مباحثات هاتفية بين جلالة الملك والرئيس النيجيري

تحديات هائلة تواجه القادة الجدد للجيش في‮ ‬نيجيريا‮ ‬

 

يعطي‮ ‬تعيين قادة جدد للجيش في‮ ‬نيجيريا بارقة أمل في‮ ‬بلد تمزقه نزاعات عديدة،‮ ‬لكن التحديات الأمنية كبيرة على الأرض‮ ‬يبدو أن تخطيها سيكون صعبا‮ .‬
واستبدل الثلاثاء كل من قائد القوات البرية والجوية والبحرية ورئيس هيئة الأركان،‮ ‬كاستجابة لأشهر من التدهور الخطير للوضع في‮ ‬كافة أنحاء أكبر بلد إفريقي‮ ‬من حيث عدد السكان‮.‬
وقال لفرانس برس إيكيميسيت إيفيونغ‮ ‬مدير الأبحاث في‮ ‬شركة الاستشارات الأمنية‮ «‬اس بي‮ ‬أم انتليجنس‮» ‬إن‮ «‬نيجيريا في‮ ‬وضع هش‮. ‬تواجه كل مناطق البلاد تحديات أمنية تهدد تقريبا وجودها‮».‬
يواجه الجيش الذي‮ ‬يعاني‮ ‬من نقص تمويل ومن الضغط في‮ ‬مناطق البلاد الأربع،‮ ‬تمردا جهاديا داميا منذ أكثر من عشر سنوات في‮ ‬الشمال الشرقي،‮ ‬ومجموعات إجرامية منظمة في‮ ‬الشمال الغربي‮ ‬والجنوب الشرقي‮ ‬الغني‮ ‬بالنفط‮.‬

 

 

‮ ‬وأعلن الرئيس النيجيري‮ ‬محمد بخاري‮ ‬عن تعديل مفاجىء في‮ ‬قيادات الجيش استبدل بموجبه كبار المسؤولين العسكريين،‮ ‬بعد أشهر من الضغوط بسبب الأمن المتدهور في‮ ‬البلاد‮.‬
وبخاري‮ ‬الجنرال السابق كان قد تعهد عند وصوله الى السلطة في‮ ‬انتخابات عام‮ ‬2015‮ ‬بسحق التمرد الجهادي‮ ‬في‮ ‬شمال شرق نيجيريا،‮ ‬لكن قواته المسلحة تعاني‮ ‬في‮ ‬حربها ضد المسلحين‮.‬
وقال بيان صادر عن الرئاسة إن‮ “‬الرئيس بخاري‮ ‬قبل الاستقالة الفورية لقادة الجيش‮”‬،‮ ‬في‮ ‬إشارة إلى رئيس الأركان وقادة سلاح الجو والبر والبحرية‮.‬
ولم‮ ‬يوضح البيان أسباب هذا التدبير،‮ ‬لكنه جاء بعد أن تلقى الجيش النيجيري‮ ‬سلسلة من الضربات الموجعة‮.‬
وكان قادة المعارضة وحتى بعض حلفاء بخاري‮ ‬يضغطون على حكومته من أجل تجديد القيادة العسكرية‮.‬
ويحارب الجيش النيجيري‮ ‬منذ نحو عقد تمردا تشنه جماعة بوكو حرام الإسلامية أسفر عن مقتل‮ ‬36‮ ‬ألف شخص على الأقل وتشريد أكثر من مليونين،‮ ‬إضافة الى الدمار الكبير الذي‮ ‬ألحقه في‮ ‬مناطق عديدة في‮ ‬شمال شرق البلاد‮.‬
كما كثف‮ “‬تنظيم الدولة الإسلامية في‮ ‬غرب إفريقيا‮” ‬الذي‮ ‬انشق عن بوكو حرام عام‮ ‬2016‮ ‬هجماته الدامية في‮ ‬السنوات الأخيرة على قواعد عسكرية‮.‬
