مشروع الورقة التوجيهية للمؤتمر الإقليمي السادس بالعرائش

ظلّ الاتحاد حاضرا بقوة داخل المجالس المتعاقبة ضمن فرق الأغلبية أو فرق المعارضة بحسب الظرفية والتحالفات

نتطلع إلى توفر إرادة سياسية واضحة تعمل على تنقية الإقليم من تجار الانتخابات ومن المال المشبوه

 

تقديم عام

ينعقد المؤتمر الإقليمي السادس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالعرائش تحت رئاسة الكاتب الأول الأستاذ ادريس لشكر يوم الأحد 14 شتنبر 2025 تحت شعار» مصداقية العمل السياسي بإقليم العرائش ضمان لتحقيق العدالة المجالية والتنمية المستدامة «، في سياق الدينامية التنظيمية الوطنية التي يعرفها الحزب تحضيرا لعقد المؤتمر الوطني الثاني عشر خلال شهر أكتوبر2025.
ويعكس هذا الشعار رغبة حزبنا في العمل إلى جانب القوى الحية الجادّة على تخليق الحياة السياسية بالإقليم وتأهيل نخب سياسية جديدة فاعلة وذات مصداقية من أجل تعزيز ثقة المواطنين في نبل العمل السياسي من جهة، ومن جهة أخرى بهدف النهوض بالتنمية الشاملة والمستدامة للإقليم وتحقيق إدماجه فعليا ضمن محيطه الجهوي والوطني.
وكان التحضير لانعقاد المؤتمر الإقليمي مناسبة لتجديد هياكل الحزب، حيث تم تأسيس المجلس الإقليمي لمنظمة النساء الاتحاديات، وتجديد بعض الفروع الحزبية وبعض فروع الشبيبة الاتحادية ومكتبها الإقليمي.
وشكل التحضير كذلك مناسبة لتقييم مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بالإقليم وكذا إعداد تصور ومقترحات الحزب بهذا الخصوص من أجل إنهاء مسلسل التهميش الذي طال الإقليم بالرغم من المؤهلات الكبيرة والمتنوعة التي يزخر بها.
وللتعريف، فإن عدد سكان الإقليم هو 510 ألف نسمة حسب إحصاء 2024، ويضم جماعتين حضريتين (القصر الكبير والعرائش) و17 جماعة قروية موزعة على ثلاث دوائر وهي دائرة اللوكوس ودائرة مولاي عبد السلام بن مشيش ودائرة وادي المخازن، ويمتد على مساحة 2.684 كلم2  . ويشكو الإقليم من هشاشة واضحة ببعض المناطق، كما يتذيل ترتيب أهم المؤشرات الاجتماعية.
وضمن الإعداد كذلك، تمت مسائلة المشهد الحزبي بالإقليم والوقوف عند مختلف الاستحقاقات السياسة التي عرفها ومكانة ودور الاتحاد وموقع باقي الفاعلين. كما تم الوقوف عند الممارسات السلبية التي رافقت العملية الانتخابية خلال العشرية الأخيرة والمتجلية أساسا في استعمال المال المشبوه واستغلال الدين والنفوذ وعدم التزام الحياد اللازم للسلطة في بعض الحالات مما يخل بمصداقية العملية برمتها.
إن المؤتمر الإقليمي، فضلا عن كونه محطة لمسائلة موضوعية للذات التنظيمية والعمل على بعث الروح داخل هياكل الحزب وتجميع القوى واستقطاب طاقات جديدة وتوسيع القاعدة الحزبية وترسيخ مبادئ الاشتراكية الديمقراطية، مع الحرص على توسيع نطاق المشاورات بين الاتحاديات والاتحاديين لتجاوز كل المعيقات الداخلية وتكريس وحدة الصف، فهو كذلك فرصة لاستعادة المبادرة السياسية والتطلع إلى التواجد الوازن بالجماعات الترابية والغرف المهنية والمؤسسة التشريعية لكي يحتل الحزب مجددا مكانته داخل مربع القرار الإقليمي.

الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالإقليم قطاع الفلاحة

يتميز إقليم العرائش بمؤهلات فلاحية هامة، تتجلى في تنوع التربة، وغنى التساقطات المطرية، وتوفر الموارد المائية الجوفية والسطحية عكس الإجهاد المائي الذي تعيشه غالبية مناطق المغرب عقب توالي فترات الجفاف، إلى جانب موقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعله مجالاً واعدًا وجذابًا للاستثمار الفلاحي.
وبفضل هذه الإمكانيات الطبيعية، إضافة إلى الجهود التي بذلتها الدولة بالمدار السقوي بواسطة المكتب الحهوي للاستثمار الفلاحي اللوكوس (منطقة العوامرة وضواحي القصر الكبير، ومؤخرا منطقة الريصانة) على مدى خمسة عقود في مجال التجهيزات الهيدروفلاحية، فقد تحققت مجموعة من المكتسبات، من أبرزها إدخال مزروعات جديدة لم تكن معروفة من قبل كالنباتات السكرية والخضروات والفول السوداني، وتحسن المردودية الفلاحية، إلى جانب تطور الزراعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الفواكه الحمراء الصغيرة، وتوسيع المساحات المخصصة للأشجار المثمرة كالحمضيات والأفوكادو. كما شهدت المنطقة تطوير قطاع الصناعات الغذائية حيث تم احداث العديد من الوحدات (معامل للسكر –وحدات للتخزين والتبريد واتكييف والتلفيف – مطاحن- معامل الحليب – وحدات لإنتاج الأعلاف…)
وهكذا، أصبح الإقليم يحتل موقعًا متميزًا على مستوى بعض الزراعات المسقية والتصديرية، ويساهم بنسب مهمة في الإنتاج الوطني لعدد من المنتجات (حوالي 80 % من توت الأرض، 20 % من الفول السوداني، 15 % من السكر، ونسب مهمة من العسل والحليب، والزيوت والخضروات)، فضلا عن خلق العديد من فرص الشغل.
ورغم هذه الإنجازات، فقد ضلّ القطاع الفلاحي بالمدار السقوي يواجه عدة إكراهات أبرزها:
هيمنة الضيعات الصغيرة على البنية العقارية (80 % تقل مساحتها عن 5 هكتارات قابلة للتفتيت بحكم التوارث)؛
ضعف استعمال مستلزمات الإنتاج أو سوء استعمالها؛
قصور الاندماج بين حلقات الإنتاج والتسويق والتثمين (باستثناء بعض المنتجات السكرية والفواكه الحمراء الموجهة نحو التصدير)؛
تراكم ديون مياه السقي على صغار المزارعين (ممّا أرغم البعض منهم إلى البيع أو الكراء)؛
محدودية الاستثمار الفلاحي، خاصة بضواحي القصر الكبير؛
ضعف التنظيم المهني؛
صعوبة الولوج إلى التمويل.
نتيجة لكل ذلك، وفي غياب بنيات تحتية مهمة من طرق ومسالك ومختلف المرافق الاجتماعية الأخرى، بقيت ظروف عيش أغلبية المزارعين الصغار بالمدار السقوي بالعوامرة أو بضواحي القصر الكبير، دون تحسن حقيقي، مقابل استفادة المزارعين الكبار، خصوصا منتجي المزروعات الموجهة للتصدير، من تجهيزات الري الكبير ومن كل أنواع الدعم المقدم في إطار صندوق التنمية الفلاحية.
أما بباقي المناطق الغير المسقية (بوجديان ، القلة، تطفت، بني عروس وبني كرفط ،عياشة، ، زعرورة ، تزرورت….)، فإن بعض برامج التشجير وبرامج دعم بعض الأنشطة المدرة للدخل، التي أنجزت في إطار مخطط المغرب الأخضر، على أهميتها، ظلت دون مردودية حقيقية تذكر، وبقيت الفلاحة في هذه المجال تقليدية وضعيفة جدّا.
والخلاصة أن تركيز المخططات الفلاحية، سواء في إطار مخطط المغرب الأخضر أو استراتيجية الجيل الأخضر، على المدار السقوي واستهداف فئات معينة من المزارعين والضيعات وأنواع محددة من الإنتاج، مقابل تهميش ما يقارب ثلثي المساحة الترابية للإقليم، إضافة إلى فشل السياسات العمومية في إدماج البرامج الفلاحية مع باقي البرامج القطاعية، كل ذلك حال دون تمكين القطاع الفلاحي من الاضطلاع بالدور الريادي المنوط به في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالوسط القروي بالإقليم.
انطلاقا من هذا التشخيص، يرى المؤتمر الإقليمي للحزب أن النهوض بالقطاع الفلاحي حتى يتمكن من المساهمة الفعلية في ضمان الأمن الغذائي لبلادنا، وتحسين دخل الفلاح وظروف عيشه، وخلق فرص الشغل، وتنمية العالم القروي، وتعزيز الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الإقليم، يقتضي:
على مستوى السياسات العمومية: الحرص على ضمنان التقائية تدخلات مختلف القطاعات الوزارية على مستوى بادية الإقليم؛
على مستوى السياسة الفلاحية: خلق التوازن اللازم بين المناطق السقوية والمناطق البورية والجبلية والشبه الجبلية والرعوية، مع تحفيز الأنشطة الغير فلاحية؛

