معرض «مواقف حميمية» للتشكيلي أحمد العمراني : «حياة بعد حياة»

يستعد الفنان المغربي أحمد العمراني لإطلاق تجربة تشكيلية جديدة، اتخذ لها عنوانا دالا هو «مواقف حميمية». وينظم المعرض برواق كنت بطنجة، يوم 23 أكتوبر 2020، بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة- قطاع الثقافة المغربية، وذلك ضمن سياق افتتاح الموسم الثقافي.

 

يقول التشكيلي ومفوض المعرض عمر سعدون: «إن هذا المعرض هو لقاء واحتضان لذاكرة بصرية عميقة تتخذ من الثنائيات موضوعا لها، وذلك من قبيل السماء والأرض والخير والشر والذكر والأنثى، وهي ثنائيات بقدر ما تبدو ضدية إلا أنها تنصهر في تجربة الفنان أحمد العمراني لتتخذ تمثيلات جمالية وبصرية تغري بطرح الأسئلة أكثر مما تقدم أجوبة جاهزة، ذلك أن الرهان هو القبض على المنفلت والتحسيس بما هو مقيم في الذاكرة والوجدان. إن الثنائيات التي عبرت عنها أعمال الفنان تستخدم تقنيات متنوعة ومختلفة كالكولاج.
ألف جمهور أحمد العمراني التعرف على لغته التشكيلية المنبثقة من الموروث الثقافي المغربي دون أن يعني ذلك الانسلاخ عن سياقات الحاضر برهاناته وتشعباته، يذكرنا الروائي المغربي عز الدين التازي بقوة الفنان وموقعه في خريطة التشكيل المغربي، إذ يقول «أعمال الفنان أحمد العمراني رؤية عميقة للوجود الإنساني تحضر من خلال النواة التي يتكون منها الذكوري والأنثوي، دون أن تنشطر، بل إن تلاحما بين المكونين هو ما نشاهده على اللوحات بادئا للحياة بزخم الحضور المتعدد، ومن خلال الفضاءات المتنوعة التي تجسد اللقاء المحتمل بين «الأنا» و»الأنا» الآخر، وكل «أنا» تحتفل بوجودها مع «الأنا» الأخرى في فسحة من فسح الحياة، وتقاسم معها الوجود الممكن في فضاءات الدهشة والكشف والاكتشاف
يستهوي الفنان أحمد العمراني حضور الجسدين في أعماله والتلاعب بهما بما يجعل هذا التلاعب تنويعا لوجود ممكن، متعدد الحضور بأشكاله وألوانه وبلاغته الدلالية والجمالية. فالدلالي والجمالي يتلاحمان في الفضاءات والألوان والخطوط وأشكال التعبير. إنها ولادة جديدة لإنسان ممكن يتقاسم العيش مع إنسان آخر لا يستقل عنه، بل إنه يتكامل معه، يعيش معه المشترك والحميم إلى درجة «التذاوت»، حيث تصبح الذات الواحدة متشاكلة مع الذات الأخرى، وهذه هي فلسفة الوجود الإنساني التي يقدمها الفنان أحمد العمراني في لوحاته بكثير من سحر الفن وجمالية التعبير.
من كان قد تابع مسيرة هذا الفنان، سوف يجد أنه يشتغل على الجسد بكثير من المعاناة من أجل صوغه وجوديا وجماليا على أنماط متنوعة من التعبير التشكيلي، وما الأعمال المعروضة في هذا المعرض إلا محطة فنية من محطات الفنان وهو ينوع في تجربته ويمنحها حياة بعد حياة.
يعد أحمد العمراني فنانا من أهم رواد الحداثة المغربية، كما تنهج غاليري «كينت» نهج دعم الفنانين ذوي نصوص إبداعية متميزة، وتقديم حصيلة المنجز الفني لأحد أهرام الإبداع التشكيلي المغربي وتسليط الضوء على مسيرته الحافلة بالإبداع والتفرد..
أحمد العمراني اهتم بالموروث الشعبي والفنون التقليدية في تركيب هويته البصرية، من خلال توظيف المواد والخامات التي يستنبطها من عمق الموروث المغربي كالصناعة التقليدية والزرابي المغربية وأنواع الطرز كطرز التغجيرة الشهيرة بتطوان.
يتذكر العمراني أن ثاني معرض فردي له في طنجة كان عام 1967 بكازينو البلدي، ومنذ هذا التاريخ لم يسبق أن عرض بعروس الشمال ملتقى الفن والأدب، وهي فرصة للمتتبع المغربي للتعرف عن كثب على تجربة هذا الفنان المؤسس لتيار الحداثة وما بعدها، والذي شارك في معرض الربيع الذي اتخذ من فضاء الفدان مكانا مفتوحا لتلاقي الأعمال الفنية مع عموم الناس باقتناع مطلق بدمقرطة الفن كونه مؤسسا للحظة إبداعية نسجلها باعتزاز ضمن الحركة التشكيلية المغربية المعاصرة. كما اشتغل طويلا في إبراز الموروث الإثنوغرافي ضمن سلسلة من أعماله الفنية.
سعدت كثيرا بالاشتغال إلى جانب أحمد العمراني بوصفي مفوضا للمعرض، هذا الهرم يعد من أهم رواد الفن التشكيلي المغربي بدون منازع، إذ ليس من السهل أن تسبر أغوار أعمال أحمد العمراني الفنية. فبقدر ما تدهشنا تدفعنا إلى السؤال، خصوصا أن أعماله تتراوح ما بين التجريد والواقعية الجديدة أو الترميز الدال على مجموعة من التيمات المتناقضة في ما بينها كالموت والحياة – الحب والكراهية- الخير والشر – والغريمان أو العشاق ضمن وضعيات حميمية».


بتاريخ : 27/10/2020