مقامُ النّقصانِ

تنْقصُني هُدْأةُ الموْتى
يٌنْصتونَ إلى الْحياةِ بفطْنةِ قنّاصٍ
وينْصرِفونَ إلى مزارِعهمْ، باسِمينَ
هي ليْستْ فاتنةً منْ لوْحٍ قديمٍ
ركْبتاها مضْمومَتانِ إلى مِشْمشِها
ورأسُها إلى أعْلى
تُحيطُ بهِ الْفراشاتُ، وحُبيْباتُ النّدى
هي لا تُجيدُ الْغناءَ، والرّقصَ
والْعازِفونَ خلْفها، سيئونَ للْغايةِ
برشّاشِ عطْرٍ سريعِ الطَّلقاتِ
تأْخذُني إلى فجْوةٍ سائلةٍ
من نافِذتيْنِ، وخريفٍ سائرٍ
وتُلْقي بالرّيحِ، والْغبارِ بين يديَ
لأؤنس الْبعيدينَ في خلْوتِهمْ!

ينْقصُني قلقُ المشّائينَ
كلّما عبَروا جسْراً
تحلّقتِ الْجبالُ حول أقْدامِهم!
ينْقصُني قلقُ الْمحبِّ
من أنْصافِ الظّلالِ
ونصْفِ الْوصالِ، وأولِ الْكأسِ
حظّ الآباءِ منْ فرَحٍ غامِضٍ
ومن صخبِ الْفراشِ الْمقيمِ بين عزْلتيْنِ
ونافذةٍ على ممالكِ الليلِ، والْغبارِ

ينْقصُني فُلْكٌ، ونايٌ، وأعْذارُ قرْصانٍ
لأفرغَ أحْمالي كلّها، في مرْفأ بعيدٍ
بين حرّاسِ الْخيباتِ، وباقي الغرْقى
كأنّي أودّعُ آخرَ الْعواصفِ الْميْتةِ
في بدَني
كأنّي آخرُ الْفحولِ
أبعْثرُ إيقاعَ الرّياحِ بأنْفاسي، وأتْبعُني
من زهْرةٍ، إلى نخْلةٍ
ومن نخْلةٍ، إلى مغارةٍ
غريباً، ووحيداً
في حقولِ الآخرينَ!


الكاتب : فتح الله بوعزة

  

بتاريخ : 01/07/2022