على مستوى بعض الإجراءات ذات الأولوية:

تقديم كل أنواع الدعم لتكثيف وتنويع الإنتاج بالمدار السقوي، وتثمين مياه الري، وتأهيل سلاسل الإنتاج، ومعالجة موضوع ديون ماء الري؛
توسيع الري الكبير لكل مناطق الإقليم القابلة لذلك، خاصة بعد إنشاء سد دار اخروفة؛
تجهيز باقي المناطق بالري الصغير والمتوسط، مع اللجوء على نطاق واسع للري التكميلي؛
الإسراع في استكمال إنجاز القطب الفلاحي بمنطقة الزوادة من أجل تثمين المنتوج الفلاحي (للإشارة فقد سبق أن تضمنت الورقة التوجيهية لمؤتمرنا الإقليمي الخامس مقترح إحداث هذا القطب)؛
تعبئة الأراضي التابعة للدولة من أجل الاستثمار الفلاحي؛
تعميم عمليات الضم، والحد من تفتيت الضيعات الفلاحية؛
تعزيز دور جمعيات مستعملي المياه، والغرفة الفلاحية والتعاونيات؛
تطوير الأنشطة المرتبطة بتربية الماشية؛
تنمية الأنشطة المرتبطة بالغابة (تصفية ملفات التحديد، وضع حد لظاهرة إتلاف الغابة، خلق وحدات لتأطير الغابة، الوقاية من الحرائق، تعزيز أبراج المراقبة وتقوية أجهزة الاتصال، التشجير الغابوي، تقوية المسالك الغابوية، تشجيع الاستثمار في مجال السياحة)؛

حماية الأراضي الفلاحية من التوسع العمراني

وبالمناسبة، وفي إطار مقاربة تنموية شاملة للمناطق الجبلية، نعتبر أن من حق هذه المناطق بإقليم العرائش، والتي كانت تعرف في السابق انتشار زراعة القنب الهندي، أن تستفيد من برامج الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، بما يضمن إدماجها في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وللإشارة، فقد كان أخونا المرحوم القيادي مصطفى القرقري سباقا لإطلاق حملة المطالبة بإسقاط المتابعات القضائية ضد مزارعي القنب الهندي.

