«مسافات حب» للروائي مبارك ربيع الموت أوج الحياة،والحب بناء مضاد لزلازل الروح

 

أين تبدأ الحياة والموت؟ وماهو الحدث الأصلي بينهما؟ ما موقع الحب في حياة الإنسان المهددة بالموت في كل حين؟ أسئلة طرحها الروائي امحمد أمنصور وهو يحاول مقاربة الرواية الجديدة للكاتب والروائي المغربي مبارك ربيع الموسومة بـ «مسافات حب» والصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وذلك خلال فعاليات الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في ثالث أيامه (12 ماي).
تمثل رواية «مسافات حب» للروائي المغربي مبارك ربيع، الحلقة الثالثة عشرة ضمن مسيرة روائية ثرة، شكلت روايته «الطيبون»، الصادرة عام 1972، حلقتها الأولى، إذ بصم ربيع على مسيرة كتابية طويلة تمخضت عن ثلاث عشرة رواية، وخمس مجموعات قصصية، وأربعة كتب للأطفال، بالاضافة الى عدد من الدراسات الأكاديمية. كما يعتبر مبارك ربيع أحد رواد الرواية المغربية، وأحد المؤسسين الأوائل للرواية المغربية إلى جانب جيل الرواد من أمثال: علال الفاسي، محمد عزيز الحبابي- عبد الله العروي .
يتميز صاحب « الطيبون»، بكونه كاتبا مجددا. فإلى جانب روائيي التأسيس، كتب في مرحلة التجريب والحداثة، وظلت رواية منصتة وراصدة لكل تحولات المجتمع عبر مسارين متوازيين في الحكي: مسار رمزي وآخر واقعي، واستطاع من خلال كتاباته التي تربت أجيال على نصوصها، وصنعت من خلالها وعيها الخاص، أن يحافظ على وفائه للكتابة أولا ، بغض النظر عن موضوعها، باعتبارها تنتج حكاية ما، وتنتج مضامين جديدة ترتبط بالتحولات والظواهر الجديدة في المجتمع المغرب المعاصر.
في تقديمه للرواية اعتبر محمد أمنصور رواية «مسافات حب» أول رواية مغربية تجعل جائحة كورونا موضوعها المركزي، إلا أنه في هذه الرواية، لا يجد القارئ نفسه أمام رواية الخط السردي الممتد، لأن بناءها غير قائم على الخطية والتسلسل، بل إن أحداثها تنمو وتمتد من مسارات مختلفة، امتداد واختلاف مسار ومصائر هذه الشخصيات.
وأضاف أمنصور أن «مسافات حب» باشتغالها على خطين متوازيين، يتجلى الأولى في رصد وتتبع بناء الشخصيات ومساراتها بين العالم الغربي والمغرب وبين المدينة والقرية، فيما الثاني يرصد علاقة حب في سردية ثنائية مختلفة، فإن ما ينظمها هو سؤال مركزي وحيد مؤداه: ما موقع الحب في حياة الإنسان؟.
ولأن ما يؤطر الرواية هو الحدث الكوني الذي عاشته الإنسانية برمته (وباء كورونا)، فإن المؤلف يضعنا أمام اختبار التجارب الإنسانية للشخصيات بين الحب والموت، وأمام مصائر المصابين بالفيروس، ما يجعلنا أمام رواية «اللوحات السردية الإنسانية»، بما فيها وصف الفضاءات الأوربية والمغربية (حضريها وقرويها) وما يختزنه العمق الإنساني رغم اختلاف المناخات الاجتماعية للشخصيات التي هي خليط من فئات المجتمع، وتركيبة من الشخوص يجمع بينهاويوحدها قدر الكارثة، تلك الكارثة الكونية التي وضعت الكائن البشري أمام هشاشته ولا يقينية مفاهيمه وتصوراته.
لقد حاول مبارك ربيع في هذه الرواية أن يرسم بروفايلات لعدد كبير من الشخصيات، جميعها تشكل مشاريع حيوات كانت ناهضة قبل أن يداهمها وباء الكوفيد، وفي هذا الرصد، لم يفت الروائي مبارك ربيع أن يسلط الضوء على النسيج الصحي بالمغرب ببنياته التحتية الهشة في قطاعه العمومي، تخصيصا، لكنه وقف مليا لينصف هذا النسيج، في جانبه الإنساني المتمثل في موارده البشرية التي كانت أمام اختبار الإنسانية الذي نجحت فيه، وأبانت عن تضامن إنساني نبيل استرخصت فيه أرواحها ووقتها في زمنية استبد بها القلق والخوف.
في «مسافات حب» قصص حب منقوص، علائق مبتورة،صداقات تعويضية، وباختصار ثنائية الحب والموت أمام مرصد التحولات العالمية.
هي رواية رهانها الرئيس هو التأكيد على خفة الكائن البشري أمام أسئلة الحياة والموت، حيث الحب وحده من له القدرة على رتق الشروخ والشقوق الموغلة في جدار الروح.
من جانبه، أكد الروائي مبارك ربيع على أن الرواية تعالج تيمتي الحياة والموت، معتبرا أن الموت هو أوج الحياة.
وشدد ربيع على أن القارئ رقم أساسي لديه في معادلة الكتابة، خاصة في هذه الرواية الأخيرة التي تحتاج قارئا مشاركا يستطيع تركيب أشياء كثيرة داخلها، مشيرا إلى أن الرواية تضم مقتطفات إخبارية ومراسلات وتغريدات ما يوحي بشئ من روح التأريخية لكنه تاريخ من زاوية السرد.
وأضاف المؤلف أن الجائحة التي تشكل موضوع الرواية، بقدر ما كانت مؤلمة، فإنها كشفت حيوات عديدة متفرقة في الجغرافيا لكنها متساوية في المعاناة، لافتا إلى أن عظمة الإنسان وحضيضه في نفس الآن هي قيمه.
ولفت ربيع الى أنه في الإبداع السؤال الذي يجب أن يطرح هو: هو كيف تقول، لا ما تقول لأن التاريخ يقدم حدثا بطريقة موضوعية ووضعية، لكن عندما يتناوله المبدع، فهو يقدمه بما يجعله حيا متحركا على الورق. هذه الحيوية والحركة هي كيف تكون مقنعا بأن ما تكتبه، يتحرك على الورق ويصل الى القارئ.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 14/05/2024