مجلس المستشارين يشرع في بث جلساته بالأمازيغية مباشرة

يوسف إيذي: يجب تشجيع تجارة الحبوب من أجل الأمن الغذائي
يوسف بنجلون: أقل من ثلث الثروة السمكية توجه للمغاربة وبأسعار مرتفعة

 

 

شرع مجلس المستشارين، في خطوة إيجابية، في بثه التجريبي لأشغال لقائه الدستوري الأسبوعي باللغات الأمازيغية الثلاث، وهو ما لاقى استحسانا من لدن المتتبعين باعتبارها خطوة في اتجاه تنزيل الدستور بخصوص الأمازيغية، وعلى العكس مازال مجلس النواب عاجزا عن تنزيل القرار، وهو ماكان مثار انتقاد من طرف الفريق الاشتراكي، إذ تتم الترجمة داخل المجلس للوزراء والبرلمانيين فقط وحرمان المغاربة من هذا الحق الدستوري .
وفي سياق الجلسة الدستورية أيضا قال يوسف إيذي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، إنه «لا يخفى على الجميع الأثر السيء للجفاف بالمغرب، فمعروف أن الفلاحة تشكل أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني، وتساهم بشكل مهم في التشغيل، وتؤثر بشكل مباشر في معدل النمو.»
وأوضح إيذي في تعقيبه على وزير الفلاحة، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء 24 ماي، أن الجفاف يؤدي إلى انخفاض صادرات المواد الفلاحية، وارتفاع واردات الحبوب والأعلاف، وبالتالي التأثير على الميزان التجاري، بالإضافة إلى التأثير على مستوى الموارد المائية والفرشة المائية الجوفية ومخزون السدود، كما يؤثر على المعيش اليومي للفلاحين الصغار وسكان القرى المعتمدين على الزراعة المعيشية.
وتابع إيذي، «حسب المراقبين لايزال الاقتصاد المغربي مرتهنا إلى الأمطار، في حين أصبح الجفاف معطى هيكليا وجب التعامل معه واحتساب آثاره وأضراره في السياسات الفلاحية، خصوصا وأن التحولات المناخية مستمرة وتهدد بتصحر منطقة شمال إفريقيا.»
وأضاف رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، أنه «رغم كون إسهام إنتاج الحبوب في القيمة المضافة الفلاحية لا يمثل إلا بين 30 و35 بالمائة، مع اختلاف طفيف حسب السنوات، في مقابل الفواكه والخضروات التي لا تأخذ مساحات كبيرة وقيمتها مهمة، تبقى الحبوب محورا أساسيا لا من ناحية المساحات المزروعة ولا من ناحية السكان المعنيين، ولا حتى بالنسبة لمداخيل العائلات القروية، وأن سنة متوسطة ترتكز على مستوى الإنتاج في حوالي 65 قنطارا. ولذلك من الضروري التوجه نحو الملاءمة بين طبيعة الأرض ونوع المنتوج.»
وأوضح المستشار الاتحادي، أن المخطط الأخضر كان قد جاء بتصور واضح لسياسة فلاحية تهدف إلى تطوير الإنتاج كما جاء بمجموعة من آليات التحفيز، بإجراءات تمكن من تحسين مناخ ووسائل الإنتاج: تطوير الري الموضعي، وإصلاح المحيط المؤسساتي لقطاع الفلاحة، وبعد أزيد من عقد من الزمن كان لزاما على الحكومة القيام بتقييم عميق للمخطط واقتراح إجراءات من أجل التقويم.
وقدم إيذي في هذا الصدد بعض الملاحظات الأساسية:
1 – الاستفادة غير المتكافئة من إجراءات المخطط بين المستثمرين في الفلاحة من جهة وبين الفلاحين الصغار والمتوسطين، وذلك بسبب إشكالية الولوج إلى التمويل البنكي. فتحويل القرض الفلاحي إلى بنك تجاري حد من قدرته على تمويل الفلاحين الصغار والمتوسطين.
2 – جاء المخطط الأخضر بمجموعة من التحفيزات في قطاعات إنتاجية متعددة تحمل الإدارات الجهوية والمحلية للفلاحة مسؤوليات جديدة لتتبع ملفات الدعم. ويتضح اليوم أن نجاح هذا الشق من المخطط أصبح مرتبطا بتقوية الموارد البشرية والمالية للإدارة المحلية لوزارة الفلاحة في مختلف أقاليم البلاد.
3 – يهدف المخطط الأخضر إلى تطوير الإنتاج، وقد بدأ هذا الإنتاج ينمو دون مواكبة للمنتج في تيسير التسويق وتوفير اللوجستيك الضروري للتخزين والنقل.