قطاع الصيد البحري

يلعب قطاع الصيد البحري الساحلي والتقليدي دورا هاما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بإقليم العرائش نظرا للموقع الاستراتيجي للميناء ولمساحته الكبيرة، ونظرا للثروات السمكية المتنوعة التي يزخر بها الساحل الأطلسي الشمالي حيث يعتبر ساحلا بحريا غنيا بالأسماك بجودة فريدة كالسردين، الأنشوبة، الأسماك البيضاء، الرخويات، والقشريات.
يرتكز نشاط الصيد البحري على أسطول من حوالي 200 وحدة للصيد الساحلي بجميع أصنافه و130 قارب للصيد التقليدي وأخرى لاستغلال المزارب لصيد التون الأحمر. يبلغ عدد البحارين العاملين على ضهر الأسطول حوالي 3.000 شخص، كما يساهم نشاط الأسطول في خلق عدد مهم من اليد العاملة المباشرة أو الغير المباشرة المرتبطة بالميناء وبالصناعات التحويلية وبإصلاح وبناء المراكب، والنقل والبيع والشراء.
يبلغ حجم الإنتاج السمكي في المتوسط سنويا حوالي 12 ألف طن يغلب عليه السمك السطحي. ويبقى هذا الانتاج ضعيفا مقارنة بمخزون السمك بسواحل الإقليم.
يتوفر الميناء على 10 وحدات صناعية لتثمين المنتجات البحرية وتصديرها أساسا نحو الأسواق الأوربية، وتشغل هذه الوحدات أزيد من 13 ألف شخص.
بالرغم من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للصيد البحري، فإن القطاع يعاني من العديد من الاكراهات والتي لم يتمكن مخطط المغرب الأزرق من تجاوزها، وأبرزها:
ضعف البنيات التحتية للميناء (المداخل، الحواجز الوقائية، أرصفة، المناطق المسطحة، منطقة صناعية بحرية لاستقطاب الاستثمارات..)؛
تقلبات الإنتاج: تراجع كميات الأسماك المصطادة القاعية والصطحية؛
الصيد العشوائي، خاصة بالقرب من اليابسة التي تتخذها الأسماك أماكن للتوالد؛
تلوث البيئة البحرية بالنفايات الصلبة والمواد السائلة؛
استخدام الإطارات الهوائية الكبيرة والأضواء الكاشفة؛
تقادم الأسطول البحري؛
كثرة عدد مراكب الصيد البحري المتوافدة خاصة مراكب الجر.
خروقات في عمليات التصريح والمراقبة وتهريب المنتجات البحرية مما يؤدي إلى حرمان الدولة ولجماعة من مداخيل مهمة؛
التفشي الدوري لظاهرة السرطانات الصغيرة بمصايد العرائش.
من أجل تحقيق مساهمة فعلية لقطاع الصيد البحري في التنمية بإقليم العرائش، ومن خلاله على الصعيد الجهوي والوطني، يتطلع المؤتمر إلى ما يلي:
اتخاذ جميع الإجراءات المستعجلة للحفاظ على الثروة السمكية واستدامتها، وعلى التوازنات البيئية والبحرية؛
الإسراع بإنجاز محطات لمعالجة المياه العادمة التي تساهم في تلوث البيئة البحرية؛
تحديث وعصرنة تجهيزات الميناء؛
تجديد أسطول الصيد؛
تحسين منظومة الحكامة مع إشراك مختلف الفاعلين في القضايا التي تهم القطاع وعلى رأسهم البحار.

