نائب «بامي» يتهم حزب الاستقلال بالاستحواذ على ميزانية وزارة التجهيز والماء لتحويلها إلى جماعات ذات لون سياسي واحد
تشهد الأغلبية الحكومية الحالية، المكونة من التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، مرحلة من فقدان التوازن السياسي، تتسم بصراعات معلنة وأخرى خفية، مع استعدادات مكثفة للانتخابات المقبلة. هذه الصراعات الداخلية لم تعد مجرد توترات حزبية، بل انعكست على إدارة المال العام وشفافية توزيع الموارد العمومية، ما جعل المواطن المغربي ضحية أولى لهذه الاختلالات.
وأثار تصريح أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، حول عبارة “طحن الورق”، جدلاً واسعاً، رغم محاولته تقديم العبارة على أنها مجرد مجاز لغوي. ولكن أي مراقب دقيق يرى أن الكلام صدر تحت مضلة البرلمان، ويجب النظر إليه في سياق عملي، يتعلق بمراقبة جودة الدقيق المدعّم، كميات الإنتاج المصرّح بها، وآليات صرف الدعم العمومي. ما يظهر بوضوح هو تناقض الأغلبية نفسها، حيث يدافع أحد أعضائها عن الرقابة والشفافية، بينما يسيطر حليف آخر، حزب التجمع الوطني للأحرار، على القطاعات الحيوية ذات الصلة بالدعم العمومي، ما يخلق فجوة بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني.
وفي قضية أخرى، اتهم النائب البرلماني عن الأصالة والمعاصرة، حميد وهبي، حزب الاستقلال بالاستحواذ على ميزانية وزارة التجهيز والماء المخصصة لمشاريع الطرق بإقليمي أكادير وتارودانت، مشيراً إلى أن حوالي 90% من الميزانية تم تحويلها إلى جماعات ذات لون سياسي واحد، بينما بقية الجماعات محرومة من الحق في التنمية والبنية التحتية. هذه الاتهامات تكشف عن الصراع الداخلي بين شركاء التحالف الثلاثي، حيث يسعى كل طرف للهيمنة على الموارد لضمان ولاء الجماعات المحلية، ما يعكس عدم قدرة الأغلبية على التنسيق الفعّال وتحقيق العدالة المجالية.
حتى تصريحات أحد وزراء التحالف، الذي تساءل أمام البرلمان “هل بقيت وحدي ضمن الأغلبية الحكومية؟”، تؤكد أن ما يبدو أحياناً مجرد مجاز لغوي هو في الواقع انعكاس حقيقي لفقدان التوازن داخل التحالف الثلاثي، حيث تتصارع الأحزاب الحليفة على النفوذ والمناصب والموارد، ما يضع الحكومة تحت ضغط متزايد ويزيد من معاناة المواطن المغربي.
المحصلة أن المواطن يعيش اليوم واقعاً مزدوجاً: اختلالات واضحة في إدارة الدقيق المدعّم، واستحواذ حزبي على ميزانيات المشاريع العمومية، في وقت يفترض أن تكون الحكومة مثالاً للشفافية والعدالة المجالية. الوضع يستدعي مساءلة عاجلة للمال العام، تحريك النيابة العامة، وتشكيل لجان تحقيق مستقلة لضمان توزيع الدعم والمشاريع على جميع المواطنين دون أي تحيّز حزبي، ولإعادة ثقة المواطن في قدرة الحكومة على إدارة الموارد العمومية بمسؤولية وحياد.
بعض المتتبعين، أشاروا في أحاديث جانبية ل”الاتحاد الاشتراكي” بان التحالف الحكومي، مقبل على أزمة عميقة بمناسبة دراسة والتصويت على الميزانيات الفرعية وما تبقى من مشاريع قوانين على الطاولة والتي خضعت في السنوات الماضية لمنطق التضامن في حين كل حزب انفرد بقطاعات وقوانين معينة.
وكشفت نفس المصادر أن هذه الممارسات تذهب في اتجاه “بلوكاج” عام لا تستحمل كلفته الزمنية والسياسية بلادنا المنفتحة على انتخابات قريبة ومشاريع وطنية تاريخية ليبقى السؤال هل أخلفت الأغلبية موعدها مع التاريخ.

