متابعات :  خمس سنوات من تجربة «دار الشعر بمراكش» مداخلات، شهادات ومقاربات

دار الشعر بمراكش تفتح ديوانها الخامس

نظمت دار الشعر بمراكش لقاء خاصا، احتفاء بالذكرى الخامسة لتأسيسها، السبت 25 شتنبر بإحدى القاعات الفندقية بمدينة مراكش. شارك في هذا اللقاء، ثلة من الشعراء والنقاد والإعلاميين المغاربة في سعي لاستقصاء تجربة دار الشعر والشعراء، وتمثل استراتيجيتها وعرض لإحصائيات ومعطيات تخص برمجتها الشعرية والثقافية خلال الخمس سنوات الماضية، وتقديم رؤى وتصورات تستشرف المستقبل.
الدرس الاحتفائي، الذي قدمته الناقدة الدكتورة حورية الخمليشي، حول موضوع «الشعر وحوارية الفنون: من خلال تجربة دار الشعر بمراكش»، تلاه تقديم شهادات ومداخلات لنخبة من النقاد والشعراء والإعلاميين: الناقد الدكتور اسليمة أمرز، الشاعر إسماعيل زويريق، الإعلامية والشاعرة فتيحة النوحو. ليختتم اللقاء بعرض «معطيات وإحصائيات».. حول تجربة دار الشعر بمراكش (2017-2021)» قدمه الشاعر والإعلامي عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، ومداخلة للأستاذ رشيد المسطفى، قسم التعاون الثقافي بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، وفيديو ضم شهادات لمجموعة من الشعراء والنقاد والفنانين والاعلاميين والمثقفين من مختلف أنحاء المغرب والعالم العربي .
حرية الخمليشي تستقرئ الشعر وحوارية الفنون
توقفت الناقدة الدكتورة حورية الخمليشي، عند موضوع «الشعر وحوارية الفنون»، من خلال تمثلها لتجربة دار الشعر بمراكش، والتي هنأتها على «النجاح والتميّز في نشر الثقافة الشعريّة على نطاق واسع في زمن تسوده قِيَم لاشعريّة، وعلى طرح السؤال الشعري في الفكر والفلسفة والمشترك الإنساني زمن انهيار القيَم الإنسانيّة، وبانفتاح الدار على مختلف التجارب الشعريّة وخاصة فئة الشباب. فعبر العديد من برامجها الشعرية والثقافية، استطاعت الدار أن تفتح هذا البعد الحواري والتواشج الخلاق بين الشعر والفنون (التشكيل والمسرح وفن «الحلقة»)، ومن خلال فقرات انفتحت من خلالها على الفنون الأدائية.
إن التواشج بين الشعر والفن، تؤكد الناقدة الخمليشي، «نابع من تعبير كلّ منهما عن تجارب إنسانيّة وعن المشترك الإنساني الذي يتجاوز الحدود الزمانيّة والمكانيّة، فكلاهما تمثّلٌ للعالم.
الخمليشي خلصت في مداخلتها الى إن حداثة القصيدة العربيّة، رهينة بمدى انفتاحها على شعريات العالم وعلى الفنون. فبين الشعري والفني تحضر القصيدة ويحضر الفن بكل أنواعه.
إسماعيل زويريق يشيد بمبادرة تأسيس بيوت الشعر العربية
في كلمته أكد الشاعر اسماعيل زويريق، أن دار الشعر بمراكش، منذ تأسيسها سنة 2017، «وضعت نصب عينيها دعم الثقافة العربية بكل مكوناتها الإبداعية، بالأخص منها ما يتعلق بديوان العرب، وأيضا، ومن خلال برامجها الوارفة لا تعكس إلا ما تحمله من أفكار بانية، لنشر كل ما يتعلق بالشعر إبداعا ونشرا وتحليلا ونقدا، معتبرا أن دار الشعر بمراكش محطة مهمة «من المحطات التي أعطت للقصيدة ألقا جديدا يتجاوز كل تصور ينبني على التكرار. لقد استطاعت الدار أن تتفرد، «بما لا يسعف سواها أن يكون»، وقد ساعدها على ذلك أن مراكش هي مدينة الشعر بامتياز. فأول شاعر مغربي أخرج ديوانه سنة 1936 (الشاعر عبدالقادر حسن)، أول شاعرة عرفها الشرق من هذه المدينة، الشاعرة مليكة العاصمي، وأول شاعر مشهور عربيا هو شاعر الحمراء، وأول شاعر ناضل وقاوم الاستعمار بالقافية هو الحبيب الفرقاني».
وأضاف زويريق أنه إذا كانت الشارقة قد خططت لمشروع شعري كبير، فدار الشعر بمراكش جاءت «بتلك الحمولة المنبثقة عن تخطيط مسبق… دار نشيطة بكل المعايير أكثر من ثلاثين نافذة تنفتح على أفق لا تحده ضفاف تصل في نهاية كل سنة بمهرجان شعري حافل بسمة التعدد والاختلاف ويضم كل الحساسيات الشعرية».
فتيحة النوحو: مختبر تجريبي لحدائق الشعر الوارفة