قطاع السياحة

يتوفر الإقليم على مؤهلات سياحية طبيعية وتاريخية وثقافية وروحية مهمة جدا تتوزع على النحو التالي:
على المستوى الطبيعي: يتميز الإقليم بتنوع بيئي وجغرافي غني، يجمع بين الجبال والغابات الطبيعية، والمناطق الرطبة التي تشكل موطناً للطيور المهاجرة والنادرة، إضافة إلى شريط ساحلي رملي وصخري، وواد ومصب لوكوس.
على المستوى التاريخي: بفضل موقعه الجغرافي وأهميته الجيوستراتيجية، كان الإقليم على مر العصور مجالاً لاستقرار الإنسان وتعاقب الحضارات، وهو ما تؤكده المواقع الأثرية والتاريخية، مثل: موقع مزورة، مدينة ليكسوس، المدينتين العتيقتين بالعرائش والقصر الكبير، موقع معركة واد المخازن، إضافة إلى النسيج المعماري الكولونيالي.
على المستوى الثقافي والروحي: يزخر الإقليم بتراث روحي وثقافي متنوع، يضم زوايا وأضرحة ومواسم دينية (موسم مولاي عبد السلام بن مشيش)، إلى جانب الموروث الشفهي من أساطير وحكايات، والمهرجانات الفنية والموسيقية، فضلاً عن المطبخ المحلي والمنتجات المجالية.
ورغم هذه الإمكانات، فإن إقليم العرائش يعاني من تهميش واضح في الاستراتيجية السياحية الوطنية، ويمكن إبراز ذلك في:
عدم إدراج الإقليم ضمن خريطة المسار السياحي الوطني، وغياب أي تمثيلية إدارية لقطاع السياحة على ترابه، وهو ما يحرمه من فرص الترويج الترابي واستقطاب الاستثمارات؛
غياب مشاريع تأهيل حقيقية للمدينتين العتيقتين، رغم توفر العرائش على اتفاقية للتأهيل لم يتم تفعيلها إلى اليوم، بخلاف ما شهدته مدن أخرى بالجهة؛
تعثر مشروع المحطة السياحية ليكسوس لما يقارب عقدين من الزمن، وهو ما يثير تساؤلات جدية خاصة عند مقارنتها بمحطات سياحية أخرى تم إنجازها في وقت قياسي.
إلى جانب هذا الحيف المجالي الذي تتحمل مسؤوليته الوزارة الوصية، تتحمل المؤسسات المنتخبة نصيبًا من المسؤولية، بالنظر إلى ضعف قدرتها على الترافع والاقتراح، وفشلها في بلورة استراتيجية محلية وإقليمية قادرة على تثمين المؤهلات السياحية وجلب الاستثمارات اللازمة.
وانطلاقًا من هذا التشخيص، يقترح المؤتمر الإقليمي السادس ما يلي:
إعداد استراتيجية للنهوض بالقطاع السياحي بالإقليم.؛
إعداد استراتيجية للتسويق الترابي السياحي؛
بلورة خطة عمل لتشجيع الاستثمار السياحي؛
إعداد برنامج لدعم العاملين في مجال المنتجات المحلية، مع تثمينها وتسويقها؛
إعداد برنامج لتأهيل المنتوج المادي؛
إعداد خطة للترافع لدي الجهات المختصة لتأهيل المدينتين العتيقتين، وموقع معركة واد المخازن؛
دعم الفاعلين في مجال المنتوج الثقافي اللامادي وتشجيع مبادراتهم وتأهيل قدراتهم.
قطاع الإسكان
رغم أن مساكن الإقليم، كما هو الحال في مختلف مناطق البلاد، تتميز بكونها أكثر حداثة مما كانت عليه في السابق. فإنه من المؤسف أن يتصدّر إقليم العرائش نسبة انتشار دور الصفيح، حيث بلغت 5.8% مقابل 1.1% على مستوى الجهة و3.3% على الصعيد الوطني. ثم إن مستوى تجهيز المساكن، خاصة بالوسط القروي، يعتبر ضعيفا أو متواضعا مقارنة مع الجهة ومع المستوى الوطني (أنظر المؤشرات في فقرة لاحقة).
من جانب آخر، تشهد مدن الإقليم توسعا عمرانيا وحضريا مهما ناتج عن النمو الديمغرافي وعن الهجرة القروية، مما يتطلب تهيئة المجال وتوفير التجهيزات والخدمات الأساسية لتكريس جودة الحياة، مع الحفاظ على النسيج العمراني العتيق للمدينتين ب. لذا، فإن المؤتمر يتطلع إلى:
وقف نزيف أحياء الصفيح بالعرائش؛
إعادة هيكلة أحياء السكن العشوائي؛
التعجيل بمعالجة مشكلة الدور الآيلة للسقوط بالنسيج العتيق؛
ترميم المساكن والوحدات الأثرية؛
مراقبة عمليات الإصلاح وعمليات إعادة البناء مع مراعاة التصميم القطاعي للتهيئة العمرانية بالمدينة العتيقة بالعرائش؛
تحسين ظروف السكن بالوسط القروي؛
تمكين الجماعات المحلية بكل الوثائق المتعلقة بالتعمير والتهيئة؛
إنشاء مراكز حضرية جديدة لاستقبال الوافدين قصد تخفيف الضغط على مدينتي الإقليم؛
إنعاش السكن الاجتماعي بالوسط القروي.

