مفاجأة روسية: تركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس»

قمم‭ ‬بايدن‭ ‬الثلاث‭ ‬في‭ ‬بروكسل‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬إظهار‭
‬الوحدة‭ ‬وأخفقت‭ ‬في‭ ‬تشديد‭ ‬العقوبات

 

التقى الرئيس الأميركي جو بايدن يوم السبت في وارسو وزيرين أوكرانيين ولاجئين فروا من الغزو الروسي لبلادهم، غداة إعلان الجيش الروسي تركيز هجومه على منطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
وشارك بايدن في لقاء غير رسمي مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا ووزير الدفاع الأوكراني أوليسكي ريزنيكوف ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.
وأحدثت قيادة القوات الروسية مفاجأة إذ أعلنت الجمعة «تركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس»، ما يتباين مع تأكيدات موسكو حتى الآن أن هجومها يهدف إلى «نزع السلاح واجتثاث النازية» في أوكرانيا ككل وليس فقط في المنطقة التي تضم «الجمهوريتين» الانفصاليتين المواليتين لروسيا.
وأكد وزير الدفاع الروسي السبت أن روسيا لا تخطط لاستدعاء جنود احتياط للقتال في أوكرانيا، مستنكرا «الدعوات المزيفة» التي يتلقاها الروس والتي تنسب الدولة مصدرها للاستخبارات الأوكرانية.
من جانبه اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت روسيا بتأجيج سباق تسلح خطير بتلويحها باستخدام السلاح النووي، خلال مداخلة عبر الفيديو أمام مؤتمر سياسي في الدوحة.
وطالب الرئيس الأوكراني قطر بزيادة انتاج مواردها من الطاقة وخصوصا الغاز للتعويض عن إمدادات الطاقة الروسية والتصدي للتهديدات الروسية باستخدام الطاقة «لابتزاز العالم».
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن لنظيره البولندي أندري دودا خلال زيارة إلى وارسو السبت إن الولايات المتحدة تعتبر البند الخامس من معاهدة حلف شمال الأطلسي الخاصة بالدفاع المشترك «واجب ا مقدس ا».
وقال بايدن لدودا «يمكنكم الاعتماد على ذلك… من أجل حريتكم وحريتنا»، فيما قال الرئيس البولندي إن مواطنيه يشعرون «بتهديد كبير» من جراء النزاع الدائر في أوكرانيا.
وامام لاجئين اوكرانيين في وارسو، وصف بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه «جزار، نظرا لما يفعله بهؤلاء الناس».
ميدانيا، أكدت رئاسة أركان الجيش الأوكراني في بيانها الأخير السبت «إلحاق خسائر جسيمة بالمحتل الروسي» في منطقة دونيتسك ولوغانسك، أكبر مدينتين في دونباس حيث أعلنت موسكو تركيز هجومها من الآن فصاعدا. وأعلنت القيادة العسكرية الأوكرانية إسقاط ثلاث طائرات وتدمير ثماني دبابات ومقتل حوالى 170 جنديا من الجانب الروسي.
من جهتها أفادت وزارة الدفاع الروسية عن معركة للسيطرة على قريتي نوفوباخموتيفكا ونوفوميخايليفكا قرب دونيتسك.
