ما دلالة دعوة مجرم الحرب نتنياهو للتحدث أمام الكونغرس الأمريكي؟

 

نشرت مجلة «ذا نيشن» تقريرًا يسلط الضوء على دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتحدّث أمام الكونغرس الأمريكي، مؤكدًا على نفاق القادة الأمريكيين من الحزبين الذين دافعوا عن نتنياهو رغم أنه مجرم حرب يواجه احتمالية توجيه أمر القبض عليه من قِبل المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت المجلة إن النائبة الأمريكية ديليا راميريز، وهي نائبة ديمقراطية برزت كواحدة من أكثر المدافعين المثابرين عن حقوق الإنسان الدولية في الكابيتول، ردت على قرار قادة مجلسي النواب والشيوخ بدعوة بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس بملاحظة تلخص تخلي كبار الجمهوريين والديمقراطيين عن ضميرهم وفشلهم في محاسبة رئيس الوزراء الإسرائيلي على العدوان على غزة الذي أودى بحياة ما يقرب من 37,000 فلسطيني من الرجال والنساء والأطفال.
وقالت راميريز إن إلقاء مجرم حرب كلمة أمام الكونغرس يوم الخميس الـ13 من الشهر الجاري أشبه بحبكة ملتوية لفيلم رعب سيئ، وسط تقارير صحفية تفيد بأن نتنياهو قد قبل دعوة من رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لإلقاء كلمة أمام السلطة التشريعية.
وأشارت المجلة إلى أن التقارير ذكرت في البداية أن خطاب نتنياهو سيُلقى في 13 يونيو، لكن هذا يوم عطلة يهودية، لذا فإنه سارع مكتب جونسون إلى اختيار موعد جديد، وفي وقت متأخر من يوم الخميس، تم الإعلان عن الموعد الجديد: 24 يوليوز.
إن تغيير الجدول الزمني لا يغير حقيقة أن الخطاب يقلق أعضاء الكونغرس الذين يحترمون سيادة القانون ويريدون تحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط، فنتنياهو، المنبوذ سياسيًا والمبتلى بالفضائح، والذي أشعل عقابه الجماعي للمدنيين في غزة احتجاجات في إسرائيل وحول العالم، يواجه احتمال الملاحقة الجنائية على أفعاله؛ حيث أشار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 20 ماي إلى سعيه لإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وذلك في إطار ملاحقة قضائية أوسع نطاقًا تستهدف أيضًا وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت وثلاثة من قادة حركة حماس.
وقد هاجم معظم المسؤولين الأمريكيين المحكمة، بمن فيهم الرئيس بايدن، بدلًا من الرد باحترام القانون الدولي ودور المحكمة الجنائية الدولية الحيوي في دعم حقوق الإنسان. وتحرك الجمهوريون في الكونغرس لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية؛ حيث أعلن رئيس مجلس النواب جونسون أنه يجب معاقبة المحكمة على هذا العمل، وفي يوم الثلاثاء، وافق مجلس النواب على هذه العقوبة التي من شأنها إلغاء التأشيرات الأمريكية للمسؤولين المرتبطين بالمحكمة الدولية ومنع دخول محامي المحكمة الجنائية الدولية وغيرهم إلى الولايات المتحدة.
وفي رفضٍ موازٍ لسلطة المحكمة الجنائية الدولية، التي لم تتبنها الولايات المتحدة بشكل رسمي قط؛ فقد وجّه قادة الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين الدعوة إلى نتنياهو.
وأوضحت المجلة أنه سيتحتم على الأعضاء المسؤولين في الكونغرس أن يتعاملوا مع الظرف المخزي الذي سيحدث إذا وصل نتنياهو إلى واشنطن، هل سيشاركون في احتجاج رمزي على ظهوره؟ هل يريدون مقاطعته؟ وما هي الاعتراضات المحددة التي يريدون إثارتها في الوقت الذي أثارت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة رفح في غزة رعب حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن عن وجوب وقف هذه العمليات، ودعا إلى «الاحترام الكامل للقانون الدولي والوقف الفوري لإطلاق النار».
وبحسب النائب الأمريكي مارك بوكان، وهو أحد أكثر المنتقدين لنتنياهو ولسياسات الولايات المتحدة بشأن فلسطين، فإنه يجب الضغط على نتنياهو للجلوس مع أعضاء الكونغرس ومواجهة أسئلة صريحة حول أفعاله.
وأفادت المجلة بأنه من المرجح أن قادة المجلسين سيحمون نتنياهو من أي مساءلة، رغم احتمالية أن يحدث نوع من الاحتجاج داخل الجلسة، كما أن هناك احتمالا لحدوث احتجاجات ومؤتمرات صحفية تدين ظهور نتنياهو خارج مبنى الكابيتول، وقد يغتنم بعض الأعضاء الفرصة للتعبير عن اعتراضات واضحة على الدعوة وعلى سياسات نتنياهو.