قطاع الثقافة

يُعد إقليم العرائش مجالاً حضارياً وإنسانياً متميزاً، راكم عبر العصور تراثاً مادياً ولا مادياً يعكس تنوع الأصول السكانية والحضارات المتعاقبة على أرضه.
فعلى مستوى التراث المادي، يتوفر الإقليم على رصيد أثري وتاريخي غني يعكس مختلف الحقب التي تعاقبت عليه .
أما على مستوى التراث اللامادي، فقد أبدع سكانه عبر الزمن تعبيرات فنية وشعبية وعادات وتقاليد متنوعة، ورغم محدودية التوثيق والدراسة والتثمين، فإنها تظل مكوناً أساسياً لهويته الثقافية، خاصة في مجالات الموسيقى والتعابير الفنية ذات الخصوصية المحلية.
كما يحتضن الإقليم ثقافة روحية متميزة بفضل تعدد الزوايا والطرق الصوفية، وفي مقدمتها الطريقة المشيشية.
ويعزز هذا الرصيد وجود نسيج جمعوي نشط في مجالات التراث والموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية، إلى جانب مبدعين بارزين في الشعر والزجل والرواية والسينما. وتُعد المهرجانات الكبرى التي يحتضنها الإقليم (مهرجان المسرح والتلاقح الثقافي، مهرجان الموسيقى الصوفية، ملتقى عبد السلام عامر، ملتقى الخمار الكنوني، مهرجان التاكرا، مهرجان ماطا، مهرجان صيف العرائش…) واجهة للتعريف بهذا الغنى الثقافي.
ولتثمين هذا الزخم، يحتاج الإقليم إلى بنيات ثقافية مهيكلة قادرة على احتضان الإنتاج الفني، إذ يفتقر إلى متاحف متخصصة وأروقة للفنون التشكيلية، كما أن الفضاءات المتوفرة في مجالات الموسيقى والمسرح والقراءة محدودة وغير قادرة على تلبية الطلب المتزايد، خاصة في الوسط القروي حيث يحرم الأطفال والشباب من فرص الاستفادة.
وقد أثبت الفاعلون الثقافيون، فرادى وجماعات، قدرتهم على تثمين الموروث والإبداع في الأدب والموسيقى والمسرح والفن التشكيلي والسينما، مما جعل العقدين الأخيرين من أزهى الفترات إنتاجاً، رغم ضعف الدعم المالي والحاجة الملحة إلى تقوية القدرات.
ومن أجل تحقيق مساهمة فعالة لقطاع الثقافة في تنمية الإقليم، فإن المؤتمر يتطلع إلى:
إعداد مخطط للنهوض بالشأن الثقافي؛
الإسراع بترميم برج النصر وتحويله إلى متحف أثري؛
ترميم البنايات التاريخية بمدن الإقليم؛
بناء أروقة للفنون التشكيلية؛
الترافع من أجل إدراج أوتاد مزورة إلى تراث وطني؛
إحداث جائزة للكتاب لفائدة كتاب ومؤلفي الإقليم.

البنيات التحتية الطرق

لا يتجاوز طول الشبكة الطرقية بإقليم العرائش 440 كيلومتراً، وهي كثافة ضعيفة بالنظر إلى المساحة الترابية للإقليم (2.684 كلم²) وبالمقارنة مع بعض أقاليم الجهة. كما لا تتجاوز كثافة هذه الشبكة 0.8 كيلومتر لكل 1.000 نسمة، مقابل معدل وطني يناهز 1.2 كيلومتر.
واعتبارا لكون إقليم العرائش يشكل حلقة مهمة في الربط بين شمال المغرب وباقي مناطق البلاد، وبالنظر إلى الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للبنيات التحتية الطرقية، يجب التعجيل ب:
تقوية الشبكة الطرقية على مستوى الإقليم لترقى على الأقل إلى المعدل الوطني؛
تكثيف إنجاز الطرق والمسالك بجميع المناطق القروية والجبلية؛
توسيع وتأهيل الطريق الرابطة بين القصر الكبير والطريق السيار عند بدال مولاي بوسلهام عبرعرباوة؛
تأهيل الطريق الرابطة بين القصر الكبير وشفشاون؛
تأهيل الطريق الرابطة بين القصر الكبير ووزان؛
تثنية الطريق بين القصر الكبير وسوق الأربعاء؛
تثنية الطريق الرابطة بين القصر الكبير وسيدي اليمني؛
تحسين حكامة تدبير الطرق والمسالك من خلال الحرص على تنسيق تدخلات مختلف الفاعلين (الجماعات الترابية، المكتب الحهوي للاستثمار الفلاحي اللوكوس، المجلس الإقليمي، مجلس الجهة والوزارة الوصية)؛
جعل الطريق السيار عنصرا للتنمية عوض أن يكون عاملا لتهميش مدينة القصر الكبير والعرائش.
إنشاء محطة لوقوف قطار فائق السرعة بالعوامرة لتمكين ساكنة الإقليم من الاستفادة من خدماته.