وتشهد البلاد أيضا نزاعا آخر آخذا في‮ ‬التوسع بين مزارعين مسيحيين ورعاة رحل معظمهم من المسلمين اسفر عن مقتل الآلاف‮.‬
والشهر الماضي‮ ‬خطف مسلحون مئات من الطلاب في‮ ‬ولاية كاتسينا الشمالية الغربية،‮ ‬مسقط بخاري،‮ ‬قبل أن‮ ‬يتم اطلاق سراحهم في‮ ‬وقت لاحق،‮ ‬لكن الحادث تسبب باحراج كبير للسلطة وقوبل المسؤولون الحكوميون بالغضب والاستهجان عند زيارتهم المنطقة‮.‬
ومن بين المعينين الجدد الجنرال ليو ايرابور في‮ ‬رئاسة الأركان والجنرال ابراهيم اتاهيرو في‮ ‬قيادة الجيش‮.‬
ووصف سكان محليون في‮ ‬مناطق الشمال الشرقي‮ ‬الرجلين بأنهما قائدان ميدانيان سابقان‮ ‬يعرفان التضاريس والتمرد جيدا‮.‬
وقال ادايات حسن مدير مركز أبوجا للديموقراطية والتنمية‮ “‬أعتقد أن التغيير سيكون له تأثير على الأرض‮”‬،‮ ‬مضيفا‮ “‬رئيس الأركان الجديد متمرس على الأرض منذ سنوات‮”.‬
أواخر العام الماضي،‮ ‬انتقد باباغانا زولوم حاكم ولاية بورنو الشمالية الشرقية وهو حليف لبخاري‮ ‬الجيش بشكل علني،‮ ‬وذلك بعد ازدياد العنف وعمليات الخطف على الطرق السريعة في‮ ‬ولايته التي‮ ‬تعد مهد جماعة بوكو حرام‮.‬
وقال للصحافيين‮ “‬إذا لم‮ ‬يتمكن الجيش من حماية الأشخاص الذين‮ ‬يسافرون على مسافة‮ ‬20‮ ‬كيلومترا فقط فلا‮ ‬يمكنني‮ ‬أن أتوقع قدرة الجيش على إنهاء هذا التمرد في‮ ‬أي‮ ‬وقت قريب‮”.‬
ومنذ بداية العام قتل مسلحون ما لا‮ ‬يقل عن‮ ‬19‮ ‬جنديا في‮ ‬هجوم انتحاري‮ ‬وكمين منفصل استهدف قافلة عسكرية في‮ ‬الشمال الشرقي‮.‬
وفي‮ ‬أحدث هجوم كبير لهم هذا الشهر،‮ ‬استولى متشددو تنظيم الدولة الاسلامية في‮ ‬غرب افريقيا لفترة وجيزة على قاعدة عسكرية في‮ ‬ولاية بورنو‮.‬
ويقيم التنظيم معسكرات على جزر في‮ ‬بحيرة تشاد،‮ ‬حيث تلتقي‮ ‬حدود نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد،‮ ‬والمنطقة معروفة بأنها معقل الجماعة‮.‬
وقبل أسبوع هاجم الجهاديون قاعدة مارتي‮ ‬لكن تم صدهم،‮ ‬ما دفعهم إلى حشد مزيد من المقاتلين لشن هجوم ليلي‮.‬
وقالت مصادر عسكرية‮ ‬يومها إن الهجوم كان بمثابة استعراض للقوة بعد الخسائر الأخيرة للمسلحين،‮ ‬خصوصا بعد سيطرة الجيش على ثاني‮ ‬أكبر معسكر تابع للتنظيم في‮ ‬قرية تالالا‮.‬