كما ذكرت الوزارة أن صواريخ من طراز كاليبر دمرت مستودع اسلحة وذخائر في منطقة جيتومير قرب قرية فيليكي كوروفينتسي إلى غرب كييف في 25 مارس، كما أصيب مستودع وقود قرب مدينة ميكولاييف (جنوب) بحسب المصدر ذاته.
وينبغي مقاربة هذه الأرقام بحذر في ظل حرب المعلومات الشديدة الجارية بين الطرفين، وسط صعوبات كبرى في التثبت مما يجري على الأرض من مصدر مستقل، بعد أكثر من شهر على بدء الغزو الروسي.
ويخيم غموض على مصير الجنرالات الروس الذين قتلوا في أوكرانيا وعددهم سبعة بحسب كييف، وآخرهم الجنرال ياكوف ريزانتسيف وفق مسؤولين غربيين طلبوا عدم كشف اسمائهم، فيما أقرت موسكو بمقتل جنرال واحد.
كما ذكرت المصادر أن جنرالا آخر هو فلاديسلاف يرشوف أقيل من مهامه بقرار من الكرملين بسبب الخسائر الفادحة في صفوف القوات الروسية، في وقت تحدثت وسائل إعلام أوكرانية عن «حملة تطهير» على ارتباط بالخسائر الروسية. لكن هذه المسألة أيضا تبقى غامضة.
وفي هذا السياق، ظهر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لأول مرة منذ أسبوعين، في مشاهد تم بثها السبت في روسيا، بعدما أثار غيابه تساؤلات عمل الكرملين على تبديدها. كما نفت موسكو تكهنات حول وضعه الصحي.
واعلنت وزارة الدفاع السبت ان المعلومات عن «تعرض سيرغي شويغو لنوبة قلبية اضطرته الى عدم الظهور علنا خاطئة تماما».
وخارج منطقة دونباس، يتواصل الهجوم الروسي.
في خاركيف، ثاني أبرز مدينة في أوكرانيا، يبدو أن السكان قد استسلموا للقصف المتواصل.
وقالت أنا كولينيشينكو «أنا من خاركيف، وليس لدي أي مكان آخر أذهب إليه. لذا، ما الفائدة من المغادرة؟»
وتضيف «إذا سقطت قنبلة، سنموت على كل حال».
سيطرت القوات الروسية على مدينة سلافوتيتش التي يقطنها أفراد طاقم منشأة تشرنوبيل النووية واحتجزت رئيس بلديتها ما أثار احتجاجات، وفق ما أعلن مسؤولون أوكرانيون السبت.
وأ فرج عن رئيس البلدية يوري فوميتشيف في وقت لاحق السبت، لافت ا لوكالة فرانس برس عبر الهاتف إن «كل شيء على ما يرام».
وعلى تطبيق إنستغرام أعلنت الإدارة العسكرية لمنطقة كييف التي تدخل المدينة ضمن نطاقها أن «قوات الاحتلال الروسية غزت سلافوتيتش واحتلت المستشفى البلدي».
وأعلنت المسؤولة عن شؤون حقوق الإنسان في أوكرانيا ليودميلا دينيسوفا عن منع عبور قافلة إنسانية من مدينة ماريوبول المحاصرة وعلى متنها سيارات إسعاف تحمل أطفالا جرحى، عند نقطة تفتيش روسية، ما أدى إلى زحمة على طول عدة كيلومترات.
وأضافت أن الروس «يقومون بتفتيش شامل للعابرين على نقاط تفتيشهم ويضعون عقبات أمام حركة القافلة».
وقتل أكثر من ألفي مدني بحسب بلدية المدينة الساحلية الإستراتيجية الواقعة على بحر آزوف. وقال زيلينسكي أن حوالى مئة الف من سكان المدينة ما زالوا محاصرين فيها وسط انقطاع كل احتياجاتهم..