4 –ضعف في انسجام وتناسق السياسات القطاعية، فالمغرب الذي اعتمد استراتيجية قوية وواعدة لإنتاج الطاقة الشمسية، يستمر إنتاجه الفلاحي في استعمال المحروقات. هذه المفارقة تستدعي دعم الطاقة الشمسية المستعملة في الإنتاج الفلاحي.
5 – يعتبر تشجيع غرس الأشجار المثمرة والزراعات ذات القيمة المضافة المرتفعة إيجابيا لأنه سيمكن من تطوير صادرات المغرب، لكن تهميش زراعة الحبوب ينطوي على مخاطرة بالأمن الغذائي في مناخ عالمي يتسم بالمضاربة في الحبوب وارتفاع مستمر في أسعارها. فقد يصبح المغرب مصدرا كبيرا لمنتوجات فلاحية عديدة، ولكن ذلك لن يحصنه من نقص في الحبوب وهو ما يهدد الأمن الغذائي للبلاد إذا لم نشجع زراعة الحبوب. لأن الأمر يتعلق بمسألة استراتيجية بكل المقاييس وعلى الحكومة ألا تستهين بها.
وأشار إيذي، في تعقيبه، إلى نقطة مهمة حول مآل تنزيل القانون الخاص بتقنين الكيف، فالتأخير في التطبيق، فرض على المزارعين تعاطي هذه الزراعة خارج القانون، بما لذلك من تكلفة اقتصادية واجتماعية وأمنية.
ومن جهة أخرى تساءل إيذي، عن وضعية القطيع خاصة الأغنام والأبقار في ضوء تراجع مساحات وكميات الكلأ والارتفاع الصاروخي لأسعار الأعلاف وكثرة المضاربات والاحتكار والالتفاف على الدعم العمومي.
وأضاف مخاطبا وزير الفلاحة: «ما هي من جهة أخرى الوضعية الصعبة للقطيع؟ إذ من المعروف أنه في فترات الجفاف ونقص الكلأ تنتشر أمراض خطيرة قد تتحول إلى أوبئة. نريد أن نعرف الوضعية بالضبط. وماذا بالضبط عن دعم الكسابين في المناطق النائية والجبلية؟
وشدد يوسف إيذي، على أن المعلومات والتقارير التي تصل، تؤكد أن الوضع في المناطق الشرقية والشرقية الجنوبية أي في القوس الممتد من تازة ومرورا بجرسيف ووجدة وجرادة وفكيك والرشيدية وورزازات وميدلت وبولمان وميسور وأوطاط الحاج، هي منكوبة اليوم في ما يخص الكسب، وانخفاض بحوالي 90% في أسعار المواشي، حيث إن الكسابين أصبحوا في وضع ضرورة التخلص من ماشيتهم لعدم قدرتهم على اقتناء الأعلاف والكلأ، وبسبب حدة الصقيع وتعاقب مواسمه.
في ما يخص انعكاسات هذه الأوضاع، أكد إيذي أن الفلاحين والكسابين المغاربة يعيشون اليوم وضعية قلق حقيقي «وهو مشروع، لأن استثمارات العمر لربما، واستثمارات عائلات بكاملها تتبدد، ومعنى ذلك أن الرصيد المادي ومستقبل هذه الفئات أصبح قاتما ومهددا. هذا خطر وتخوف أول.»
وأضاف، الخطر والتخوف الثاني، يتمثل في أن هذه الوضعية ستدفع بفئات اجتماعية عريضة إلى وضعية العطالة وبالتالي إلى وضعية الفقر والهشاشة مع كل النتائج المعروفة في مثل هذه الأوضاع، وسيحدث ذلك في الوقت الذي يبذل فيه المغرب جهودا كبرى لمحاربة الفقر والهشاشة.
والتخوف والانعكاس الثالث، يتمثل حسب المستشار الاتحادي، في كون وضعية العطالة والفقر ستدفع المتضررين إلى الهجرة نحو المدن والمراكز الحضرية، مع كل النتائج المعروفة لهذه الظاهرة الاجتماعية على النسيج الحضري وعلى التعمير.. إلخ. ومع إمكانية تشكل مراكز حضرية عشوائية غير مجهزة مع ما يترتب عن ذلك من مشاكل مزمنة تتحول إلى اصطدام بين الدولة والمجتمع وهو ما كنا دوما نحذر منه.
والانعكاس الرابع، ويتمثل في عجز الفلاحين والكسابين عن أداء القروض التي بذمتهم لأنهم عمليا ليس لديهم ما يعطون. وفي هذه النقطة بالذات يتعين البحث عن آليات مجددة للتخفيف من عبء الديون وإعادة جدولتها أو سن الإعفاءات في الحالات الممكنة. يقول رئيس الفريق الاشتراكي.
وخلص المتحدث، أن هذه انعكاسات آنية، والأكيد أنه في حالة استمرار هذه الظروف، ستكون الانعكاسات أخطر، لأن مخزون الفلاحين واحتياطاتهم من الكلأ والأعلاف والمؤن ومن الأموال ستنضب، مما سيكون له انعكاسات خطيرة على أوضاعهم المعيشية.
