أيدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الأربعاء، حكما بسجن البرلماني السابق عن حزب الاتحاد الدستوري «بابور الصغير» خمس سنوات نافذة، بتهمة النصب على الشركة المغربية للإيجار عبر تزوير وثائق بنكية وتجارية، إلى جانب إدانة صهره بأربع سنوات ومتهم ثالث بثلاث سنوات.
الحكم جاء تأكيدا لحكم سابق صدر في يوليوز 2023، بتهم تزوير محررات تجارية وعرفية وبنكية، وخيانة أمانة وتبديد أموال.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن تشكيل المتهمين شبكة معقدة لاختلاس ستة مليارات سنتيم عبر إصدار شيكات بدون رصيد وإخفاء أموال، في إطار قضية ليست الأولى من نوعها ضد «بابور الصغير»، الذي سبق أن أدين عام 2023 بأربع سنوات ونصف سجنا في قضية نصب على شركة «SDCC» التابعة لـ»سامير»، نتج عنها خسائر بلغت 24 مليار سنتيم، كما خفف حكم استئنافي بحقه عام 2022 من خمس سنوات إلى سنتين ونصف في قضية تزوير شيكات، مع تعويض مدني قارب 2.3 مليون درهم.
لا تزال محاكمات أخرى تنتظر المتهم، أبرزها قضية تزوير بنكي ورشوة بالتعاون مع مدير عام سابق للبنك المغربي للتجارة الخارجية، وملفات تبديد أموال عامة عبر شركات وهمية.
تعود جذور الاتهامات إلى شكاوى قدمتها شركات منها «سامير»، اتهمته فيها بإبرام عقود وهمية لشركاته («كاركوترانس» و»سامي أويل») مستغلا أزمتها المالية عام 2015.
القضية تكشف نمطا متكررا في اختراق الفساد للمشهد السياسي المغربي، حيث برز «بابور الصغير» خلال الانتخابات التشريعية 2021 بدائرة سطات كواحد من أثرى المرشحين، وحصل على مقعد برلماني رغم اتهامات مبكرة بشراء الذمم عبر توزيع مساعدات غذائية خلال الحجر الصحي ورمضان، ولم تتحرك السلطات آنذاك لوقف هذه الممارسات، ليتحول لاحقا إلى نموذج للتلاعب بالديمقراطية، خاصة بعد انتقال مقعده البرلماني إلى زوجته التي كانت وصيفته في اللائحة الانتخابية.
القضية ليست معزولة، فقد سجلت السنوات الأخيرة اعتقالات لبرلمانيين ومسؤولين كبار مثل الوزير السابق محمد مبدع وسعيد الناصيري البرلماني والرئيس السابق لنادي الوداد وعبد النبي بعيوي البرلماني ورئيس جهة الشرق، بتهم ثقيلة ومرتبطة أيضا بالمخدرات ما يعكس أزمة ثقة في المؤسسات الدستورية.
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، تبرز إشكالية التزام الأحزاب بترشيح كفاءات نزيهة، في ظل استمرار تزكية وجوه مثقلة باتهامات فساد.
رغم إجراءات كتشكيل لجنة مركزية برئاسة وزير الداخلية والنيابة العامة لضمان نزاهة الاقتراع، تظل التحديات قائمة، ويجب العمل على اتخاذ إجراءات عملية لتحصين العملية الانتخابية من كل الشوائب من مراحلها الأولى إلى يوم الاقتراع .
ويتساءل متتبعون، هل تترجم الأحكام الصادرة ضد «بابور الصغير» وآخرين تحولا جذريا في سياسة مكافحة الفساد، أم تبقى خطوات انتقائية في مسار طويل لإصلاح نظام انتخابي يكافح لاستعادة شرعيته؟
الإجابة قد تحددها قدرة السلطات والأحزاب معا، وكل المتدخلين لإغلاق الثغرات التي تسمح بتحويل المناصب العامة إلى أدوات للثراء غير المشروع .
محكمة الاستئناف تؤيد سجن البرلماني السابق «بابور الصغير» 5 سنوات في قضية نصب

الكاتب : n جلال كندالي
بتاريخ : 21/03/2025