احتضن فضاء “السقالة” التاريخي بمدينة الدار البيضاء، يوم الخميس 3 غشت الجاري، ندوة تفاعلية تخليدًا لليوم الوطني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، نظّمها منتدى التواصل لمغاربة العالم تحت شعار: “معًا من أجل مغرب موحّد، مواطن ومزدهر”. المناسبة جمعت فاعلين جمعويين، أكاديميين، وكفاءات من مغاربة المهجر المقيمين بعدة دول أوروبية
اللقاء يندرج في إطار الاحتفال السنوي الذي يُنظم يوم 10 غشت، بعد أن أقره جلالة الملك محمد السادس سنة 2003، كمناسبة للاعتراف بأدوار الجالية وتعزيز روابطها بالوطن، وتقييم السياسات العمومية الموجهة إليها، خصوصًا في ظل التحولات التي تعرفها الهجرة المغربية
المتدخلون أجمعوا على ضرورة تجاوز الطابع الرمزي أو الاحتفالي لهذا اليوم، وجعله مناسبة حقيقية لتقييم أوضاع الجالية المغربية بالخارج، وتسليط الضوء على مساهماتها، انتظاراتها، وتحدياتها، خاصة في ما يتعلق بالمواطنة الكاملة والتمثيلية السياسية.
من بين المتدخلين في الندوة، أحمد ماحو، عضو التنسيقية الديمقراطية للشتات المغربي، ونعيمة العورفا، مستشارة بلدية ورئيسة جمعية الجذور والفروع للتنمية الاجتماعية بإسبانيا، ومحمد الحافي، مخرج سينمائي ورئيس جمعية الضفتين للسينما والمسرح بألمانيا، وشكيب بوعلو، رئيس المجلس الفرنسي المغربي للمهندسين والعلماء وصلاح الدين المانوزي رئيس جمعية الوصل بين الضفتين.
وتمت مناقشة قضايا جوهرية، منها تفعيل الحقوق السياسية والدستورية للجالية، خاصة حق التصويت والترشح للبرلمان؛ تحسين الخدمات القنصلية والإدارية، وتسريع رقمنتها؛ تشجيع الاستثمار الآمن وتوظيف التحويلات المالية في مشاريع تنموية؛ الحفاظ على الهوية المغربية لدى الأجيال الجديدة عبر التعليم والثقافة؛ حماية الحقوق الاجتماعية في بلدان الإقامة، خاصة في ظل تصاعد الإسلاموفوبيا.
كما أُتيحت الفرصة لمداخلات من الحضور، خصوصًا من الجيلين الثاني والثالث من أبناء الجالية، الذين عبروا عن تطلعهم إلى علاقة حديثة وتشاركية مع الوطن، تقوم على الحقوق، الاعتراف، والانتماء، تم تسليط الضوء على تجربة جمعية “الوصل بين الضفتين”، الناشطة في فرنسا، والتي يرأسها صلاح الدين المنوزي، وتُعد من الجمعيات المغربية الرائدة في الدفاع عن قضايا مغاربة العالم. تشتغل الجمعية على تعزيز التعاقد الاجتماعي بين الجالية والدولة، وقد دعت مرارًا إلى إصلاح المؤسسات المعنية بشؤون المهاجرين، وتفعيل مشاركتهم في صياغة القرار العمومي.
خلص اللقاء إلى رسالة أساسية، هي أن مغاربة العالم لا يجب اختزالهم في أرقام تحويلاتهم المالية، رغم أهميتها الكبرى في دعم الاقتصاد الوطني، بل يجب الاعتراف بدورهم كمواطنين فاعلين، يمتلكون طاقات فكرية وعلمية واقتصادية، يُمكن أن تُسهم بشكل فعلي في أوراش التنمية داخل الوطن
ورفعت خلال الندوة عدد من التوصيات التي من المرتقب توجيهها للجهات الرسمية، من أبرزها، إحداث هيئة وطنية منتخبة تمثل الجالية المغربية بالخارج، تقنين مشاركة الكفاءات العلمية في المشاريع الوطنية؛ تطوير أدوات تواصل رسمية تراعي تنوع لغات وثقافات المهاجرين.
تجدر الإشارة إلى أن اليوم العالمي للمهاجر يُحتفل به دوليًا يوم 18 دجنبر من كل عام، وفق إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بهدف تسليط الضوء على قضايا الهجرة، وحقوق المهاجرين في سياقات متغيرة عالميًا، أما في المغرب، فقد تم إقرار 10 غشت كيوم وطني للجالية سنة 2003، وتكرّس هذا الاعتراف دستوريًا في فصول (16، 17، 18، 163) من دستور 2011، إذ أكدت الفصول على دعم الروابط الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية مع مغاربة العالم، وضمان حقوقهم كاملة، وعلى هذا الأساس، أُنشئت مؤسسات تُعنى بشؤون الجالية المغربية، أبرزها، مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج؛ مجلس الجالية المغربية بالخارج؛ اللجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج؛ وأخيرًا، المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج، التي تهدف إلى تجميع الصلاحيات وتنسيق الجهود وتعبئة الكفاءات في إطار حكامة موحدة.
مغاربة الخارج.. طاقات مهاجرة تطالب بالاعتراف والتمثيلية

بتاريخ : 25/08/2025