مسؤولية المحامي في تنفيذ القانون رقم 12.18 المتعلق بمحاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

يُعتبر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من بين الجرائم الاقتصادية والاجتماعية التي تزعزع الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وتتطلب تدخل كل الأجهزة: الأمنية، القضائية، البنكية والمالية، وكل الهيئات المهنية من محاماة وموثقين لمحاربتها عن طريق التصدي لعمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
منذ الانفجارات الإرهابية ليوم 11 شتنبر 2001 التي فاجأت الولايات المتحدة والعالم بانفجار طائرتين مدنيتين مختطفتين تخترقان جدران برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وأحداث 16 ماي 2003 التي عرفتها مدينة الدار البيضاء، وأحداث 2007 وغيرها من المحاولات الإرهابية، صادقت معظم دول العالم على قانون محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتُنفذ تعليمات الـ40 لمجموعة العمل المالي (GAFFi).
للتذكير، لا بأس أن نقف عند التوصية رقم (29) التي نصت على التعليمات التالية:
ينبغي على جميع الدول الموقعة على الاتفاقية إنشاء وحدة معلومات مالية لتعمل كمركز وطني لتلقي وتحليل:
-تقارير العمليات المشبوهة..
-المعلومات الأخرى ذات الصلة بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بتمويل الإرهاب.
-ينبغي أن تكون وحدة المعلومات المالية قادرة على الحصول على معلومات إضافية من جهات الإبلاغ، وأن يكون لها صلاحية الوصول في وقت مناسب إلى المعلومات المالية والإدارية، وكذلك المعلومات الخاصة بإنفاذ القانون التي تحتاجها للقيام بمهامها بصورة مناسبة.
إذا كان بنك المغرب قد التزم بتنفيذ قرارات BAL 2 والتعليمات 40 لمجموعة العمل المالي GAFFi بخلق الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، التي أُنشئت بموجب المادة 14 من القانون رقم 43-05 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال، كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون 12-18، لتحل محل وحدة معالجة المعلومات المالية (UTRF)، والتي تقوم بدور المنسق الرئيسي لدى السلطات الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فقد التزم القطاع البنكي المغربي بخلق وحدات المراقبة الداخلية Entité de contrôle interne لتتبع ومراقبة العمليات البنكية المشبوهة ذات صلة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
يبقى السؤال عن دور المحامي في الانخراط الفعلي في محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، خصوصا وأنه يلعب دورا رئيسيا في تعميم الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي للمغرب.
ألا يحق أن نفتح نقاشا حول موضوع “التزامات المهن القانونية – مهنة المحاماة نموذجا – في إطار القانون 12ـ18 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”؟ وذلك لتحسيسه وحمايته من مخاطر وعقوبات عدم التبليغ.
حسب خبراء وفقهاء القانون والخبراء الاقتصاديين والماليين:
فإن التزام المحامي في تنفيذ القانون 12ـ18 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رهين بتوفير قدرات تقنية خاصة، وذلك بإلزام وزارة العدل بالمواكبة والتأطير والتكوين المستمر، الذي تطالب به المهنة الشريفة: المحاماة.
حسب تقارير ذات صلة بمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يبقى عدد التصاريح بالاشتباه من طرف المحامين ضئيلا مقارنة بالتصريحات المقدمة من القطاع المالي من البنوك وأسواق الرساميل ومكاتب الصرف.
إذا كان المحامي يلعب دورا رئيسيا في الحياة اليومية للمواطن المغربي، فإن تكوينه وتوفير الآليات الضرورية له لفهم ورصد العمليات المشبوهة ذات صلة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب التي تمر أمامه، سيجعله حريصا وملتزما بالتفعيل الأمثل لالتزامات القانون رقم 12-18؛ الذي سيكون له وقع إيجابي على الاقتصاد الوطني والمكانة الدولية للمغرب.
يبقى السؤال المطروح هو :كيفية تبليغ المحامي عن العمليات المشبوهة ذات صلة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟
ما هي الجهة التي سوف يتعامل معها للتبليغ لتصل المعلومة للهيئة الوطنية للمعلومات المالية؟
في هذا الإطار، لا بأس أن نستأنس بدورية وزير العدل الصادرة في 20 يناير 2022 حول انخراط المهن القانونية والقضائية في مجال مكافحة غسل الأموال، والتي تضمنت حزمة من الالتزامات والإجراءات الواجب اعتمادها، في إطار تنزيل مقتضيات القانون رقم 43.05 كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 12.18.
وتعلقت بعض هذه الالتزامات التي يجب التقيد بها في الملفات التالية:
شراء أو بيع عقارات أو أصول تجارية أو أحد عناصرها.
تدبير الأموال والسندات والحسابات البنكية أو الودائع أو غيرها من الأصول الأخرى التي يملكها الزملاء والعملاء.
تنظيم وتقييم الحصص اللازمة لتكوين رأسمال شركات أو تسييرها أو استغلالها، وبيع أو شراء حصص أو أسهم في شركات تجارية.
التزامات اليقظة، والرقابة الداخلية La vigilance et le contrôle interne.
التصريح بالاشتباه في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب la déclaration des opérations suspectes.
السؤال المطروح: هل المحامي يتوفر على الآليات والمعلومات الكافية لاتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل تحديد الزبائن الذين يمثلون مخاطر مرتفعة وتعزيز إجراءات التحقق من هويتهم؟


الكاتب : إدريس العاشري

  

بتاريخ : 15/05/2025