مفارقة الكرة الطائرة المغربية: لقب عربي بلبنان وسلسلة خيبات إفريقية

تتويج إناث الكرة الطائرة الشاطئية باللقب العربي في لبنان

أحرز المنتخب الوطني المغربي للكرة الطائرة الشاطئية إناث لقب البطولة العربية التي احتضنها ميناء البترون بلبنان، عقب فوزه المستحق في المباراة النهائية على الثنائي اللبناني. وقد بصم الزوجي المغربي المكون من محاسين الصياد وإيمان الياقي على أداء متميز أكد تفوق المغرب عربيا وإفريقيا في هذه الفئة، في وقت أخفق فيه منتخب الذكور المكون من الغروطي وصابر في بلوغ نفس الإنجاز بعد خسارته أمام المنتخب الجزائري في النهائي.
هذا التتويج الجديد يعزز مكانة المغرب في الكرة الطائرة الشاطئية إناثا، لكنه في الآن ذاته يطرح سؤال الاستمرارية في ظل الحاجة الملحة لتكوين الخلف وضمان استمرار الحضور المغربي في منصات التتويج مستقبلا. ومن جهة أخرى، لم يتمكن منتخبا الناشئين إناثا وذكورا من تجاوز نصف النهاية في كأس إفريقيا لأقل من 18 سنة التي جرت ببانجول الغامبية ما بين 2 و7 شتنبر الجاري، ليتوقف الحلم عند المربع الذهبي أمام منتخب غامبيا المنظم.

منتخب الشبان أقل من 20 سنة يشارك في البطولة الإفريقية بمصر وسط الجدل

بموازاة هذه المشاركة العربية، دخل المنتخب الوطني للكرة الطائرة شبان أقل من 20 سنة غمار البطولة الإفريقية المقامة بالقاهرة في الفترة الممتدة من 11 إلى 21 شتنبر، بمشاركة تسعة منتخبات أبرزها مصر البلد المنظم، إلى جانب المغرب ونيجيريا والكاميرون ورواندا والكونغو الديمقراطية وتونس وجنوب السودان الذي يسجل مشاركته الأولى.
وحسب البرنامج، تنطلق المنافسات رسميا يوم 13 شتنبر بعد عقد الاجتماع التقني، غير أن الاستعدادات المغربية شابتها بعض الشكوك عقب إبعاد الموزع الأساسي للنخبة زكرياء مبروك في آخر لحظة، إذ جرى إخباره بالقرار من طرف أحد زملائه وليس من الطاقم التقني، ليستبدل بلاعب آخر أقل مستوى بسبب قربه من أحد الأعضاء الجامعيين. هذه الواقعة أثارت الكثير من علامات الاستفهام حول معايير الانتقاء وظروف التحضير، لتتجدد الانتقادات بشأن غياب رؤية تقنية واضحة وسيطرة الحسابات الضيقة على قرارات الجامعة.

انتكاسة الفئات الصغرى في البطولة الإفريقية لأقل من 16 سنة بتونس

على الطرف الآخر، واصلت المنتخبات الوطنية للفئات الصغرى مسار النتائج السلبية بعد المشاركة المخيبة للآمال في البطولة الإفريقية لأقل من 16 سنة التي جرت بمدينة قليبية التونسية ما بين 22 و30 غشت المنصرم. فقد حل المنتخب المغربي في المرتبة الأخيرة في منافسات الذكور التي شاركت فيها أربعة منتخبات فقط (مصر، تونس، الجزائر، المغرب)، وفشل في ضمان بطاقة العبور إلى بطولة العالم. المصير ذاته عاشه منتخب الإناث الذي واجه منتخبات مصر وتونس والجزائر ومدغشقر، وخرج بخسائر ثقيلة أبرزها السقوط بحصص عريضة بلغت 25 مقابل 07 في أكثر من مباراة.
هذا الظهور الباهت لم يكن معزولا، بل جاء امتدادا لسلسلة من الإخفاقات التي لحقت بمختلف الفئات، بدءا من المرتبة ما قبل الأخيرة في بطولة العالم للشبان بالصين بعد خمس هزائم متتالية، مرورا بعدم الصعود إلى البوديوم في بطولة إفريقيا للكرة الطائرة الشاطئية ببوروندي، وصولا إلى النتائج السلبية في دوري الصداقة لأقل من 18 سنة بتونس.

مفارقة الإنجاز والإخفاق وغياب استراتيجية التكوين

تعدد المحطات وتكرار نفس الإخفاقات يجعل من الصعب الحديث عن مصادفات أو سوء حظ ظرفي، بل يعكس خللا بنيويا عميقا في طريقة تدبير الجامعة الملكية المغربية للكرة الطائرة. فباستثناء بعض الإنجازات المحدودة على مستوى الشاطئية إناثا، تبقى الحصيلة القارية والدولية هزيلة، ما يكرس صورة لعبة غائبة عن ساحة التنافس الجدي قاريا ودوليا.
وتطرح هذه النتائج أكثر من سؤال حول نجاعة السياسة التقنية والتكوينية المتبعة، خصوصا أن المغرب يوجد في موقع ريادي قاريا عبر رئاسة بشرى حجيج للكونفيدرالية الإفريقية للعبة، إلى جانب مناصب نافذة في هياكل دولية مختلفة. غير أن هذه المكانة المؤسساتية لم تنعكس على أداء المنتخبات الوطنية ولا على قوة البطولة المحلية، في وقت تُوجَّه فيه انتقادات لاذعة إلى الجامعة بسبب غياب برامج قاعدية لتأطير المواهب، مقابل تركيز الاستفادة على السفر والتنقلات التي يستفيد منها نفس الوجوه.
ولعل استمرار هذه الوضعية يهدد بمزيد من التراجع، خاصة وأن الفئات الصغرى تمثل الخزان الطبيعي لأي مشروع تطويري. وفي غياب رؤية استراتيجية واضحة، سيظل الإنجاز العربي الأخير للكرة الطائرة الشاطئية إناثا استثناء معزولا وسط سلسلة من الانتكاسات التي باتت قاعدة مقلقة.


الكاتب : سعيد العلوي

  

بتاريخ : 13/09/2025