مواجهة الانفصال في‮ ‬بيافرا

ويتصدى الجيش أيضا لمحاولات انفصالية في‮ ‬بيافرا سابقا‮ (‬جنوب شرق‮)‬،‮ ‬وتزايد مهول للخطف مقابل فدية في‮ ‬كافة أنحاء البلاد،‮ ‬وتصاعد كبير في‮ ‬القرصنة في‮ ‬المياه المقابلة لسواحلها والتي‮ ‬أصبحت في‮ ‬السنوات الأخيرة من بين الأخطر في‮ ‬العالم‮.‬
يرى المحلل في‮ ‬معهد‮ “‬توني‮ ‬بلير للتغيير العالمي‮” ‬بولاما بوكاري‮ ‬أن هذه التعديلات في‮ ‬قمة المؤسسة العسكرية تشكل خطوة مهمة في‮ ‬اتجاه إحداث تغيير في‮ ‬الأوضاع على الرغم من أنها لن تغير المعادلة على الفور‮.‬
وقال‮ “‬رأينا العسكريين على الأرض‮ ‬يفقدون الثقة بقيادتهم،‮ ‬وبشكل أشمل النيجيريين أيضا‮ … ‬في‮ ‬الحرب،‮ ‬معنويات الجنود،‮ ‬ودعم الرأي‮ ‬العام،‮ ‬توازي‮ ‬المعارك أهمية‮ “.‬
استقبل خبر التعديلات بارتياح في‮ ‬مايدوغوري‮ ‬عاصمة ولاية بورنو التي‮ ‬تشكل منذ عام‮ ‬2009‮ ‬بؤرة التمرد الجهادي‮ ‬في‮ ‬البلاد‮. ‬وأكد كياري‮ ‬شريف أحد التجار من المدينة لفرانس برس،‮ ‬ساعات بعد إعلان الخبر،‮ “‬هذا‮ ‬يوم احتفال في‮ ‬مايدوغوري‮. ‬الجميع سعداء‮”.‬
وانتخب الرئيس محمد بخاري،‮ ‬الجنرال السابق الذي‮ ‬قاد انقلابا في‮ ‬الثمانينات،‮ ‬عام‮ ‬2015‮ ‬على وعد سحق التمرد الجهادي‮ ‬الذي‮ ‬أسفر حتى الآن عن مقتل‮ ‬36‮ ‬ألف شخص على الأقل ونزوح مليونين‮.‬
لكن وبعد ست سنوات على انتخابه،‮ ‬لا‮ ‬يزال تنظيما بوكو حرام والدولة الإسلامية في‮ ‬إفريقيا الغربية‮ ‬يسيطران على مناطق ريفية شاسعة وطرق استراتيجية‮ ‬يقومون من خلالها بهجمات وعمليات خطف لجنود ومدنيين وأعضاء في‮ ‬منظمات‮ ‬غير حكومية‮.‬
يعتبر إدايات حسن من مركز‮ “‬الديموقراطية والتنمية‮” ‬في‮ ‬أبوجا أنه‮ “‬يتعين القيام بمراجعة شاملة لاستراتيجية مكافحة التمرد‮”.‬
وفي‮ ‬العام‮ ‬2019،‮ ‬اعتمد الجيش‮ “‬استراتيجية المعسكرات الكبرى‮”‬،‮ ‬التي‮ ‬تهدف إلى تقليص عدد القواعد العسكرية الصغيرة للاستفادة من تلك الأكبر حجما والأكثر أمنا‮ .‬
وفي‮ ‬هذا الصدد،‮ ‬يرى بولاما بوركاري‮ ‬أن‮ “‬الجيش أراد تقليص عدد الضحايا من العسكريين،‮ ‬لكن ذلك أعطى المتمردين مزيدا من حرية الحركة‮”.‬
منذ وصول بخاري‮ ‬إلى السلطة،‮ ‬ساد انعدام الأمن كافة أنحاء البلاد تقريبا‮ . ‬وينتشر الجيش في‮ ‬35‮ ‬ولاية من أصل‮ ‬36‮.‬
وفي‮ ‬الشمال الغربي،‮ ‬حيث ترهب عصابات إجرامية السكان بالنهب والاغتصاب والخطف،‮ ‬تعرضت السلطات لضربة قوية في‮ ‬دجنبر مع خطف‮ ‬340‮ ‬تلميذا في‮ ‬ولاية كاتسينا التي‮ ‬يتحدر منها بخاري،‮ ‬وفيما كان‮ ‬يجري‮ ‬زيارة للمنطقة‮. ‬وأفرج عن التلاميذ في‮ ‬وقت لاحق‮.‬

امتد الخطر أيضا إلى السواحل والمياه النيجيرية حيث تشن تنظيمات إجرامية هجمات على سفن وتقوم بخطف بحارة مقابل فدية‮.‬
ووقعت في‮ ‬خليج‮ ‬غينيا المحيط بنيجيريا نحو‮ ‬95٪‮ ‬من إجمالي‮ ‬عمليات الخطف البحرية التي‮ ‬رصدت في‮ ‬العالم في‮ ‬عام‮ ‬2020،‮ ‬وفق المكتب البحري‮ ‬الدولي‮.‬
وأوضح لفرانس برس مونرو أندرسون من مؤسسة‮ “‬درايد‮ ‬غلوبال‮” ‬لتقييم المخاطر البحرية أنه‮ “‬ينبغي‮ ‬على نيجيريا أن تقوم بخيارات كبرى بشأن أولوياتها الاستراتيجية‮”.‬
وأضاف‮ “‬مع عبور نسبة‮ ‬80٪‮ ‬من التجارة النيجيرية عبر البحر،‮ ‬تواجه نيجيريا خيارا صعبا بين تأمين الطرق التجارية الحيوية لها وتأمين معقلها السياسي‮ ‬في‮ ‬الشمال‮”.‬
وستكون للاستجابة لهذه التحديات نتائج هائلة،‮ ‬فانعدام الأمن العام‮ ‬يزيد من تركيز النشاط الاقتصادي‮ ‬في‮ ‬العاصمة الاقتصادية لاغوس،‮ ‬ويزيد من حدة التفاوتات بالنسبة لبقية أنحاء البلاد،‮ ‬ومن النزوح نحو لاغوس التي‮ ‬يبلغ‮ ‬عدد سكانها‮ ‬20‮ ‬مليون نسمة‮.‬
حاليا‮ ‬،‮ ‬يعيش نحو نصف النيجيريين الـ200‮ ‬مليون بما دون‮ ‬1‭,‬90‮ ‬دولارا في‮ ‬اليوم‮. ‬وتضم البلاد،‮ ‬مع الهند،‮ ‬العدد الأكبر من الفقراء في‮ ‬العالم‮.‬


بتاريخ : 02/02/2021