مكناس… مركز الأنكولوجيا يترنح ومرضى السرطان في معاناة صامتة

 

تعيش الفئات الهشة والحساسة من مرضى السرطان بمدينة مكناس أوضاعا صعبة وحرجة، نتيجة التراجع الحاد في أنشطة المركز الجهوي للأنكولوجيا بمستشفى مولاي إسماعيل، سواء على مستوى حصص العلاج الكيميائي أو جلسات العلاج بالأشعة. هذا التراجع انعكس مباشرة على ظروف التكفل بالمرضى، الذين أصبحوا يواجهون مصيراً غامضاً ومعاناة يومية متفاقمة.
رغم الصفقات التي تصل قيمتها إلى 20 مليار سنتيم سنوياً لتزويد المراكز الجهوية لمحاربة السرطان بالأدوية، فإن الاستفادة من مجانية العلاج تقتصر على حاملي بطاقة AMO–TADAMOUN. أما باقي المؤمنين في الصندوق الوطني للضمان الاحتياطي CNOPS أو الأنظمة الأخرى، فيطلب منهم شراء أدوية باهظة الثمن قد تصل قيمتها إلى ملايين السنتيمات، بعضها غير قابل للاسترداد.
الأدهى أن صفقات بمئات الملايين، مثل اقتناء معدات المركب الجراحي وتجهيزات المعالجة الكثبية (Curiethérapie)، لم تُستغل قط، في وقت تم توقيع صفقة لصيانة سكانير المركز بقيمة 82 مليون سنتيم دون أي انعكاس ملموس على الخدمات.
في يوليوز 2023، أعلنت مندوبية الصحة بمكناس، خلال يوم دراسي بشراكة مع مؤسسة لالة سلمى للوقاية وعلاج السرطان، أن المركز يضم 80 إطارا. واليوم ارتفع العدد أكثر، لكنه لم يترجم على مستوى الخدمات: فعدد الحصص العلاجية تراجع من 50 حصة يوميا إلى عدد لا يتجاوز أصابع اليد، رغم توفر المركز على 6 أطباء مختصين في الأورام (Oncologues) و11 معالجاً بالأشعة (Radiothérapeutes).
هذا الفراغ استغلته بعض الأطقم الطبية والتمريضية، إذ يوجّه المرضى ـ بطرق غير قانونية ـ نحو مصحات خاصة بالمدينة، تشتغل عملياً بموارد بشرية تنتمي للقطاع العام، ما يضاعف معاناة المرضى ويستنزف جيوبهم.
وإلى جانب هذه الاختلالات، تقف بناية ” دار الحياة ” التي شُيدت لاستقبال وإيواء مرضى السرطان وعائلاتهم، كرمز آخر للهدر. فالمرفق، القابع عند مدخل مستشفى مولاي إسماعيل، ظل مغلقاً منذ سنوات، ليتحول إلى بناية مهجورة تُنهب أبوابها ونوافذها، تاركاً المرضى القادمون من مناطق بعيدة بلا سند.
كل هذه الاختلالات تجري أمام أعين مسؤولي الصحة بمكناس دون أي تحرك جدي لإعادة الاعتبار لهذا المرفق الصحي الحيوي. بينما يظل مرضى السرطان وعائلاتهم في مواجهة يومية مع الألم والمعاناة والإهمال.


الكاتب : يوسف بلحوجي

  

بتاريخ : 02/10/2025