اعتبارًا من أكتوبر الماضي ، ينظم متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر معرضًا استعاديًا للفنان فؤاد بلّمين بعنوان «فاتحة الإبداع» يسترجع خمسين عامًا من الإبداع الفني.
هذا هو أول معرض استعادي يُخصص لفنان مغربي على قيد الحياة . يُغطي حوالي مائة عمل أساسي جُلِبت من المتاحف الدولية والمجموعات الخاصة لتُمثِّلَ خمسينَ عاماً من الإبداع، فهو يُعيد إنتاج مُجمَلَ رحلة فؤاد بلّمين من بداياته الفنية إلى أحدث أعماله.
يسمحُ توضيبُ المعرض – يقول بلاغ توصلت «الاتحاد الاشتراكي» بنسخة منه- بفهم العمل في تنوعه، وتبيُن المعنى الذي نَهجهُ الفنان في التسلسل الذي لا يُرَدُّ إلى تكرارٍ ولا يُختزلُ في تنويعات على موضوع الشكل المعماري لمتوازي السطوح والذي تَعلوهُ نصف كرة تسمى قُبَّةً. بالنسبة للكثيرين قد يُلخصُ هذا الموضوعُ – الذريعَةُ العملَ التصويري لفؤاد بلامين، إذ يهبُهُ بعدًا تصويريا ورمزيًا غير موجود في تصميمات الفنان. يمكنُ لمُشاهدِ المَعرض- يضيف البلاغ – أن يكتشف بأن هذه المصفوفة هي نتيجة تحقيقٍ واستقصاءٍ للأمكنة امتدَّ عقوداً من الزمن. يتوافقُ المتنُ الذي يُشكلهُ مجموعِ الأعمال هذه مع سياق تاريخ العالم والفن، في حساسيته واهتماماته الميتافيزيقية، وفي صلة بالمسار الشخصي لفؤاد بلامين الذي هو ثمرةُ لقاءاتٍ صاغتهُ وفُرصٍ جعلت منهُ فنانا تشكيليا. في التسلسلٍ الزمني للرحلة، تعملُ كل مرحلة من مراحل الإبداع على جعل أعمال الفنان مُتوافقة ولقاءاته بتشكيليين ومع اللحظة المعيش بصُورٍ ووثائقَ ودعامات نصية. إن مسار الزيارة ينتظمُ في شكل تخطيطي عبرَ ستة أقسام كرونولوجية.
يفتتحُ المَعرضُ ببواكير الأعمال تلكَ التي أنتَجها بلامين في شبابه من سبعينيات القرن الماضي، والتي تميزت بانتمائها للمرحلة الأقلية وأشكالها الصغيرة والمتوسطة وأيضا بحركية صامتة. ثم تقودنا النزهة إلى أعمال الفترة الباريسية، حيث يُقيمُ الفنانُ لعبةً جدلية بين الحركية وبين الفضاء المؤسِّسِ لعمله. وعندما نُتابع تقدُمَ مِعمار الفِكرَة في لوحاتٍ تعبيرية نجدُها بين المُتَوقِدة إلى الفوضوية المُستمتعة، تتخللها لحظاتٌ تعبيرية يُهيمن عليها مَبدأ الصمت حيث يقف الموضوع على حافة التلاشي وحافة المكان – الزمان
يمكن للمرء أثناءَ تجوُله بالمعرض أن يَطْرُقَ طرقاً عبَرَها الفنانُ في استطراداته ولوحاته المحورية في فترات تأسيسية من مساره. ينتهي التقدم في المسار بتركيب بصري وصوتي غامر في فضاء يُجسد بأحجام الكونَ التشكيلي للرسام الذي تغذيه ذاكرة الطفولة في متاهة شوارع مدينة فاس.
بتوجيه من لجنة التنظيم، يوضح البلاغ، ستعمل منشورات ملتقى الطرق على نشر مُصَنَفٍ – كتالوج في 320 صفحة. يتضمن المُصنَّفُ، بالإضافة إلى الرسوم التوضيحية، مقالات للكاتب فؤاد العروي والناقد الفني هنري فرانسوا ديبايلوكس، ونصًا غير منشور للصحفي والناقد الفني جيل دي بوري، ومقابلة مع الكاتبة لطيفة السرغيني.