وختم إيذي، بأن قضية الفلاحة وحالة البادية المنكوبة ليست قضية وزارة الفلاحة وحدها، إذ على الحكومة أن تكون متضامنة في ما يخص هذه الكارثة الوطنية وتعبئ مصالحها وإمكانياتها المادية وتنوع تدخلاتها لإنقاذ البادية وفي ذلك إنقاذ للحاضرة وللمغرب.
ومن جهته أكد المستشار يوسف بنجلون، باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، أن الاستراتيجية الوطنية التي أطلق عليها اسم «آليوتيس» سنة 2009، برؤية ملكية وتنفيذا لتعليماته السامية، ترمي إلى ضخ دينامية جديدة في قطاع الصيد البحري والنهوض به، من أجل تثمين الموارد البحرية وضمان استدامتها من خلال الحفاظ على الموارد السمكية ورفع تحديات العولمة عن طريق احترام المعايير التي تزداد صرامتها باستمرار، وزيادة الناتج الداخلي، وتحقيق تنمية وتنافسية شاملة للقطاع، وجعله محركا قويا لنمو الاقتصاد الوطني.
وأوضح المستشار الاتحادي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين الثلاثاء، أنه تم توفير كافة الوسائل بغية جعل الصيد البحري قطاعا مستداما، وضمان الاستثمار الأمثل لهذه الرافعة الاقتصادية وحماية التنوع البيولوجي والبيئة البحرية وتحويله إلى نشاط مستدام ومحدث للثروة.
وتابع يوسف بنجلون، أنه بالرغم من النتائج التي تحققت فلم تكن كافية ومرضية، حيث تم تركيز الخيرات البحرية في يد أقلية من الرأسماليين الكبار المحليين والأجانب المالكين لأساطيل صيد حديثة ذات التقنيات العالية، ومحاصرة وتهميش الصيد الساحلي والتقليدي الذي ظل محروما من أي دعم أو تشجيع.
وأضاف بنجلون في تعقيبه على وزير الفلاحة والصيد البحري، أنه تم استعمال اتفاقيات الصيد الموقعة مع دول أخرى خاصة الاتحاد الأوروبي لتسهيل عملية تصدير الثروات السمكية، حيث إن 70 في المئة موجهة نحو التصدير، في حين تظل 30 في المئة فقط موجهة للاستهلاك الداخلي وبأثمان تفوق القدرة الشرائية، كما أنها لا تسد حاجيات المواطنين رغم أن بلادنا تتوفر على واجهتين بحريتين وعلى تنوع كبير في الموارد البحرية التي يتم استنزافها وتهديد العديد من أنواع الأسماك بالاندثار. يضيف يوسف بنجلون.
وذكر المتحدث، أن سياسة التسيير والتدبير التي نهجتها الحكومة لم تفلح في إخراج قطاع الصيد البحري من المشاكل التي يعاني منها إلى يومنا هذا، حيث انعكست آثارها السلبية على صغار المهنيين الذين تزداد أوضاعهم تدهورا مقابل اغتناء فئة كبار باترونا القطاع، كما أن القطاع يعيش حالة تعتيم وعدم وضوح على مستوى تدبير معظم القضايا الأساسية العالقة التي تشكل أعمدة تطوير قطاع الصيد البحري، وضمان استدامته، من أهمها الملفات الاجتماعية للبحارة المستخدمين، وكذلك وضعية المخزون وعقلنة تدبير المصايد وتحيين آليات الصيد مع مراعاة الخصوصيات الجهوية.
وخلص إلى أن مستقبل الثروة السمكية الوطنية أصبح في خطر، وهذا راجع بالأساس إلى الاستغلال العشوائي من طرف الأساطيل الوطنية والأجنبية على حد سواء بالنظر إلى معدات الصيد المستعملة (البواخر المدمرة للثروة السمكية على سبيل المثال) وهو ما يؤدي إلى تقلص الثروة السمكية في المياه المغربية، كذلك عدم احترام فترة الراحة البيولوجية أو إقرار فترات للراحة البيولوجية غير كافية وملائمة من أجل تعزيز الثروة السمكية الوطنية، وكذلك تنامي أنشطة الصيد غير القانوني وغير المصرح به، بما فيها اصطياد أسماك دون الحجم القانوني، وغياب ثقافة الحفاظ على البيئة البحرية الذي يعتبر اعتداء على حق الأجيال القادمة في الاستفادة من الثروات الطبيعية بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة.


الكاتب : محمد الطالبي: الرباط

  

بتاريخ : 26/05/2022