الوحدة والعقوبات عند بادين

ونجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إظهار وحدة صف بين العديد من القادة الغربيين في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا خلال ثلاث قمم شارك فيها في بروكسل الخميس.
لكن النتائج العملية المحدودة للاجتماعات المتتالية مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي ومجموعة السبع، أكدت على الخيارات المحدودة التي تمتلكها العواصم رغم تحالفها الوثيق في مواجهة موسكو.
وخلال لقائه رئيس المجلس الاوروبي شارل ميشال أكد بايدن أن «أهم ما ينبغي علينا القيام به في الغرب هو وحدة الصف».
وحذر من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «كان يراهن على انقسام» الحلف الأطلسي في وقت تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلفاء على تعزيز العقوبات على روسيا على خلفية هجومها العسكري.
وقال بايدن إن بوتين «يفضل مواجهة 30 دولة مستقلة على مواجهة 30 دولة موحدة»، متعهدا السعي «لوحدة تامة وكاملة بين الديموقراطيات الكبرى».
وحتى الآن وبمعزل عن الدعم الخطابي لحكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإن الوحدة الغربية تجلت من خلال سياسة فرض العقوبات.
وفرضت كل من واشنطن ولندن وبروكسل عقوبات اقتصادية على روسيا وسارعت في نفس الوقت إلى إرسال شحنات من الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات إلى المدافعين عن أوكرانيا.
غير ان الدول الأوروبية الكبرى لم تتخذ إجراءات تستهدف إمدادات الغاز الروسي خشية تداعيات على أمن الطاقة لديها.
ورغم الصورة اللافتة للقادة في الاجتماعات الثلاثية في بروكسل، لم يعلن أي قرار جديد يذكر بشأن تدابير جريئة.
وفي أي حال فإن القيود المالية غير المسبوقة التي فرضت على موسكو لم تنجح في ردع بوتين عن قصف مدن أوكرانية.
وردا على سؤال أحد الصحافيين بشأن هذا الواقع لم يخف بايدن استياءه.
وقال «لنصوب الأمر» مضيفا «تذكرون، إن كنتم تتابعونني منذ البدء، أنني لم أقل في الحقيقة أن العقوبات ستردعه. العقوبات لا تردع. تستمرون في الحديث عن هذا الأمر».
وأوضح أن العقوبات التي أعلنها قادة الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي لم تهدف للتصدي للغزو الروسي إنما لـ»زيادة المعاناة» على نظام بوتين.
أضاف «طلبت عقد اجتماع الناتو اليوم للتأكد من أننا بعد شهر سنواصل ما نفعله».
تابع «ليس فقط الشهر القادم والشهر الذي يليه لكن للفترة المتبقية من هذا العام. هذا ما سوف يوقف» بوتين.
وعكس البيان المشترك الصادر عن بايدن و27 من القادة الاوروبيين هذا التصميم المشترك.
وقال إن القادة «قاموا بمراجعة جهودهم المتواصلة لفرض تكلفة اقتصادية على روسيا وبيلاروس، واستعدادهم لتبني تدابير إضافية ووقف أي محاولات للالتفاف على العقوبات».
وأكد مسؤول في البيت الأبيض إن القادة عبروا عن «استمرار دعمهم للعقوبات والمساعدات الإنسانية، مع رسالة قوية تعبر عن الوحدة بين ضفتي الأطلسي والحاجة لمواصلة النهج».
وأضاف أن «الرئيس بايدن عقد لقاء وديا مع قادة الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع المجلس الليلة وصافح كل زعيم تقريبا في الغرفة وتحدث لفترات أطول مع العديد منهم».
لكن بعد شهر على هجوم بوتين الذي وصفه بايدن ب»مجرم حرب»، لم تصدر تعهدات لافتة بفرض إجراءات اكثر تشددا.
ودعا زيلينسكي القادة الأوروبيين لوقف واردات النفط والغاز من روسيا، التي تمول جهود الحرب بمئات ملايين الدولارات يوميا.
غير أن مسؤولين أميركيين يقرون بأنه فيما أن الولايات المتحدة دولة مصدرة للطاقة ويمكنها تحمل وقف الواردات الروسية، فإن العديد من الحلفاء الأوروبيين يعتمدون على الغاز الروسي لتوليد الكهرباء.
تركز النقاش العملي في بروكسل بشكل أكبر على الحؤول دون أن تتمكن موسكو من إيجاد طريقة للالتفاف على العقوبات السابقة، كالعمل مثلا على منعها من استخدام احتياطها من الذهب.
وتعهدت بعض الدول، ومن بينها كندا، تكثيف شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا.
ولكن هنا أيضا فإن الغرب مقيد بضرورة عدم انجرار دول الناتو إلى الصراع كـ»طرف متحارب»، على حد قول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
واتفقوا في المقابل على نشر المزيد من المجموعات القتالية للحلف في دول بشرق اوروبا، للحؤول دون تمدد الحرب خارج أوكرانيا، من دون التدخل في النزاع في الداخل.
ووعد بايدن أيضا بأن يكون لواشنطن «رد» في حال نشرت روسيا أسلحة كيميائية أو بيولوجية دون الكشف عن تفاصيل ذلك.


بتاريخ : 28/03/2022