معهد سرفانتس بمراكش يستحضر آثار الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو

أعاد معهد سرفانتس الى وجدان المدينة الحمراء روح الكاتب الإسباني الذي عشق مراكش حتى الثمالة الراحل « خوان غويتيسولو» مساء الخميس 20 فبراير الجاري خلال لقاء شاركت فيه كل من «إلينا هيتا» و»ميريام كليمنتي» خريجتي كلية الصحافة والإعلام ببرشلونة والباحث والإعلامي الدكتور عبد الصمد الكباص.
شكل اللقاء مناسبة لتقديم مجلة «مراكش خوان غويتيسولو» الذي أعدته إلينا هيتا وميريام كليمنتي في إطار مشروع جامعي لنيل شهادة الماجستر في تخصص صحافة الأسفار، موثقتين عبر صفحات هذا العدد من المجلة الذي صدر في طبعة أنيقة، آثار الكاتب العالمي خوان غويتيسولو في المدينة التي أحب، مراكش، منذ وصوله إليها إلى أن دفن إلى جانب قبر الكاتب جان جونيه بمدينة العرائش.
تضمن العدد استفاضة في التقاط روح مراكش التي تخص خوان غويتيسولو بتفاصيلها، كنمط حياة وشكل من الحكاية والحلم، عبر الأمكنة التي أقام فيها أو التي صادقها بمحبة كبيرة واستدرجها إلى عالمه الإبداعي، وكذا الصداقات التي جمعته بها.
الباحث والمستعرب كارلوس برونا مدير معهد سرفانتس بمراكش، أكد في افتتاح هذا اللقاء الذي حضرته مجموعة من الفعاليات الثقافية المراكشية والاسبانية، على القيمة الرمزية التي تحظى بها ذكرى خوان غويتسولو بوصفه رؤية متدبرة لمعنى الوجود الذي يغتني بتنوعه وتعدده، مانحا فرصة للثقافات المتقابلة أن تتجاوز غطرستها وتنظر مليا في أشكال الغيرية التي تستوطنها.
الإسبانيتان إلينا هيتا وميريام كلمنتي، أوضحتا في معرض تقديمهما لهذا المشروع الاعلامي الهام، أن عملهما في مراكش في تعقب آثار خوان غويتيسولو بمراكش، كان بمثابة رحلة استكشاف ساحرة لقصة هذه المدينة ولسكانها وللقصص التي تفيض من فضاءاتها، وفي مقدمتها ساحة جامع الفنا.
ومن جانبه أكد الباحث والاعلامي الدكتور عبد الصمد الكباص على أهمية العمل الذي قامت به الصحافيتان الإسبانيتان، والذي يمثل حسب رأيه المعالجة الأكثر تكاملا لعلاقة خوان بمراكش التي ظهرت لحد الآن.
وأوضح الكباص في هذا الصدد أن تجربة خوان غويتسولو، كانت تكريسا لمفهوم الوجود في السفر، حيث أن خوان من القلائل من كتاب العالم الذين استطاعوا أن يبنوا وطنا في مفترق الطرق، بين لغات وثقافات مختلفة. وأضاف أن صاحب الأربعينية، مثل علامة ثقافية عالمية لمراكش، كانت هذه المدينة في حاجة إليها وخاصة بعد الضرر الكبير الذي لحقها بعد التسليع الذي طالها بمنطق تطويع روحها لكي تختزل في منتوج سياحي ينبغي بيعه للأجانب، والذي حولها إلى مجرد مكان لإشباع النزوات أو لإرضاء المطامع الشخصية في المضاربة والنصب.
الكباص توقف أيضا في تدخله، عند التأثير البالغ الذي أحدثه خوان غويتيسولو، في مراكش، بعدما حولها إلى مكان رمزي لغنى الحكاية التي تحمي الجوهر الإنساني وتسرد المشترك بين البشر. فقد مكن- يقول الكباص- بفضل عمله العظيم من رد الاعتبار لثقافة هذه المدينة وثرائها الرمزي الذي كان موضع تبخيس بفعل العائق الفرنكوفوني، الذي منع المثقفين المغاربة من التواصل مع عمقها باعتباره خزانا للمعنى، بل إن خوان حرر المثقفين المغاربة من عقدة تبخيس الثقافة الشعبية، ودفعهم إلى الانتباه إليها باعتبارها رصيدا رمزيا لا يستهان بقيمته، ودفعهم إلى الكتابة عن المكان القريب، المكان الذي يعيشون فيه ويتواصلون معه كحياة نابضة بالروح.
وختم عبد الصمد الكباص تدخله، بالإشارة إلى أن خوان تحول إلى حكاية كبرى من حكايات مراكش، يصعب فصله عنها، وتأسف لكون مبادرة الصحافيتين الإسبانيتين جاءت متأخرة، لأن مراكش التي أحب خوان وعاش فيها ومن أجلها اختفت أغلب معالمها، فمقهى ماطيش أعدم، والساحة التي كان يغني روحه بحكاياتها لم تعد فضاء للرواة وإنما مكانا جافا للبضائع السياحية المتكلفة والمطاعم واللصوص والنصابين، وأرجاؤها هجرت بساطتها، وتحولت بنايات مغالية في ارتفاعها يشوهها الإشهار.


الكاتب : مكتب مراكش: محمد المبارك البومسهولي

  

بتاريخ : 29/02/2020