مدرسة تطوان التشكيلية تقدم معرضا جماعيا: تقاطعات إبداعية من وحي الواقع الفني

يوم غد الخميس4 دجنبر 2025، وتحت عنوان عريض موسوم ب «المنبع»، تقدم قاعة ALMA Art Gallery معرضا جماعيا لفنانين خريجي المدرسة العليا للفنون الجميلة بتطوان من مختلف الأعمار، في محاولة للوقوف على آخر التجارب التي بصمت تاريخ التشكيل المغربي من زوايا متعددة، اختلطت فيها جميع الاتجاهات الفنية، كتقاطع لحوارات متعددة تلقي الضوء على ما وصلت إليه إنتاجات هذه المجموعة منذ نشأتها، وتتضمن الأسماء التالية: شمس الضحى أطاع الله، رحيمة العروض، بوعبيد بوزيد، عبد اللطيف بلعزيز، عبد الله الديباجي، سعيد قديد، يونس الخراز، رشيد الحنبلي وأحمد الحياني.
إن ما ميز هذه التجارب هو حضورها وضمان استمراريتها في المشهد التشكيلي المغربي، مدافعة عن قيمها وتصوراتها الجمالية والثقافية من خلال مواضيعها واهتماماتها المطروحة، انطلاقا من اتجاهات اجتمع فيها ما تفرق في غيرها وهو الاتجاه التشخيصي بمختلف أشكاله وتنوعاته، مما أكسب هذه المجموعة صفة استثنائية للخوض في غمار تجارب تحمل أسئلة تصب في معين القضايا المحورية، التي تنهل من تاريخ الفن ومن تاريخ الحياة الاجتماعية.
ما يمكن القول عن هذا التجمع الجمالي، هو أنه ينتمي لسياق حداثي ومعاصر في نفس الآن، بمعنى أنه جمع ما بين ما هو تشخيصي تقريري وتشخيصي هندسي وتجريدي انطباعي وتعبيري، وما هو كلاسيكي منفلت من القواعد المتداولة، لكن في قالب ذاتي تفرق بتفاوتات شخصية على كل المشاركين في هذه التظاهرة التي تعتبر بقيمتها الجمالية والفكرية، حلقة مفقودة في السنوات الأخيرة، مما أعطى لهذا الفعل الإبداعي بعدا مفاهميا بأسئلته العميقة والبعيدة عن المحاكاة والابتذال.
إن هذه التظاهرة يمكن اعتبارها حدثا نوعيا وأرضية جدلية أصبح الوضع التشكيلي المغربي في حاجة إلى إبدالاتها، لطمس عوالم التفاهة والادعاء من طرف الدوائر المهيمنة على هذا المجال، وقوة اقتراحية صائبة لتحديد وجود هذا المجال في سياقه الحقيقي والهادف لإصلاحات الوضع التشكيلي الراهن، لتجاوز المهرطقين والمتشدقين بتطور الإبداع ببلادنا، واسترجاع ما أضاعه التشكيل في خضم المزايدات المخلة بأهمية وصدق التجارب السابقة التي عرفها التشكيل المغربي في بدايات نهضته، مع الرواد وما تلاهم من فنانين كانوا يؤمنون بالتغيير وتصحيح أهداف الرؤى التي كانت محورا لتكتلات ثقافية وفكرية وفنية اجتمعت حولها الطاقات الفاعلة من أدباء ومؤرخين وقلاسفة وفنانين…
جاء هذا المعرض ليملأ الفراغ الحاصل في الساحة التشكيلية، بعيدا عن أية مغالطات، كان حضور المشاركين فيه جوابا عن كل هذه الأسئلة المقلقة، بأعمال شاهدة على جيل بأكمله.
إن ما يثير الانتباه من خلال هذه المبادرة، هو نوعية البداية والنهاية، أي ما تفتق عن بداية كيفية الاشتغال بحثا عن الهوية ضمن نسق عنصر الحداثة، وعن وصول هذه الهوية لمرحلة المعاصرة التي تجاوزت حدود الأسئلة العتيقة، ويمكن تشخيصها في تجارب خلال هذا المعرض، وهي تجربة الفنانة شمس الضحى أطاع الله والفنانة رحيمة العروض والفنان أحمد الحياني وسعيد قديد ويونس الخراز ورشيد الحنبلي، لتبقى بينها تجارب انتقالية شهدتها أعمال كل من الفنان بوعبيد بوزيد وعبد اللطيف بلعزيز وعبد الله الديباجي.
لا يعتبر هذا الجرد حكم قيمة، لأن كل تجربة لها خصوصياتها وبيئتها وظروف إنجازها، بقدر ما هو تذكير بأهمية أسئلتها الجمالية التي نحن في أمس الحاجة إليها، نكاية في ما أصاب رؤيتنا من تشوهات جمالية هيمنت على وجداننا.


الكاتب : شفيق الزكاري

  

بتاريخ : 03/12/2025