الصرف الصحي

بالرغم من المجهودات التي بدلت في قطاع الصرف الصحي بالإقليم، فإنها تبقى دون المستوى المطلوب، حيث أن معدل تجهيز المساكن بشبكة الصرف الصحي الذي يبلغ 55,9 ٪ يبقى ناقصا مقارنة بالجهة التي يصل معدلها إلى 70٪ ووطنيا 65,4٪، فضلا عن غياب محطات لمعالجة المياه العادمة التي يتم إفراغها مباشرة في وادي اللوكوس وفي البحر مع ما لذلك من تأثير على المنتجات الفلاحية وعلى البيئة البحرية.
كما أن الدواوير الملحقة بالمجال الحضري بالعرائش لا تتوفر على شبكة التطهير السائل بالرغم من أن البعض منها ألحق بهذا المجال في ثمانينيات القرن الماضي ولا تزال ليومنا هذا غير مدرجة ضمن التصميم المديري لشبكة التطهير السائل.

قطاع الماء الصالح للشرب

إذا كان إقليمنا يتمتع بغنى موارده المائية وأقيمت على ترابه ثلاث سدود، فإننا نسجل أن معدل تجهيز المساكن بالماء الصالح للشرب لم يرقى بعد الى المعدل الوطني الذي يصل إلى 82,9٪ وإلى المعدل الجهوي 75,7٪ وإذا كانت التغطية بهذه المادة الحيوية في الوسط القروي تغطية هامة فإن الساكنة لا زالت تعاني من مشاكل مرتبطة بالانقطاعات الدورية لهذه المادة نتيجة لضعف الصبيب الناتج عن ضعف التجهيز.

قطاع الإنارة

نسجل المجهودات المبذولة في مجال تجهيز المساكن بالكهرباء إذ يصل المعدل بإقليمنا إلى 95.3٪ مما يجعله قريبا من معدل الجهة 97,4٪ والمعدل الوطني 97,1٪ غير أنه نسجل أيضا سقوط الأعمدة في الوسط القروي وعدم القيام بالصيانة المطلوبة مما يعرض الساكنة لخطر الإصابة بالتيار الكهربائي.

بعض المؤشرات الديمغرافية والاجتماعية المعبرة

عدد السكان: 510 ألف نسمة بنسبة 13 % من مجموع ساكنة الجهة؛
النمو السكاني: 0.27 % مقابل معدل الجهة 1.26 % والمعدل الوطني 0.85 %؛
نسبة التمدن: 54 % مقابل نسبة 65 % بالجهة و62 % على الصعيد الوطني؛
نسبة تمدرس الأطفال البالغين من العمر من 6 إلى 11 سنة: 95.3 % مقابل 95.9% بالجهة ونسبة 95.8% على الصعيد الوطني، وهي أدنى نسبة على صعيد الجهة؛
معدل الأمية: 29.6 % مقابل 22.8% بالجهة ونسبة 24.8% على الصعيد الوطني؛
معدل التغطية الصحية: 58.2 مقابل 69.8 على الصعيد الوطني و62.2 بالجهة؛ (آخر الترتيب)؛
2.5 طبيب عمومي لكل 10.000 نسمة مقابل معدل 4 أطباء وطنيا، و15 حسب معايير المنظمة العالمية للصحة؛
معدل البطالة: 20.7 % مقابل 19.6 % بالجهة؛
متوسط عدد الأفراد في الغرفة الواحدة: 1.6 مقابل 1.5 بالجهة و1.4 وطنيا؛
معدل تجهيز المساكن بالكهرباء: 95.3 % مقابل 97.4 % بالجهة، و97.1 % وطنيا؛
معدل تجهيز المساكن بالماء الصالح للشرب: 72.5 % مقابل 75.7 % بالجهة و82.9 % وطنيا؛
معدل تجهيز المساكن بشبكة الصرف الصحي: 55.9 % مقابل 70 % بالجهة و65.4 % وطنيا؛
معدل الهدر المدرسي يتراوح ما بين 1% و8 % حسب الأسلاك.

