في ندوة جهوية بوجدة
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نزار بركة، يوم السبت بوجدة، على ضرورة وضع رؤية استراتيجية مندمجة ومتعددة الأبعاد، لتنمية جهة الشرق، والنهوض بالتشغيل في هذه الجهة ذات المؤهلات السوسيو اقتصادية والثقافية الغنية والمتنوعة.وأبرز المتحدث، في كلمة له خلال ندوة جهوية حول «التنمية الجهوية والتشغيل.. رؤية ورهانات وآفاق»، أن «هذه الرؤية ينبغي أن تنبني على مقاربة تشاركية مع مختلف الأطراف والفاعلين والقوى الحية على المستوى الجهوي والترابي، من أجل الإنصات إلى الحاجيات والانتظارات وتحديد الأولويات، والعمل على تحقيق التجانس بين برامج التنمية على مستوى الجهة والجماعات الترابية التابعة لها»، معتبرا «أن إشكالية التشغيل تبقى في مقدمة التحديات المطروحة على الصعيد الجهوي»، ذلك أن نسبة البطالة بجهة الشرق تظل عموما مرتفعة (9 ر 17 في المائة مقابل 9 ر 9 في المائة على الصعيد الوطني) وتمس بالأساس فئة الشباب وحاملي الشهادات منهم.
وأبرز العرض « أهمية الدينامية التنموية التي عرفتها المنطقة إثر الزيارة الملكية سنة 2003 لاسيما على مستوى الأوراش الكبرى، والبنيات التحتية، وتحسين الجاذبية الاقتصادية، وتكوين وتأهيل العنصر البشري، ومحاربة الفقر وتثمين المنتوج الثقافي والمحلي».وسجل «أنه رغم أهمية الجهود المبذولة والمكتسبات الإيجابية التي تم تحقيقها، فإن هناك حاجيات وتحديات وعوائق عديدة ومستجدة، ما فتئت، ولأسباب مختلفة، تعتري عجلة التنمية في المنطقة الشرقية، وتجعلها على العموم بعيدة عن بلوغ المعدل الوطني لمؤشرات التنمية الإقتصادية والإجتماعية».
وقال إن «المعطيات المقلقة» حول واقع التشغيل بجهة الشرق، ليست إلا نتيجة ومؤشرا على وضعية محركات النمو والتنمية بالمنطقة، إن على المستوى الهيكلي أو القطاعي، علما بأن مساهمة الجهة في الناتج الداخلي الخام لا تتعدى 7 ر 4 في المائة، كما تحتل على مستوى الدخل الفردي المرتبة 10 من بين جهات المملكة الإثنتي عشر».وأشار كذلك إلى أن مردودية الإستثمار العمومي، وعلى غرار مناطق أخرى، لا تزال «ضعيفة» لاسيما من حيث خلق فرص الشغل، والأثر الملموس على حياة ومعيش الساكنة المستهدفة، فضلا عن أن مساهمة القطاع الخاص في المجهود الاقتصادي والتنموي بالجهة تبقى غير كافية من حيث الحجم والتنوع القطاعي والقيمة المضافة محليا.
وتحدث رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أيضا عن الصعوبات المطروحة في ما يتعلق بالإدماج التدريجي للقطاع غير المهيكل في النسيج الإنتاجي، فضلا عن الضعف في الإندماج بين جهة الشرق والجهات المجاورة.
ولتجاوز هذه الوضعية دعا المتحدث، بالخصوص، «إلى الإسراع بأجرأة البرامج التعاقدية بين الدولة والجهة، ورفع حجم ومردودية الإستثمارات العمومية، ودعم ومواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، وتقوية تنافسية الجهة، ووضع استراتيجية جهوية خاصة بتنمية العالم القروي والمناطق الجبلية، وتطوير وملاءمة تكوين العنصر البشري مع متطلبات سوق الشغل».
من جانبه أكد والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنجاد محمد مهيدية، أن معضلة التشغيل تقع «في صلب اهتماماتنا اليومية، وهي تسائلنا جميعا كل من موقعه، نظرا لانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية السلبية والمباشرة».وسجل «أنه على الرغم من كل المجهودات التي بذلت في السنوات الأخيرة، فإن «تزايد عدد العاطلين بمختلف أصنافهم قلص من النتائج والآثار الإيجابية المتوقعة لمختلف المخططات القطاعية والمبادرات الإنتاجية الخاصة». وقال إن المؤشرات الرقمية «مازالت مقلقة» في العديد من المناطق التابعة لجهة الشرق، خاصة منها المناطق الحدودية، التي ارتبط اقتصادها لفترة طويلة بأنشطة التهريب والاقتصاد غير المهيكل بصفة عامة.
ولفت الوالي إلى أن القطاع العام لم يعد باستطاعته تحمل مسؤولية التشغيل بمفرده رغم المجهودات المبذولة في هذا الصدد، كما أن القطاع الخاص، وبالرغم من مبادراته المتعددة، يعاني بدوره من العديد من الإكراهات التي تحد من قدرته على تحقيق النمو، وبالتالي توفير مناصب شغل جديدة.
وأشار المتحدث، إلى مجموعة من التدابير المتخذة على الصعيد الجهوي لتحقيق التنمية، وتتعلق أساسا «بتأهيل النسيج الاقتصادي عبر خلق أقطاب اقتصادية، ووضع صندوق لدعم الاستثمارات الخاصة من طرف مجلس الجهة، وتحفيز الاقتصاد التضامني ودعم الأنشطة المدرة للدخل، واعتماد مبادرات متعددة لتحسين مناخ الأعمال، وفتح قنوات للتواصل مع حاملي الشواهد العليا والتنظيمات الجمعوية من أجل الإدماج في سوق الشغل، وتشجيع التشغيل الذاتي والمقاولاتي».