مع توالي إخفاقات المنتخبات الوطنية للكرة الطائرة .. محرك الطائرة الوطنية يأبى الدوران والتحليق لازال بعيدا!!

«تمخض الجبل فولد فأرا» مثال يلخص ما باتت تعرفه لعبة الكرة الطائرة ببلادنا، والتي تأبى التحليق رغم الميزانية الكبيرة التي أصبحت تحظى بها.
فإذا كانت جامعة الكرة الطائرة تدور قبل 15 سنة بميزانية هزيلة، لكن وبعد النكسة التي عرفتها عقب بطولة إفريقيا بطنجة سنة 2011، وبتخطيط من معارضي الجامعة في ذلك الحين، تضاعفت ميزانية الجامعة – منذ عشر سنوات – وأصبحت تفوق مليار درهم بكثير، دون أن يتغير أي شيء، بل تفاقمت الأمور أكثر مما كانت عليه في السابق، فظلت أجنحة الطائرة الوطنية منكسرة.
وطيلة عمر الجامعة الملكية المغربية للكرة الطائرة، فإن أحسن إنجاز للمنتخبات الوطنية كان هو احتلال المرتبة الثالثة في بطولة إفريقيا للأمم سنوات 1976، في بطولة شهدت مشاركة ثماني منتخبات وتكرار هذا الإنجاز سنة 2013، التي شهدت مشاركة 6 منتخبات، فيما كان آخر صعود للبوديوم سنة 2015 بعد مشاركة تسع منتخبات.
وعدا هذا كان الإخفاق مرادفا للمشاركات المغربية في الاستحقاقات الدولية، وعلى مستوى جميع الفئات، ناهيك عن عدم المشاركة والانسحاب أحيانا، حيث لا يمكن لأحد أن ينسى الفضيحة المدوية، والتي لم تعرفها اللعبة منذ تأسيس الجامعة، والمتجلية في إضراب اللاعبين خلال بطولة إفريقيا للرجال الأخيرة بمصر، وانسحابهم من البطولة احتجاجا منهم على تدبير أمور المنتخب من طرف الجامعة.
وآخر هذه الإخفاقات كانت في آخر مشاركة للمنتخب الوطني لأقل من 18 سنة ببطولة إفريقيا، حيث احتل المركز ما قبل الأخير، بعدما تجرع الهزائم الواحدة تلو الأخرى، ولم يحقق سوى انتصارا واحدا، وكان على حساب المنتخب الرواندي، الحلقة الأضعف في البطولة، التي أسفرت عن تأهل منتخبات مصر تونس والجزائر وليبيا، هذه الأخيرة تعيش حربا أهلية منذ سنوات، على مستوى الذكور لبطولة العالم، التي ستقام السنة القادمة بالفلبين، فيما تأهلت منتخبات كينيا مصر والكاميرون إلى بطولة العالم للسيدات
والتي ستدور نفس السنة بالتايلاند.
لقد استحسن عشاق اللعبة تولي بشرى حجيج رئاسة الاتحاد الافريقي للعبة، وهو ما من شأنه أن يساعد على تطوير اللعبة محليا، لكن التخلف عن المشاركة في عدة تظاهرات وبطولات كما حدث مؤخرا لفئة الشابات أقل من 20 سنة وعدم مشاركتهن في بطولة إفريقيا للأمم بتونس يطرح علامات استفهام كبيرة داخل بلد يترأس اتحاد إفريقيا، وتعتذر منتخباته عن المشاركة البطولات القارية. فهذه حالة شاذة تسيء للرياضة الوطنية، زد على ذلك «حريك» اللاعبين، وآخرهم ثلاثة يمارسون بمنتخب أقل من 21 سنة اختفوا عن الأنظار بإيطاليا بمناسبة المشاركة في بطولة العالم لسنة 2021.
إن الكرة الطائرة الوطنية تمر من مرحلة صعبة، رغم بعض الانجازات المتمثلة في الحضور الإفريقي المتميز على صعيد الكرة الطائرة الشاطئية ذكورا وإناثا، وهي إنجازات تخفي غابة إخفاق رياضي وتسييري، سواء على مستوى الجامعة أو الأندية، الأمر الذي يفرض الوقوف على مكامن الخلل والبحث عن أساليب العلاج. فمعظم الأندية لا تتوفر على جميع الفئات العمرية، وإن توفرت فالكل يعلم ظروف إجراء بطولة هذه الفئات، التي لا يستفيد لاعبوها من مباريات عديدة وتكون متقطعة في غالب الأحيان، ناهيك عن إسناد تدريبها لأساتذة التربية البدنية مع العلم بأن الجامعة تخرج علينا بدورات تكوينية للمدربين، يظلون دائما في عطالة نظرا للأزمة المالية التي تمر منها الأندية.
إن برنامج رياضة ودراسة، الذي برهن في وقت ما على نجاعته وأفرز لنا منتخبا قويا خاصة في بطولة العالم  للشبان بالهند سنة 2004، والذي كان معظم لاعبيه قد استفادوا من هذا البرنامج بمعهد المنظر الجميل بالرباط، تم التخلي عنه وتوقفت عمليا الشراكة مع وزارة التربية الوطنية، كما أن وضع اللعبة يزداد سوءا، خاصة بعد إسناد الإدارة التقنية لأطر برهنوا أكثر من مرة عن محدوديتهم في إدارة شؤون المنتخبات الوطنية، وعجزوا عن وضع برامج مبنية على منظور علمي كفيل بالنهوض بهذه الرياضة التي تحتضر في صمت.
إن وضعية الطائرة الوطنية تتطلب استفاقة عامة، وعلى جميع المستويات، والبداية بالتخلي عن الساعين إلى الانتفاع الشخصي والاستفادة من الامتيازات، وفي مقدمتهم أعضاء بالجامعة والاتحاد الإفريقي تركوا أنديتهم للضياع وصوبوا اهتماماتهم لأغراضهم ومنافعهم الخاصة.


الكاتب : سعيد العلوي 

  

بتاريخ : 07/09/2024