أثار إطلاق وزارة الشباب والثقافة والتواصل ما يسمى بالشطر الأول من مشروع افتتاح 150 قاعة في الجهات ال 12 للمملكة العديد من ردود الفعل سواء من أهل السينما أنفسهم أو من الجمعيات من مختلف مدن المغرب.
ففي الوقت الذي تقول الوزارة إن هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز الصناعة الثقافية والسينمائية، عبر توفير البنية التحتية الضرورية للفنانين والمنتجين والمخرجين لعرض وترويج أعمالهم السينمائية على المستوى الوطني، فضلا عن خلق دينامية ثقافية في مختلف مدن وأقاليم المملكة، فإن وجهة نظر أخرى مغايرة تماما، ترى في هذه المبادرة، أنها مجرد وهم، انبنت على شعار أجوف لا يمت للحقيقة أو ما يمكن أن يتخيله أو يفهمه القارئ من الشعار، بأية صلة.
كما أن هذه المبادرة يمكن أن تشكل ذريعة لرفع اليد عن بنايات القاعات السينمائية التاريخية على امتداد ربوع الوطن.
وفي هذا الباب عبر المخرج السينمائي عبد السلام الكلاعي، في رسالة موجهة إلى الوزير بنسعيد، عن خشيته من أن يكون خطاب الوزير ذريعة لرفع اليد عن بنايات القاعات السينمائية التاريخية والحقيقية عبر ربوع بلادنا، وفتح الباب لتحطيمها وهدمها، بحجة وجود المئات من “القاعات السينمائية” الأخرى، بدل العمل على دعم إصلاحها وتهيئتها ورقمنتها لتضطلع بدورها كصروح للمدنية والمواطنة والفن.
مئات القاعات السينمائية التاريخية عبر ربوع وطننا مقفلة، وجلها آيل للخراب، وهي في حاجة لدعم السيد الوزير، أولاً لحمايتها من الاندثار، ثم لإصلاحها وتجهيزها، كي تنهض بدورها من جديد، كما تقول الرسالة المفتوحة.
آراء أخرى عبرت هي أيضا عن مخاوفها، بعد أن أطلقت الوزارة برنامجا للعروض السينمائية بمناسبة مشروع تجهيز 150 قاعة سينمائية بالمراكز الثقافية، بأحدث تقنيات وسائل العرض السينمائي ينطلق من الأربعاء إلى الأحد كل أسبوع لتقريب ما أسمته بالفيلم المغربي من الجمهور .
السؤال الذي يطرحه العديد من المتتبعين، يتعلق بمصير برمجة الجمعيات التي حجزت قاعات العروض بهذه المراكز قبل ظهور هذا البرنامج.
بمدينة العرائش، مثلا، تقول تدوينة أحد الفاعلين الجمعويين، “حجزنا قاعة العروض بالمركز الثقافي ليكسوس باب البحر قبل شهر تقريبا لتنظيم برنامج” ليالي السينما”، وهيأنا كل وسائل الدعاية من ملصقات ودعوات ولافتات واتصالات مع المخرجين لتنشيط المدينة سينمائيا خلال رمضان، بعد كل هذا نفاجأ ونخبر أن برنامجنا السينمائي قد لا يتحقق منه سوى يوم واحد كحصة مسموح بها للجمعية، وأنه ليس من حقنا استعمال تجهيزات العرض الجديدة، ويجب علينا مراسلة المديرية الإقليمية التي سترفع مراسلتنا إلى الوزارة وانتظار الرد منها”، وتتساءل التدوينة، “لفائدة من جهزت هذه المراكز الثقافية؟ “.
من بين الأسئلة التي تطرحها هذه المبادرة أيضا، هو مصير برامج الجمعيات وأنشطتها، فهناك من ذهب إلى القول إن الوزارة كان عليها أن تركز في هذه المبادرة على المناطق التي لا تحتوي على قاعات سينمائية، وفي نفس الآن تتبنى برنامجا من أجل فتح القاعات السينمائية المغلقة في العديد من المدن المغربية.
وشدد المنتقدون على أن هذه المركبات الثقافية مهما تم تجهيزها فلن تعوض القاعات السينمائية، بالإضافة إلى نوع الأفلام التي تم الإعلان عن عرضها في هذه المبادرة، والتي ليست سوى أفلام تجارية، في الوقت الذي كان من المفروض أن يتم انتقاء أفلام ذات طابع ثقافي، أو أفلام المؤلف تماشيا مع الدور المفروض أن تلعبه وزارة الثقافة ومركباتها الثقافية.
بل يرى البعض أن هذه المبادرة جاءت من أجل التضييق ومحاربة الجمعيات الثقافية والفرق المسرحية الجادة وغيرها بشكل غير مباشر، وذلك من خلال منعها من استعمال هذه المركبات الثقافية، بدعوى تنفيذ وتنزيل رؤية السيد الوزير، ولا يهم إن كانت العروض السينمائية التي برمجتها الوزارة تقدم في قاعات فارغة وبدون أي متفرج، وأفلام تجارية لا تنشر سوى السطحية !