يوجد على مكتب مراد العلمي مؤلفان (مزدوجا اللغة) هما «أسطورة الأفعى البيضاء» و»مينسيوس» باللغتين الألمانية والصينية، وهذا مما أثار اهتمامه بالثقافة الصينية التقليدية، حيث يعتبر «مراد العلمي»(71 عاما) أستاذا للغة الألمانية في كلية «هاينان» للدراسات الأجنبية الواقعة في مدينة «ونتشانغ» في مقاطعة جزيرة «هاينان» جنوب الصين.
كان عامل الصدفة، السبب وراء ارتباط مراد العلمي مع الصين منذ حوالي 50 عاما. فخلال أوائل سبعينيات القرن العشرين، و بينما كان طالبا جامعيا في ألمانيا، سافر أحد زملائه إلى الصين ووصف التجربة بأنها «مغامرة ينبغي خوضها»، إذ قال مراد العلمي حول هذا الموضوع : «كان الأمر غريبا ومثيرا للاهتمام بالنسبة لي»، مضيفا أنه يمثل أول لقاء له مع الصين.
زار الشاعر مراد العلمي الصين لأول مرة في عام 1995، بصفته رئيسا مؤقتا لغرفة الصناعة والتجارة الألمانية – العربية. في زيارته هذه، كان أكثر ما أثار إعجابه غياب السيارات وضجيجها واستبدالهما بالدراجات في الشوارع التي كان يركبها المئات من الصينيين هناك، واصفا المنظر : «لقد كانت تجربة مثيرة للاهتمام للغاية، دفعتني لمعرفة المزيد عن الصين»، مشيرا إلى أنه بدأ في جمع الكتب عن الصين، وخوض غمار التعمق في التاريخ الصيني واستكشاف المزيد عنه.
لقد وقع مراد العلمي، تدريجيا في حب الثقافة الصينية التقليدية، وقرأ على نطاق واسع الترجمات الألمانية للأدب الصيني، بما في ذلك إبداعات الشعراء الصينيين المشهورين مثل «سو شي» و «لي باي»، ويسترسل: «للصين تاريخ وتراث غني، مثل سور الصين العظيم، ومحاربي الطين في شيان، وبعض الأشياء الموجودة فقط في الصين ولا يمكنك العثور عليها في أجزاء أخرى من العالم..من المؤسف أن الترجمة الألمانية لا تقدر تماما جمال الشعر الصيني. لذلك، لا تكفيك قراءة الكتب لتبادل أطراف الحديث مع الناس، ومنه لن تتذوق حلاوة العيش الحقيقي في هذا البلد أو ذاك» وبالتالي، كان يتوق إلى معرفة المزيد عن الصين بما يتجاوز ما يمكن أن تقدمه الكتب.
عندما أتيحت لمراد، الفرصة للقدوم إلى الصين بغية العمل في 2014، اغتنمها دون تردد وعلى الفور، وانضم إلى جامعة «هيفي» (Hefei) في مقاطعة «آنهوي» بشرق الصين في مهنة أستاذ، حيث زار «هاينان» لقضاء عطلة ووقع على الفور في حب الجزيرة. بعد 3 سنوات، انتقل إلى بلدية «تشونغتشينغ» جنوب غرب البلاد وعاش هناك لمدة عام. لقد انجذب بشكل خاص إلى المناخ اللطيف والبحر الجميل ودفء معاملة السكان المحليين و المأكولات البحرية اللذيذة، حيث قال: «كنت مفتونا بهاينان، ولهذا السبب عدت إليها. أعتقد أنها المدينة المناسبة لي، كوني كونت العديد من الأصدقاء الصينيين، وهذا ما يشعرنني أنني في بيتي».
عاش مراد العلمي، في «هاينان» منذ ما يقرب من عام، وخلال هذا الوقت استكشف العديد من المواقع في الجزيرة، بما في ذلك مدن مثل «سانيا» و «وانينغ» وعاصمة المقاطعة «هايكو»، كما أنه طور من هوايته المفضلة المرتبطة بزيارة الأسواق المحلية والتحدث إلى السكان المحليين وتذوق المأكولات المحلية.في خضم كل ذلك، وكعاشق للشعر، قرر ذات يوم أن ينقل عاطفته للصين وتجاربه من خلال الأبيات والكتابة الشعرية، ليخرج إلى النور مؤخرا مجموعة شعرية تدور حول «هاينان»، ومن المقرر نشرها قريبا.
بالنسبة لمراد العلمي، فإن «الإلهام يأتي من كل مكان»، ويعقب «عندما تصادف شخصا ما، أو عندما ترى شيئا مثيرا للاهتمام، فإنك تنظر له بنظرة تجريدية بعض الشيء، غير أن الشعر ينقل المشاعر والتصورات»، مشيرا إلى أن الشعر بمثابة وسيلته للإشادة بالصين، حيث يسعى إلى نقل ارتباطه العميق بالبلاد من خلال أبياته وتدويناته الشعرية.