وذكرت المجلة أن آخر مرة خاطب فيها نتنياهو الكونغرس كانت في سنة 2015، عندما دعاه الجمهوريون في وقت تصاعدت فيه التوترات بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما بشأن المفاوضات الأمريكية مع إيران، واختار ما لا يقل عن 50 عضوًا ديمقراطيًا في مجلس النواب وثمانية أعضاء في مجلس الشيوخ عدم حضور الجلسة، والجدير بالذكر أن نائب الرئيس آنذاك، جو بايدن، لم يحضر الخطاب أيضًا.
وقد أشار العديد من الأعضاء الديمقراطيين الرئيسيين في الكونغرس إلى أنهم في الغالب لن يحضروا خطاب نتنياهو هذه المرة، بما في ذلك النائب عن ولاية ماساتشوستس جيم ماكغفرن، وهو نائب ديمقراطي بارز في لجنة القوانين في مجلس النواب وأحد أكثر المدافعين المتحمسين عن حقوق الإنسان في المجلس؛ حيث أفاد ماكغفرن، الذي قاطع ظهور نتنياهو في 2015، أنه سيبتعد عن خطاب هذه السنة أيضًا، موضحًا أنه يتمنى لو لم يحدث ذلك.
وأضافت المجلة أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الذين لن يرحبوا بنتنياهو هو عضو مجلس الشيوخ المستقل عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، والذي أعلن – فور قبول رئيس الوزراء الدعوة – أنه لن يحضر بالتأكيد، وأن نتنياهو مجرم حرب لا ينبغي دعوته لإلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونغرس.
وأضاف ساندرز أن «إسرائيل كان لها الحق في الدفاع عن نفسها إلا أنها لا تملك الحق في خوض الحرب ضد الشعب الفلسطيني برمته، ولا يحق لها أن تقتل أكثر من 34 ألف مدني وتجرح أكثر من 80 ألفاً، ولا يحق لها أن تيتم 19000 طفل، ولا يحق لها تهجير 75 بالمائة من سكان غزة من منازلهم». ولا يحق لها تدمير ما يزيد على الـ 60 بالمائة من المساكن في غزة، ولا يحق لها تدمير البنية التحتية المدنية في غزة، وطمس شبكات المياه والصرف الصحي، وحرمان سكان غزة من الكهرباء. ولا يحق لها تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، وإخراج 26 مستشفى من الخدمة وقتل أكثر من 400 عامل في مجال الرعاية الصحية، ولا يحق لها قصف 12 جامعة و56 مدرسة في غزة، أو أن تحرم 625 ألف طفل في غزة من فرصة التعليم.
وتابع بأنها لا تملك الحق في منع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى سكان غزة اليائسين، ما يخلق الظروف الملائمة للمجاعة، وليس من حقها أن تحكم على مئات الآلاف من الأطفال بالموت جوعا، وهذا انتهاك واضح للقانون الأمريكي والدولي.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التصريح أثار توبيخًا من رئيس مجلس النواب جونسون، الذي اتهم ساندرز بـ»ترديد حديث حماس كالببغاء»، مؤكدًا أن على الديمقراطيين أن يختاروا بين الوقوف إلى جانب أهم حليف لهم في الشرق الأوسط كما جرت العادة في واشنطن أو الانحياز إلى جانب حماس وآيات الله – إيران -.
وكان جونسون مخطئًا بشكل كبير، فساندرز أمريكي يهودي فقد الكثير من أفراد عائلته الممتدة في المحرقة وعاش ذات مرة في مستوطنة إسرائيلية، وهو ناقد ثابت لحماس، واصفًا إياها بأنها منظمة إرهابية، واعتراضاته على سياسات نتنياهو تحاكي اعتراضات عدد متزايد من قادة العالم من الدول التي كانت تاريخيًا متعاطفة مع إسرائيل، بالإضافة إلى جماعات أمريكية مثل «حاخامات من أجل وقف إطلاق النار» و»الصوت اليهودي من أجل العمل من أجل السلام» التي وصفت الدعوة بأنها «تصرف آخر مثير للغضب من قيادة الكونغرس يظهر دعمهم الكامل للإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني».
وقد رد ساندرز ردًا لاذعًا على جونسون في خطاب ألقاه في مجلس الشيوخ، مؤكدًا أنه عند التفكير في الحكمة من دعوة السيد نتنياهو لإلقاء كلمة أمام مجلسي الكونغرس يجب تذكر أن حكومته تعمدت منع وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة اليائسين، الأمر الذي خلق فوق كل شيء آخر ظروف المجاعة.
مضيفًا أن منع المساعدات الإنسانية وخلق الظروف المواتية للمجاعة ليس فقط عملاً بالغ القسوة ولكنه انتهاك للقانون الأمريكي والدولي وجريمة حرب.
واختتمت المجلة التقرير بقول ساندرز، وهو يعرض صورًا لأطفال غزة الذين يعانون من سوء التغذية، إنه يود إخبار رئيس مجلس النواب جونسون أنه عندما يحضر حفلات عشاء جمع التبرعات مع أصدقائه المليارديرات، ويأكلون شرائح اللحم الفاخرة وغيرها من الأطعمة الرائعة، يجب أن يتذكروا هذه الصور من غزة، واختتم السيناتور كلامه معلنًا بهدوء أن هؤلاء الأطفال وآلافا آخرين هم نتيجة مباشرة لسياسات نتنياهو، الرجل الذي دعاه رئيس مجلس النواب جونسون لمخاطبة الكونغرس.
نتنياهو كارثة.. وهدفه تجنب السجن

