مذوذ Amparito

سلطان، دوما ينعت نفسه بالنعوت الساقطة والتافهة والحقيرة والسافلة.. صادق أم مخطئ، ذلك شأنه. لكن أثناء التحليل أو ما يقترب من التحليل تبين ما يلي:
– يتعمد بلاغة المكر الصاعق.
– يتسفسط على طريقة السكارى المرضى بالتجريب والتجريح والتقديح في اختيار النعوت والأوصاف…!
أشك في ما أفكر فيه!
هل سلطان حالة سيكولوجية وجوده في هذا الواقع له أكثر من مبرر وأكثر من تأويل؟
كم من كائن يغير إنسانيته أو صفته أو نعته من كائن بشري إلى كائنات أخرى كما ورد في كتاب «كليلة ودمنة» ورواية «مزرعة الحيوان» ورواية «المسخ» وكتاب «الحيوان»… ثعبان، حمار، ذبابة، بغل، نسر، قط، كلب، ذئب، فأر، نمر، قرش، كبش، زرافة، دب، ضفدع، قرد، تمساح، سراق الزيت، تاتا.
قلت للنادل: فنجان اليوم أحسن من فنجان البارحة.
اهتمامي بالفنجان: يتزايد فنجان نزار قباني، فنجان جاك بريفر، فنجان عبد الوهاب البياتي، فنجان بورخيص، فنجان محمود درويش.. لكن لا شيء، يعادل فنجان أمباريتو هو أقوى من حليب الأم وأقوى من كأس غارسيا زمن ثورة الملاعين المجيدة.
لو عاد سلطان إلى مذوذ AMPARITO لتخلى عن هذه السفسطة. لكن AMPARITO سافرت مع بيبي إلى جزر الكناري حيث لا وجود سوى لطيور الكناري وأنواع أخرى من الطيور التي تغني للحياة.
الكأس والعبارة.. إشكالية نجدها في الشعر والفلسفة والتاريخ وحانات PETIT- POUCET ومطعم الأزهار ولوحات صلادي وفي كل زمان. هي خلايا لا تموت في الزمان مادام الدوران.
الزمان هو دورة الزمان كما يقول موريس بلانشو.
لم أعد أشك حين أكتب. فأنا أكتب عن المستقبل عن لغة المستقبل التي جعلت من الحيوانات الآنفة الذكر قد ترقى إلى مستوى الإنسان.
هل الحمار وباقي الحيوانات الأخرى لا تستحق الحياة. لا تستحق الحلم.
هل الكتابة حكر على البشر فقط؟ كل الكائنات تكتب.. لكن، بطريقتها الخاصة بما فيها الكائنات النورانية.
يبدو أن الموضوع هو أعقد من ذلك.. الكتابة عمل. لكنه مضن وشاق والحمار أيضا عمله مضن وشاق للغاية.
يقول موريس بلانشو: «الكتابة هي أولا رغبة في هدم المعبد قبل بنائه» (تـ: عبد السلام بنعبد العالي)
المعبد يحيل على العبادة. لكن، إذا لم تكن الرغبة في الدخول إلى المعبد والجلوس على كرسي الاعتراف والاستسلام لطقوس العبادة.. فالهدم وارد.. لكن هل من داخل المعبد أم من خارج المعبد..؟ لا شأن لسلطان بدلالة هذه العبارة: هدم المعبد أو بناء المعبد..!
سأدخل.. لكن بخيط أبيض/ أزرق حتى يقترب من لون البحر والسماء وفستان AMPARETO الأزرق.
ما لاحظته في الآونة الأخيرة أن سلطان في أحيان كثيرة، وقليلة كذلك، تكون مجازاته واستعاراته وانزياحاته ماكرة صادمة.. هي عادة سيئة تنطلي عليه نتيجة معاشرة زبناء الأوكار السفلى. حيث يحضر المبتدأ ويغيب الخبر، سيغيب الحمام وتحضر الخنازير أو يحضر الحمام وتغيب الخنازير.
تقول AMPARITO داخل هذه الفسيفساء الاجتماعية لا يمكن أن يكون سوى سلطان بمخيلته الخارقة ولغته الساقطة، وكرمه المفرط واهتمامه بزيارة قبر أمه عندما يرحل إلى مدينة النحاس.
تؤكد AMPARITO: قبل أن أشتري حانة بجزر الكناري أنا وزوجي فارين من الإقطاع والبداوة، أعلمني سلطان أنه سيعود.
أسأل AMPARITO إلى أين..؟
تقول: إلى صخب الأوكار والبحث عن المرأة التي تشبه جدته من أبيه أو من أمه.
لا شك أن سلطان كان يبوح إلى AMPARITO بكل ما يعتلج في داخله. الصداقة تبدأ في آخر الليل وليس في ضوء الصباح.. وفي فترات الراحة، لا راحة للكاتب الذي يشقى من أجل نص لا يشبه النصوص.. ميتافزيقا لا بداية لها ولا نهاية لها… يا ليت لو عدت إلى مذوذ AMPARITO لما فكرت في الحمار والفنجان والكتابة والمعبد الذي يشبه في بنائه كتاب «جامع لالة عائشة الخضراء».
هل سيعود سلطان إلى الطيور التي تغني للحياة؟ ويمزق النص الأول ويحتفظ بالنص الأخير الذي لا يشبه نصوص الكتاب الذين ذكرنا كتبهم سالفا.
هل الحمار لا يستحق الحياة. لا يستحق الحلم؟
تلك هي المشكلة.


الكاتب : عبد السلام الجباري

  

بتاريخ : 19/02/2021

أخبار مرتبطة

نظم كل من منتدى «مبدعات بلا حدود» وجمعية الزيايدة بنسليمان، مؤخرا، قراءة في روايتي بديعة الراضي «يوميات زمن الحرب» وفاطمة

  للتاريخ؛ فان حركة النقد الأدبي الحديث كانت متقدم ، زمنيا ، على العديد من الدول الناطقة باللغة العربية مشرقا ومغربا.

أيها الوجه ستبقى بعدي طويلا. .ستبقى في حديث الناس وفي ذاكرة الأبناء وعلى جداريات العائلة و ألبوماتها، ستبقى في هذا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *