عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم الأربعاء، اجتماعه التشاوري المغلق نصف السنوي حول الصحراء المغربية.
وجرى هذا الاجتماع في أجواء يطبعها الهدوء، وانتهى بدون إصدار أي بيان.
وكانت أنباء غير مؤكدة، قد أفادت أن الاتفاق لم يحصل حول مشروع إعلان مشترك صاغته الولايات المتحدة يدعو إلى “تجنب التصعيد” في النزاع بالصحراء، وحسب وكالة فرانس بريس، فإن الهند والصين ودولا إفريقية اعتبرت أنه يمكن أن “يساء تأويله ويؤدي إلى نتائج عكسية«”.
وحسب فرانس برس فالنص الموجز المكون من ثلاث فقرات، يحث على تبني سلوك “بناء” في التعامل ميدانيا مع بعثة الأمم المتحدة (مينورسو) والإسراع بتسمية مبعوث أممي جديد “من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية المتوقفة في أسرع وقت ممكن”.
وهي نقط كلها من زاوية المغرب لا تعارض فيها مع مواقفه. فالمغرب تعامل بشكل بناء مع المينورسو، في قضية الكركرات ولا يزال، كما أنه سارع إلى الموافقة على المقترحين الاثنين لإسمي المبعوث الشخصي للأمين العام. ويدعو إلى العملية السياسية..
وملعوم أن جلالة الملك كان قد أجرى في سياق عملية تطهير الكركرات، يوم 16 نوبنر 2020، مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
جلالة الملك جدد التأكيد على تشبث المغرب الراسخ بوقف إطلاق النار. ومواصلة دعم جهود غوتيريش في إطار المسلسل السياسي.
وحسب مصادر مغربية فإن مجلس الأمن، اعتبر أن هذا المسلسل يتعين أن يستأنف على أساس معايير واضحة، ويشرك الأطراف الحقيقية في هذا النزاع الإقليمي، ويمكن من إيجاد حل واقعي وقابل للتحقق في إطار سيادة المملكة.
وبحسب مصادر دبلوماسية في نيويورك، فإن أعضاء مجلس الأمن تتبعوا إحاطة قدمها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، كولين ستيوارت، بشأن الوضع على الأرض، الذي اتسم بانتهاكات وقف إطلاق النار من قبل “البوليساريو” وإعاقتها لحرية تنقل المينورسو، مما يعيق أيضا قدرة بعثة الأمم المتحدة على تنفيذ مهمتها في الإشراف على وقف إطلاق النار. كما أحيط المجلس علما من قبل مسؤول بإدارة الشؤون السياسية بالأمانة العامة للأمم المتحدة، بالعملية السياسية التي أعاقتها معارضة الجزائر والبوليساريو لتعيين مبعوث شخصي. من جانبهم، جدد أعضاء مجلس الأمن بالإجماع تأكيد دعمهم لعملية الأمم المتحدة الحصرية الهادفة إلى التوصل إلى حل سياسي وواقعي وبراغماتي ودائم ومتوافق بشأنه لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، على أساس قرارات مجلس الأمن منذ 2007.
المبعوث الشخصي
وفي هذا الصدد، أكدوا على ضرورة تعيين مبعوث شخصي جديد في أقرب وقت ممكن، وهو المنصب الذي رفضت بشأنه الجزائر و”البوليساريو”، مؤخرا، مقترحات الأمين العام بتعيين رئيس الوزراء الروماني السابق، بيتر رومان، وفي ما بعد وزير شؤون خارجية البرتغال السابق، لويس أمادو. في المقابل، وافق المغرب بشكل فوري على مقترحات الترشيح، التي قدمها أنطونيو غوتيرش.
وبالرغم من أن الخصوم قادوا معركة ديبلوماسية، من أجل تعيين مبعوث شخصي للأمين العام، واتهموا كذبا المغرب بعرقلة التعيين، فإن البوليساريو اعتبرت أن “تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتيسير عملية سلام حكيمة ومحددة زمنيا« تقود إلى… الاستفتاء.”
كما دعا أعضاء المجلس إلى استئناف مسلسل الموائد المستديرة في أقرب الآجال، والذي تشكل فيه الجزائر طرفا رئيسيا منصوصا عليه في قرارات مجلس الأمن. كما شددوا على الحاجة إلى إرساء مناخ ملائم ومناسب للتمكن من استئناف هذا المسلسل، الذي توقف مع مبعوث الأمم المتحدة السابق هورست كولر.
وفي المقابل أعربت الجبهة عن مواصلة ما أسمته العمل المسلح، في موقف ينم عن معاكسة الجو العام لاجتماع مجلس الأمن..
ومن جهة أخرى، جدد أعضاء المجلس دعمهم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، كأساس جدي وذي مصداقية من شأنه إنهاء هذا النزاع الإقليمي، على النحو المنصوص عليه في قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007، والتي تعتبر الحكم الذاتي حلا واقعيا وجديا وذي مصداقية. وأشاد أعضاء المجلس أيضا بتعاون المغرب مع بعثة المينورسو، ولا سيما تلقيح أعضاء هذه البعثة في إطار حملة التلقيح الوطنية ضد كوفيد -19. وفي هذا الصدد، تم تسليط الضوء على نجاح حملة التلقيح المغربية.
وندد أعضاء مجلس الأمن، خلال هذا الاجتماع، بعرقلة المليشيات المسلحة التابعة لـ”البوليساريو” في الخريف الماضي لمعبر الكركرات، مسلطين الضوء على التحرك السلمي للقوات المسلحة الملكية، والذي مكن من استعادة حركة المرور بشكل كامل. وشددوا في الوقت ذاته على ضرورة تعاون “البوليساريو” الكامل مع المينورسو، والتي تعرقل بشكل خطير مهمتها في مراقبة وقف إطلاق النار، من خلال إعاقة دورياتها ومنع إمداد المراقبين العسكريين. وأعرب بعض أعضاء المجلس عن قلقهم البالغ إزاء إعلان “البوليساريو” الانسحاب من وقف إطلاق النار، مطالبين إياها باحترامه والامتناع عن أي عمل استفزازي.
البوليساريو وخيبة الأمل
ولم تجد البوليساريو، من خلال بلاغ لممثلها في نيويورك، أول أمس الأربعاء، سوى الهجوم على مجلس الأمن نفسه. واعتبرت بأنه أضاع فرصة أخرى !
وهدد الانفصاليون بالتصعيد في ما أسموه «الحرب الجارية«.
وأكد البلاغ الانفصالي أن المجلس اختار موقف التقاعس ولم يأت بأي نتيجة ملموسة«.
الواضح أن الانفصاليين كانوا ينتظرون من مجلس الأمن تحميل المغرب مسؤولية خرق وقف إطلاق النار، علما بأنهم أعلنوا رسميا إلغاء اتفاقيتهم بهذا الخصوص مع الأمم المتحدة.
وقال البلاغ «”من المؤسف أن مجلس الأمن قد أضاع فرصة أخرى (…)« في تحميل المغرب المسؤولية الكاملة عن العواقب الخطيرة لخرق وقف إطلاق النار لعام 1991 “«!