي حديث، أعلن رئيس المجلس البلدي لمدينة آسفي أن المدينة أصبحت رسميا ضمن شبكة اليونسكو، غير أن هذا التصريح لم يمرّ دون إثارة ردود فعل، إذ عبّرت مؤسسة حفدة القائد السي عيسى بن عمر العبدي عن استغرابها واستيائها من استمرار تهميش المعالم التاريخية التي تزخر بها مدينة آسفي، معتبرة أن الالتحاق بشبكة اليونسكو يفرض بالضرورة الاهتمام بالموروث الثقافي والمعماري للمدينة وصيانته من الإهمال والنسيان.
وأكدت المؤسسة أن من أبرز هذه المعالم قصبة القائد السي عيسى بن عمر العبدي، أحد الرموز البارزة في تاريخ إقليم آسفي والمغرب عموما، هذه القصبة العريقة التي هي ليست مجرد بناء أثري، بل هي شاهد مادي على مرحلة سياسية وإدارية مهمة من تاريخ المنطقة، إذ كانت المقرّ الإداري والسياسي الذي تُدار منه شؤون الإقليم، ومركز القرار الذي لعب دوراً محورياً في ضمان الأمن والاستقرار خلال فترة حساسة من تاريخ المغرب.
وتُعدّ القصبة من المآثر المصنّفة وطنياً ودولياً لما تمثله من قيمة معمارية وتاريخية كبيرة، إذ تجمع بين الأصالة المغربية والوظيفة الدفاعية والإدارية في آن واحد. ومع ذلك، تؤكد المؤسسة أن المعلمة تعيش منذ سنوات طويلة حالة من الإهمال والتدهور بسبب غياب برامج ترميم جدّية، وضعف إدماجه ضمن المخططات الثقافية والسياحية للمدينة. كما شددت المؤسسة على أن القائد السي عيسى بن عمر العبدي لم يكن مجرد شخصية محلية، بل كان علَماً وطنياً بارزاً عُرف بولائه للعرش العلوي وإخلاصه للملوك الذين عاصرهم، مما جعله يكسب ثقتهم ويعينوه وزيرا للبحر، وزيرا للخارجية حاليا، في عهد المولى عبد الحفيظ، إلى جانب ما قدّمه من خدمات جليلة في سبيل الحفاظ على وحدة التراب الوطني واستتباب الأمن، حيث لعب أدواراً حاسمة في إخماد الفتن والنزاعات القبلية، وساهم في ترسيخ سلطة الدولة المغربية في مناطق عبدة ودكالة.
إن الحديث عن هذا القائد، تقول المؤسسة، هو حديث عن تاريخ المقاومة والوفاء والقيادة الحكيمة، وعن مرحلة مفصلية في تاريخ المغرب الحديث، تستحق أن تُحفظ للأجيال القادمة من خلال صون معالمها وإحياء ذاكرتها المكانية. وفي ختام بيانها، وجّهت مؤسسة حفدة القائد السي عيسى بن عمر العبدي نداءً مفتوحاً إلى المجلس البلدي والجهات المسؤولة على الصعيدين الإقليمي والوطني، من أجل إدماج المآثر التاريخية ضمن برامج التنمية الشاملة، وتخصيص ميزانيات واضحة لترميمها وتثمينها، بما يتلاءم مع الطابع الثقافي والحضاري الذي تسعى آسفي إلى ترسيخه بعد انضمامها إلى شبكة اليونسكو.
وأكدت المؤسسة كذلك على أن الحفاظ على هذه المآثر لا يقتصر على البعد التاريخي فقط، بل يفتح أيضاً آفاقاً واسعة لتنمية السياحة الثقافية وجذب الزوار والباحثين والمهتمين بالتاريخ المغربي، مما سيساهم في تحريك العجلة الاقتصادية للمدينة وخلق فرص شغل جديدة. واختتمت المؤسسة بالتأكيد على أن التراث ليس ترفاً ثقافياً، بل هو هوية وانتماء، وأن الاهتمام به يُعدّ مدخلاً أساسياً لأي مشروع تنموي حقيقي يربط بين الماضي المجيد والمستقبل الواعد لمدينة آسفي.
مؤسسة حفدة القائد عيسى بن عمر العبدي تسائل المجلس البلدي لآسفي حول تهميش المآثرالتاريخية
الكاتب : محمد تامر
بتاريخ : 13/11/2025

