محمد عبد النباوي أمام قضاة المملكة حول تعزيز القدرات لمكافحة غسيل الأموال  : عمليات غسل الأموال تقدر بما يقارب 2200 مليار دولار أي ما يعادل نسبة 3% من الناتج الخام الدولي

 

نوه محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بمستوى الإرادة المسؤولة والنضج الفكري، الذي وصل إليه التنسيق بين مختلف الفاعلين في المنظومة الوطنية لتنزيل خطة العمل الشاملة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وذكر عبد النباوي، في افتتاح الدورة التكوينية حول تعزيز قدرات القضاة في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال، بمخاطر غسل الأموال على الاقتصادات، مستعرضا حجم المبالغ المالية غير النظيفة التي تكتسح الاقتصاد العالمي، وفي هذا الباب، كشف عبد النباوي أن عمليات غَسل الأموال تقدر بما يقارب 2200 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة 3% من الناتج الخام الدولي (المقدر بحوالي 85000 مليار دولار). ورأى أن خطورة هذا الرقم تصبح أكثر دلالة إذا عرفنا أنها تقترب من الناتج الداخلي الخام لاقتصادات دول كبرى كالمملكة المتحدة (2828 مليار دولار) وفرنسا (2775 مليار دولار) والهند (20716 مليار دولار). ويتجاوز الناتج الداخلي الخام لاقتصادات كبرى أخرى كإيطاليا (2072 مليار دولار) والبرازيل (1868 مليار دولار)، كندا (1711 مليار دولار)، روسيا (1619 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (1425 مليار دولار)، كما أن رقم المعاملات العالمي عن طريق غسل الأموال (2200 مليار دولار) يعادل معدل الناتج الداخلي الفردي لحوالي 200 مليون فرد من سكان العالم، وهو ما يكفي، يضيف  المتحدث، للقضاء على المجاعة بالعالم والتي يعاني منها حوالي 800 مليون شخص، يُتَوفى من بينهم 25000 شخص يوميا بسبب الجوع، بحيث إن اقتسامه بينهم، كما يقول، يؤدي إلى حصول كل واحد بين 800 مليون فقير على 230 دولاراً شهرياً، أي ثمانية دولارات يوميا لكل فرد، وهو ما يكفي لمنع الموت بسبب الجوع، من هنا تظهر أهمية مكافحة غسل الأموال في العالم.
وشدد محمد عبد النباوي على حرص السلطات المغربية على حماية الاقتصاد الوطني، ومنع اختراقه بعائدات الأنشطة الإجرامية وتداعيات ذلك على سمعة وشفافية ومصداقية المؤسسات الرسمية لدى الهيئات المالية الدولية، كما يتجلى هذا الحرص الوطني من خلال تبني المملكة لعدة تدابير إجرائية في مستويات متعددة تشريعية وتنظيمية وقضائية.
ورأى أن الدورة التكوينية ستكون فرصة للتعريف الشمولي بهذه التدابير،على المستوى التشريعي، وذلك بالوقوف على القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المؤطرة لجريمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتعديلات التي أدخلت عليها في سياق الاستجابة للمعايير الدولية المستجدة، وكذلك تنظيميا، باستحضار مختلف المؤسسات المتدخلة في مراقبة الهيئات الخاضعة، وتلقي التصاريح بالاشتباه وتحليل معطياتها وإعطائها المآل المناسب، وقضائيا من خلال استعراض تقنيات الأبحاث والتحريات وخصوصيات التحقيقات والمحاكمات، على ضوء ما تراكم من ممارسات قضائية، ممتدة لأكثر من عقد في تطبيق المقتضيات القانونية الموضوعية والإجرائية على الوقائع الجرمية المشكلة لغسل الأموال.
ورأى أن مرور أزيد من عشر سنوات على تطبيق قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتقسيم الاختصاص القضائي الوطني بين أربع محاكم يشكل، هو الآخر، مناسبة لتبادل الرؤى بين الممارسين والخبراء الوطنيين والدوليين، حول مختلف الجوانب التشريعية والتنظيمية والقضائية ذات الصلة، مشيرا إلى أن إشكاليات من قبيل مدى الاستقلالية أوالتبعية بين الجريمة الأصلية وجريمة غسل الأموال، والتمييز بين مؤشرات الاشتباه المعتمدة في التحري والبحث، وعند الاقتضاء المتابعة، وحدود السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تقييم وسائل الإثبات، والاعتداد بالفعل الجرمي الأصلي حتى ولو ارتكب خارج الحدود، وحجية الأحكام الأجنبية أمام القضاء الوطني، وغيرها من المواضيع القانونية والعملية، جديرة بأن تقام حولها الدورات التكوينية بما يُسهم في تبادل المعارف والآراء، وتعميق الفهم وتوحيده، بما يخدم العدالة والأمن القانوني.


الكاتب : ك. جلال

  

بتاريخ : 01/12/2021