ممرض التخدير والإنعاش عرضة للمتابعة في كل وقت وقانون المهنة لايقدّم له الحماية

ليست المرة الأولى التي خصصت لنا فيها جريدة الإتحاد الاشتراكي كمهنيين في قطاع الصحة و كممرضين وممرضات في التخدير و الإنعاش، منبرها للتعبير عما تعيشه هذه الفئة من مهنيي الصحة من هواجس وإكراهات تحول دون قيامها بواجبها على أكمل وجه، وفي ظروف أقل ما يمكن القول عنها أنها صعبة جدا.
ولعلّ المدخل الأساسي للممارسة السليمة لمهنة ممرضي التخدير والإنعاش داخل المستشفيات العمومية، هو قانون الممارسة الذي يحمل رقم 43.13 والذي يختزل دوره في جملة يتيمة لا تفرق بين حالات الاستعجال وحالات أخرى ، ولا بين توَفُّر طبيب الإنعاش والتخدير داخل المؤسسة وما دون ذلك، ولا شروط أخرى علمية وطبية و تقنية…حيث يتم تعريف ممرض التخدير حسب مادته 16 كالتالي» هو الذي يقوم بأعمال الإنعاش والتخدير تحت الإشراف المباشر لطبيب الإنعاش والتخدير»، بينما في الجهة الأخرى وعلى أرض الواقع هناك تفاصيل أخرى تلزم ممرض التخدير بالاشتغال خارج هذا النص القانوني مخافة السقوط في «حفرة» القانون الجنائي وعدم تقديم المساعدة لشخص في خطر وما يتبعها من مساءلة قانونية و إدارية.
وحتى تتضح الصورة لقراء الجريدة المحترمين، فإن مصلحة الإنعاش والتخدير ليست مجرد أسرّة وآلات للتنفس الاصطناعي وقاعات للعمليات الجراحية فقط، كما يتم اختزالها، بل هي وحدات متكاملة تدخل فيها موارد بشرية مختصة (أطباء مختصين، ممرضين مختصين، مساعدين في العلاج، خدمات التغذية، و عمال نظافة ومروضين….الخ)، وحدات متنوعة لا يمكن الاستغناء عنها، بالإضافة إلى توفر مختبر تحليلات طبية ووحدة أشعة لضمان مراقبة دقيقة ومستمرة للمستفيدين من خدمات الإنعاش والتخدير، لهذا فحين يتم إقحام ممرض التخدير والإنعاش وحيدا، بنص قانوني يتيم، في مصلحة ذات أبعاد متعددة و ننتظر نتائج جيدة، فإن ذلك يعد أمرا صعبا إن لم نقل مستحيلا.
وضعية ينضاف إليها معطى لا يجب أن نتغافله، والمتمثل في العدد المحدود جدا للأطباء المختصين في التخدير والإنعاش المشتغلين في القطاع العام، الذين هم في تناقص دائم لظروف يعلمها الجميع. ثم هناك إشكالية التكوين المستمر المرتبط بهذا التخصص بالنسبة لممرضي التخدير والإنعاش، الذي لا تعيره وزارة الصحة الاهتمام الكافي، حيث لا يخفى على المهتمين أن هناك تقدما كبيرا في علوم التخدير على المستوى العالمي نكاد لا نسمع عنه إلا القليل وبوسائلنا الخاصة، وحتى أكون دقيقا، فهناك من أنهى مساره المهني كممرض في التخدير والإنعاش ولم يتلق ولو تكوينا مستمرا واحدا في تخصصه من طرف وزارة الصحة.
أخيرا، نتمنى من الوزارة في شخص الوزيرة المعينة حديثا التوفيق في مهمتها، وأن تنتبه لهاته الفئة وإلى النواقص المرتبطة بممارسة مهنتها، وذلك بالإنصات لنبض الموارد البشرية وإشراك المعنيين من جمعيات ونقابات في أي تصور ممكن أن يساهم في تجويد الخدمات الصحية ببلادنا.

*ممرض متخصص في التخدير والإنعاش


الكاتب : زكرياء التعباني*

  

بتاريخ : 16/10/2021