من جهتها، نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية مقال رأي للكاتب أرييل إيمانويل تحدث فيه عن أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يعتبر كارثة لإسرائيل، حيث فشل كقائد في أوقات الحرب، ولا يملك خطة لتأمين السلام، وهدفه الوحيد البقاء في السلطة وتجنب السجن.
وقال الكاتب إن اليهود في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم لديهم أيضًا مصلحة، ولا يجب عليهم مواصلة الصمت.
وكيهودي، يرى الكاتب أنه لا يمكن لليهود أن ينسوا أبدًا أنه يجب عليهم الدفاع عن أنفسهم – وماذا يحدث عندما لا يفعلون ذلك. ومن أجل أمن إسرائيل ومن أجل الأبرياء على الجانبين، لا بد أن تنتهي هذه الحرب ـ وليس القتال في غزة فحسب بل الصراع الأوسع مع الفلسطينيين أيضا. وكما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد مؤخرا، إذا كانت إسرائيل تريد أن تظل أقوى دولة في الشرق الأوسط، فيتعين عليها أن «تظل أقوى ديمقراطية في الشرق الأوسط». وللقيام بذلك، عليها أن «تبدأ الرحلة الطويلة» للانفصال عن الفلسطينيين.
وأورد الكاتب أن وجود دولتين لشعبين، مع الأمن والكرامة للجميع، أمر ضروري لبقاء إسرائيل على المدى الطويل كدولة يهودية ديمقراطية. وسيتطلب تحقيق هذه الغاية مفاوضات شاقة – لكن هذا ممكن. والعنصر الأساسي هو وجود قادة أقوياء وحكماء على كلا الجانبين. ولسوء الحظ، لا وجود لمثل هذا النوع من القادة في الوقت الحالي.
وحسب الكاتب، يعتبر نتنياهو نرجسيا، فقد فشل بشكل مذهل في الحفاظ على سلامة الإسرائيليين. قبل السابع من أكتوبر، قال إن هدفه هو تمكين حماس في غزة من أجل تقويض السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ومعها فرص التوصل إلى حل الدولتين. لذلك، سمح بتدفق مئات الملايين من الدولارات من قطر إلى حماس.
لقد فشل نتنياهو كزعيم في زمن الحرب. ليس من المستغرب أن تعود حماس إلى الظهور مرة أخرى في مناطق غزة التي تم تطهيرها بالفعل ذات مرة، لأن نتنياهو ليس لديه خطة ورفض تعلم دروس من الصراعات السابقة، بما في ذلك حربا أمريكا في العراق وأفغانستان.
ليس لدى نتنياهو خطة لكيفية إنهاء الحرب أو تأمين السلام لأن هذا ليس هدفه. ولديه خطة واحدة فقط، وهي حرب لا نهاية لها حتى يتمكن من البقاء في منصبه والخروج من السجن. وهو، حتى الآن، ناجح في ذلك.
وأشار الكاتب إلى أن السيناتور الأمريكي تشاك شومر كان على حق عندما قال إن «إسرائيل لا تستطيع البقاء إذا أصبحت منبوذة». ولكن هذا ما يحدث.
وذكر الكاتب أن والده كان يقول: «إنه يدمر سمعة الشعب اليهودي في العالم، هذا هو نتنياهو. إنه يلحق ضررا دائما بإسرائيل وباليهود في كل مكان». ليس هناك تناقض في قول إنه لا بد لإسرائيل أن تفعل كل ما بوسعها لتحرير الرهائن وتدمير حماس، في حين تسعى أيضاً إلى تقليص الخسائر في صفوف المدنيين في غزة، ووقف عنف المستوطنين، وملاحقة حل الدولتين.
يمكننا أن نحزن على مقتل الفلسطينيين الأبرياء وأن ندين معاداة السامية أينما كانت. وهذه كلها أسباب مجردة وكلها مترابطة. ولكن لن يحدث أي من ذلك في ظل وجود زعيم أناني فاشل وغير كفء على رأس السلطة لذلك يجب على نتنياهو أن يرحل،


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - وكالات

  

بتاريخ : 10/06/2024