بحث علماء وأكاديميون ومتخصصون أمس السبت في الضاحية الباريسية خلال ندوة فكرية حول موضوع « مفهوم الجهاد كما حدده القرآن والحديث في مواجهة تحديات التطرف المعاصر « مختلف التصورات الكفيلة بوضع الفوارق والحدود بين الجهاد كمفهوم ديني وبين التطرف والغلو وكذا آليات تلقين المفهوم الحقيقي للجهاد لمختلف الشرائح خاصة لفئة الشباب .
وناقش المتدخلون خلال هذه الندوة الفكرية التي نظمت بمبادرة من اتحاد مساجد جهة ( إيل دو فرانس ) وحضرها جامعيون وباحثون متخصصون في الدراسات الإسلامية من المغرب بالإضافة إلى العديد من الأئمة من مختلف المناطق والجهات بفرنسا مفهوم الجهاد ومرتكزاته كما وردت في القرآن والسنة والتحريفات التي طالته من طرف أشخاص وجهات بعيدة كل البعد عن الإسلام وقيمه الدينية السمحة .
وحرص المتدخلون في هذه الندوة التي نظمت بشراكة وتعاون مع اتحاد مساجد فرنسا على شرح مفهوم الجهاد على النحو الذي جاء في القرآن والحديث مشيرين إلى أن هذا المفهوم قد تم استغلاله وتحويره من قبل المتطرفين والغلاة وكذا من طرف بعض الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالإسلام الذي هو دين يدعو إلى القيم السمحة وإلى مبادئ السلم والتعايش واحترام الآخر .
واعتبروا أن استغلال وتحريف المعنى الحقيقي لمفهوم الجهاد من قبل المتطرفين والغلاة عبر ربطه بالعنف والقتل والإرهاب والمواجهات يروم بالأساس تضليل الناس مشددين على أهمية تكوين الأئمة خاصة في فرنسا لتمكينهم من تلقين الشباب المبادئ السامية التي جاء بها الإسلام وتحديدا قيم ومبادئ التسامح والوسطية والاعتدال .
وقال محمد الموساوي رئيس اتحاد مساجد فرنسا خلال افتتاحه لأشغال هذا الملتقى إن الجهاد أضحى اليوم من بين المفاهيم المضللة التي تم تحريفها من قبل المتطرفين وصارت تعني العنف والقتل مشيرا إلى أن هدف اتحاد مساجد فرنسا هو تلقين الشباب وتنويرهم حول مثل هذه المفاهيم التي يتم استغلالها من طرف الجهات الداعمة للعنف والتطرف والإرهاب وكذا العمل على تحصينهم وتنبيههم لمساعدتهم على مواجهة الأخطار المتزايدة .
وأوضح أن الحادث الإرهابي الذي وقع أول أمس الجمعة جنوب فرنسا يؤكد مرة أخرى أن الشباب معرض بشكل كبير لمخاطر التطرف والغلو من خلال التلاعب بمعتقداته واستغلال جهله وعدم فهمه الصحيح لمبادئ وقيم الإسلام مضيفا أن من واجب الأئمة بفرنسا أن يعملوا من اجل تحصين هؤلاء الشباب وتلقينهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة التي يدعو إليها الإسلام والسنة الشريفة وهي وجهة الوسطية والاعتدال والنزوع إلى السلم والتعايش .
وأشار إلى أن تنظيم هذه الندوة الفكرة يندرج في إطار العمل الشمولي الذي بدأه اتحاد مساجد فرنسا منذ شهر ماي 2014 عندما أطلق تحذيراته حول مخاطر التطرف والغلو حتى قبل الهجمات التي عرفتها فرنسا خلال شهري يناير ونونبر عام 2015 مضيفا أن مثل هذه المبادرات مكنت من الالتقاء بالأئمة وغيرهم من الديانات الأخرى للانكباب على تحليل ظاهرة الغلو والتطرف التي أصبحت تمس فئة عريضة من الشباب بفرنسا .
ومن جهته أكد حمان اليعقوبي رئيس اتحاد مساجد ( إيل دو فرانس ) أن مفهوم الجهاد أضحى يعني بسبب أعراض الجهل لدى بعض الأشخاص الذين يفسرونه بطريقة قسرية بأنه هو « الحرب المقدسة « أو الحرب والمواجهة « ضد غير المسلمين « .
وأوضح أن مفهوم الجهاد أضحى ينظر إليه دائما من زاوية ومنظور الحرب والإرهاب والعنف والتطرف وبالتالي يتم تحويره واستغلاله من أجل ضرب الإسلام مشيرا إلى أنه من خلال ربط مفهوم مضلل ومحرف للجهاد بالإسلام وقيمه ومبادئه السمحة يسعى الذين يقفون وراء ذلك إلى تشويه سمعة الإسلام وربطه بالإرهاب الأعمى .
وقال إن المفهوم الحقيقي للجهاد تم تحريفه من طرف الجهلة الذين لا يفقهون مبادئ الدين سواء لدى المسلمين أو غيرهم من أتباع الديانات الأخرى وغالبا ما يتم ذلك لأسباب ودوافع خفية .
وبدوره أكد خليل مرون رئيس المركز الثقافي الإسلامي بإيفري أن تنظيم هذا اللقاء يندرج في إطار استمرارية المبادرات التي تستهدف مواجهة التطرف والغلو والتعريف بحقيقة الإسلام الذي يرتكز على مبادئ العدالة والوسطية والاعتدال والسلم والتعايش وعلى المحبة الاحترام .
وأشار إلى أن من بين الأنشطة والمبادرات التي يتم تنفيذها لمواجهة التطرف تكوين الأئمة في اللغة الفرنسية خاصة الذين يتحملون مسؤولية إلقاء خطبة الجمعة ودعا الأئمة إلى العمل من أجل استعادة المفهوم الحقيقي للجهاد الذي يعني جهاد العلم والمعرفة وجهاد التفاهم وفهم الآخر واحترامه وجهاد التساكن والتعايش .
مشاركون في ندوة بفرنسا يبحثون آليات وضع الفوارق والحدود بين الجهاد كمفهوم ديني وبين التطرف والغلو
بتاريخ : 30/03/2018