دعت الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب السلطات المعنية إلى التدخل العاجل لإصلاح الاختلالات العميقة التي يعاني منها قطاع الدواجن في المملكة، ولإعادة الظروف العادلة للمنتجين الصغار. وأصدرت الجمعية بيانا صحفيا حذرت فيه من تدهور أوضاع مربي الدواجن، حيث أكدت أن «حقوق المربين الصغار تم سلبها تدريجيا بسبب التراخي أو الدعم غير المباشر من الإدارة الوصية»، مطالبة بوضع استراتيجية عامة تستند إلى الإنصاف والشفافية والمشاركة المهنية.
وتعتبر الجمعية أن غياب آليات فعالة لضبط الأسعار ومحاربة الممارسات الاحتكارية قد أسهم في خلق وضعية تفضيل على حساب الغالبية العظمى من المربين. كما أكدت على ضرورة ضمان التنافس الشريف بين جميع الفاعلين في القطاع، وهو ما يعد ضروريا لضمان استقرار المزارع العائلية.
وفقا للبيان الصادر عن الجمعية، يعاني قطاع تربية الدواجن، رغم أهميته الاقتصادية والاجتماعية، من حالة توتر حادة، حيث شهدت الفوارق بين الفاعلين تزايدا مستمرا. وأكدت الجمعية أنه «منذ توقيع أول اتفاقية ضمن مخطط المغرب الأخضر، استفادت قلة من الشركات من أرباح ضخمة، بينما يعاني الغالبية العظمى من المربين، خاصة الصغار، من خسائر متواصلة تهدد استمرارية نشاطهم». هذه الحالة الاقتصادية الصعبة تعرِض العديد من المزارع الصغيرة للانهيار، مما يهدد استدامة القطاع ككل.
على المستوى التقني، أشارت الجمعية إلى أن تكاليف الإنتاج أصبحت غير مبررة، بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار الأعلاف المركبة، وهو ما يزيد من الأعباء على المربين. بالإضافة إلى ذلك، أشارت إلى أن جودة هذه الأعلاف قد تدهورت في الوقت الذي سجلت فيه المواد الأولية المكونة لها تراجعا ملحوظا على الأسواق الدولية، دون أن ينعكس هذا التراجع في الأسعار المحلية، مما يساهم بشكل كبير في تضييق الخناق المالي على المربين الصغار.
كما تطرقت الجمعية إلى قضية تركيز القطاع في يد عدد قليل من الشركات التي تسيطر على إنتاج الكتاكيت والأعلاف المركبة، مشيرة إلى أن هذه الشركات تفرض شروطا قاسية على المنتجين الصغار، مما يزيد من معاناتهم. وأوضحت أن بعض هذه الشركات قد استفادت من دعم حكومي، وخاصة تلك المنتمية إلى الاتحاد المهني لقطاع الدواجن، لكن هذا الدعم لم يترجم إلى تحسن ملموس في الوضعية الفعلية للمربين في الميدان.
أمام هذه الوضعية، دعت الجمعية إلى توحيد صفوف المربين والعمل سويا للدفاع عن حقوقهم وتحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. كما حثت الرأي العام والمسؤولين الحكوميين على التحرك بسرعة، معتبرة أن «حماية هذا القطاع الحيوي تعد شرطا أساسيا لتحقيق التوازن في الاقتصاد الوطني وضمان الأمن الغذائي وحفظ كرامة المربين».
في خضم هذا الجدل الدائر حول أوضاع قطاع تربية الدواجن بالمغرب، أدلى يوسف العلوي، رئيس الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، بتصريح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» يوضح فيه موقف الفيدرالية ويرد على ما وصفه بـ«الادعاءات غير الدقيقة» الصادرة عن بعض الجمعيات التي لا تتوفر، حسب تعبيره، على تمثيلية حقيقية داخل القطاع. وأكد العلوي أن القول إن فئة محدودة من كبار منتجي الدواجن تستفيد من الدعم العمومي هو «أمر لا أساس له من الصحة»، مشددا على أن قطاع الدواجن في المغرب لا يستفيد أصلا من أي دعم حكومي، لا على مستوى الأعلاف ولا على مستوى تغطية تكاليف الإنتاج. وأوضح أن هذا المعطى ثابت ومعروف لدى المهنيين والجهات الوصية، وأنه لا يمكن تحميل الفيدرالية أو الضيعات الكبرى مسؤولية اختلالات مرتبطة ببنية السوق أو بتقلبات الأسعار.
وفي هذا السياق، أبرز رئيس الفيدرالية الدور المحوري الذي تلعبه الضيعات المعترف بها من طرف السلطات العمومية، معتبرا أنها تشكل العمود الفقري للقطاع، وتتحمل مسؤولية تأمين حاجيات السوق الوطنية من لحوم الدواجن. وأشار إلى أن هذه الضيعات نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من “الفلوس” (الكتاكيت) بمعدل يقارب 10 ملايين كتكوت أسبوعيا، وهو رقم يعكس، حسب قوله، حجم الاستثمارات والمجهودات التقنية والمالية المبذولة من طرف الفاعلين المنظمين في القطاع.
وأضاف العلوي أن هذا المستوى من الإنتاج لم يلبّ فقط الطلب الداخلي، بل سمح للمغرب أيضا بولوج أسواق خارجية، حيث يتم تصدير حوالي مليون كتكوت أسبوعيا، دون الاستفادة من أي شكل من أشكال الدعم العمومي. واعتبر أن هذا المعطى دليل على قدرة القطاع على التطور اعتمادا على آليات السوق والاستثمار الخاص، وليس على الإعانات الحكومية كما يروج له البعض.
غير أن هذا الخطاب لا يلغي، في نظر العديد من المتتبعين، وجود صعوبات حقيقية يعيشها صغار المربين، خاصة في ما يتعلق بتقلب الأسعار، وارتفاع كلفة الأعلاف، وضعف قدرتهم على الصمود أمام الأزمات المتكررة. فبينما ترى الفيدرالية أن القطاع غير مدعوم ويخضع لقواعد المنافسة، ترى جمعيات مهنية أخرى أن اختلال ميزان القوة بين الفاعلين يجعل الصغار في وضعية هشاشة دائمة، حتى في غياب دعم رسمي مباشر للكبار.
مربو دجاج اللحم في المغرب يواجهون «تحديات الاحتكار وهيمنة لوبيات الأعلاف والكتاكيت» رئيس الفيدرالية البيمهنية: القطاع يحقق الاكتفاء الذاتي ويعتمد على السوق لا على الدعم الحكومي
الكاتب : عماد عادل
بتاريخ : 23/12/2025