نوهت الشاعرة والإعلامية فتيحة النوحو إلى أن «البذرة الراشدة والمؤسساتية» لتأسيس دار الشعر بمراكش،  «في إطار تعاون مسؤول بين وزارة الثقافة ودائرة الثقافة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وإدارة الدار التي يدبرها ملم بالمشهد الثقافي المغربي»، هو ما جعل من هذه العوامل مجتمعة ومن «فناء الدار تربة ولادة تزهر أصصا على  نوافذ شعرية، وتنثر أريجها  في حدائق النظم  عبر نزهات مجازية»، مضيفة أن الدار مختبر تجريبي الذي لا يستكين لنمطية ولا ترتكن لنهج، بل تغرف من معين الثراء والتنوع الذي تزخر به الأصوات  الشعرية المغربية، من خلال الانفتاح على حساسيات وأجيال  ولهجات  الوطن المتعددة، من القصيدة للزجل مرورا بالنظم  لأنظام الأمازيغي وانتهاء بلغن الحساني، إذ شدت الدار الرحال الى مناطق  بعيدة عن مراكش، لتفسح المجال ليس  فقط لصدى الأصوات  بل لمتلق ولصاغ  متعطش لسماع الشعر، منوهة بمبادرات « شعراء مسرحيون»، «حكواتيون شعراء»، «شعراء تشكيليون». كما استطاعت الدار أن ترعى كل الأعمار بما فيها الأطفال واليافعين من خلال إشراكهم في ورشات الصنعة الشعرية.
اسليمة أمرز: خمس سنوات من الوهج
اختار الناقد الدكتور اسليمة أمرز، أحد الوجوه النقدية اللافتة في الصحراء المغربية، أن يتوقف عند تجربة وسمها ب «التميز والتفرد التي رسمته دار الشعر بمراكش من بين بقية الدور، حيث وسمت برامجها واستراتيجيتها الثقافية بالشمولية .. شمولية الجغرافيا الابداعية في ربوع المغرب»، مؤكدا أن الدار استطاعت الانفتاح على شعراء وشواعر المغرب عموما، والصحراء على وجه الخصوص، وهو ما جعله يستشعر «بعض الأمان والطمأنينة على القصيدة الحسانية والفصيحة كما قريناتها بالأنساق اللغوية الأخرى، التي تؤثث مشهدنا الثقافي المغربي بميسمها الخاص».  ونوه الناقد بأن المغرب الثقافي شهد أربعة مواسم ثقافية مفعمة بروح الجنوب، حيث يمتزج رواد القصيدة من أوفياء الخليل ومرتادو الحداثة والممتطون صهوة الزجل في فسيفساء من الثقافة المغربية المشعة، إذ يلتقي الحساني بالأمازيغي بالعربي الدارج والفصيح بغية تكريس وظيفة الشاعر، وترسيخ  دوره في النسق البنيوي الثقافي العام.
ولفت الناقد اسليمة الى أن الدار لم تستسلم للظروف المتعلقة بتفشي وباء كورونا ، حيث واصلت مسيرتها واستراتيجتها الثقافية، من خلال نهج مسلك تكويني في مجال الشعر والكتابة عبر الوسائط التكنولوجية من خلال  قناة دار الشعر بمراكش على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي مكنها من استمرارية  برنامج الدار في ظل الفراغ الثقافي الذي عرفته البلاد .
«إحصائيات ومعطيات»
اختتم الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، هذا اللقاء الخاص بتقديم عرض توثيقي بالصور ورسومات بيانية وإحصائيات، لمسيرة خمس سنوات من تجربة الدار. مقدما استراتيجية الدار وأهدافها وبرامجها وفقراتها، معرجا على العديد من الإحصائيات (الانتماء الجغرافي والجيلي والحساسيات والتجارب..)، ضمن انفتاح الدار على شجرة الشعر المغربي. كما تم توزيع شواهد تقديرية، في لحظة ترسيخ لثقافة الاعتراف والمحبة، لبعض من ساهم في مسيرة دار الشعر بمراكش، وأطلقت الدار «كابسولة» على قناتها في يوتوب، تضم شهادات لمجموعة من الشعراء والنقاد والفنانين والإعلاميين والمثقفين من مختلف أنحاء المغرب والعالم العربي.


بتاريخ : 30/09/2021