الوضع الحزبي والسياسي بالإقليم

لقد ظلّ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على مستوى إقليم العرائش، منذ 1976، فاعلًا سياسيًا رئيسيًا، حيث تولّى رئاسة عدد من الجماعات، من بينها العرائش والقصر الكبير والعوامرة وتطفت وبوجديان وبني كرفط وخميس الساحل، إضافة إلى رئاسة المجلس الإقليمي وتمثيل الإقليم على مستوى مجلس النواب ومجلس المستشارين. كما ظلّ الاتحاد حاضرا بقوة داخل المجالس المتعاقبة ضمن فرق الأغلبية أو فرق المعارضة بحسب الظرفية والتحالفات.
غير أن الحزب، منذ سنة 2003، بدأ يعرف سلسلة من الكبوات والإخفاقات، استمرت لتتجلى بشكل أوضح خلال استحقاقات 2009 و2015 ثم 2021. وهذا التراجع لا يمكن اعتباره معطى معزولًا خاصًا بإقليم العرائش، بل يندرج ضمن المنحى العام الذي شهده الحزب على المستوى الوطني ابتداءً من 2002. ويُعزى هذا التقهقر الجماعي، من جهة، إلى تراكمات تنظيمية داخلية سلبية، ومن جهة أخرى إلى انعكاسات تحمل الحزب مسؤولية العمل الحكومي لمدة عقد كامل، إلى جانب عوامل موضوعية أخرى سياسية وقانونية ومؤسساتية.
إلاّ أنه وبالنسبة لحالة العرائش، إضافة إلى ما سلف، فإن التراجع كان أيضا نتيجة تواطئ العديد من الأطراف التي عملت بشكل ممنهج على إضعاف القوة التمثيلية للحزب. ونقصد بالذات تحالف المركب المصالحي الذي يجمع بين المال والنفوذ والسلطة.
وبالعودة إلى الاستحقاقات التشريعية الأخيرة، فقد وجد الاتحاد نفسه أمام آلة انتخابية بدون هوية حزبية وبدون ضوابط المنافسة الشريفة. فمن المترشحين من تكمن قوته فقط في المال والنفوذ، ومنهم من تمتع صراحة بدعم السلطات العمومية التي يفترض فيها الحياد. لا أحد منهم استمد شرعيته من حضور أو أداء حزبي متميز أو من برنامج مقنع.
ورغم هذه الظروف الاستثنائية، تمكن حزبنا من الحصول على عدد مهم من الأصوات النظيفة رغم العزوف ورغم كثرة اللوائح المتنافسة (15 لائحة) التي تمّ تفريخها للغاية المعهودة.
أما على مستوى الانتخابات المهنية، فقد احتل حزبنا رتبة جد مشرفة، وعلى مستوى الانتخابات الجماعية فقد حصل الحزب على أصوات مقبولة.
وتجدر الإشارة إلى أن حزبنا، وفي ضل التغول، حصل بجماعة تطفت على مقعدين إثر انتخابات جزئية جرت سنة 2024
والآن، وبعد مرور حوالي 4 سنوات، وقد عجز من أنجبتهم انتخابات 2021 على توقيع أي أثر تنموي يذكر رغم كل أنواع الدعم التي قدّمها التغول الحكومي، فإن المؤتمر يتطلع إلى توفر إرادة سياسية واضحة تعمل على تنقية الإقليم من تجار الانتخابات ومن المال المشبوه، وتسمح بالتالي برسم خريطة سياسية جديدة في إطار انتخابات شفافة ونزيهة وعلى قاعدة تكافئ حقيقي للفرص مع تخصيص عدد من المقاعد يتناسب مع حجم ووزن وموقع الإقليم.


بتاريخ : 13/09/2025