منتدى التعاون العربي الروسي بمراكش

 بوريطة: حان الوقت أن يتم التعامل مع العالم العربي وفق مقاربة مغايرة في التعاطي مع قضاياه

لافروف: العلاقات الروسية العربية تقوم على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل

 

قال ناصر بوريطة وزير الخارجية و التعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، خلال افتتاح أشغال المنتدى التعاون العربي الروسي الذي انطلق صباح الأربعاء بمراكش، إن المملكة المغربية تعتبر منتدى التعاون العربي – الروسي امتدادا للعلاقات التاريخية القائمة بين المغرب وروسيا. تلك العلاقات الضاربة جذورها في القدم لأكثر من قرنين من الزمن اتسمت على الدوام بالحوار، والتعاون،والتقدير، والاحترام.
وأضاف في نفس السياق أن هذه العلاقات عرفت قفزة نوعية، إثر الزيارتين الرسميتين اللتين قام بهما جلالة الملك محمد السادس، لروسيا الاتحادية سنتي 2002 و2016 حيث توجت الزيارة الأخيرة لجلالته بتوقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية، الذي أرسى أسسا جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين.
وسجل بوريطة في كلمته، أنه إذا كانت المملكة المغربية تحتل الرتبة الثالثة ضمن قائمة أهم خمسة شركاء تجاريين لروسيا في القارة الإفريقية، فإن هذه الرتبة تبقى دون طموح ورغبة المملكة في الارتقاء بهذه الشراكة الاستراتيجية إلى مستويات أعلى وآفاق أرحب.
وقال في هذا الصدد « ما انخراطنا في تقوية المنتدى العربي- الروسي والمضي – به قدما على جميع الأصعدة، إلا تعبير عن رغبتنا في تطوير العلاقات متعددة الأبعاد التي تربط المملكة المغربية بروسيا الاتحادية.»
وعبر عن أمله في أن تكون هذه الدورة في نسختها السادسة، محطة مهمة في مسار التعاون العربي- الروسي، ترقى إلى مستوى الطموحات المشتركة، بما يعود بالنفع والمصلحة على الجانبين.
وذكر ناصر بوريطة في كلمته بالمواقف الثابتة لجلالة الملك بخصوص الأزمة في فلسطين، و دعوته انطلاقا من التزام جلالته بالسلام، وبصفته رئيسا للجنة القدس، إلى التحرك الجماعي كل من موقعه لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار بشكل دائم وقابل للمراقبة، وضمان حماية المدنيين وعدم استهدافهم، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية بانسيابية وبكميات كافيه لساكنة غزة، وإرساء أفق سياسي للقضية الفلسطينية كفيل بإنعاش حل الدولتين المتوافق عليه دوليا. و استعاد تأكيد جلالة الملك على أنه لا بديل عن سلام حقيقي في المنطقة يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إطار حل الدولتين، ولا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولا بديل عن تقوية السلطة الفلسطينية بقيادة فخامة الرئيس محمود عباس أبو مازن ، ولا بديل عن وضع آليات لأمن إقليمي مستدام قائم على احترام القانون الدولي والمرجعيات الدولية المتعارف عليها .
وبخصوص الملف الليبي قال برويطة «نتطلع إلى إن تكتمل فصول العملية السياسية في ليبيا في أقرب الآجال، بواسطة الأشقاء الليبيين أنفسهم، عبر تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في موعدها المحدد، بعيدا عن التأثيرات والتدخلات الخارجية، وهو ما سيشكل بداية لمرحلة جديدة في هذا البلد الشقيق،أسسها الاستقرار والشرعية والاستجابة لمتطلبات الشعب الليبي.»
وعبر عن أمله في في أن تستقر الأوضاع في سائر ربوع الوطن العربي على أساس تغليب الحوار والمبادرات السلمية.
وبحكم مكان روسيا الاتحادية في المنتظم الدولي، وبالنظر لدورها الإقليمي الفاعل وعلاقاتها الوطيدة بالعالم العربي واطلاعها المعمق على واقعه، أكد بوريطة أن روسيا شريكا قادرا على لعب دور بناء في حل هذه القضايا، وفقا لمبادئ التضامن الفاعل والتأثير الايجابي. حيث قال في هذا الصدد «لقد حان الوقت، في تصورنا، أن يتم التعامل مع العالم العربي وفق مقاربة مغايرة في التعاطي مع قضاياه وانشغالاته»
و حدد معالم هذه المقاربة في أن تستجيب للتحديات الراهنة التي يعرفها العالم والمنطقة العربية خاصة، و تتعامل مع الدول العربية كمنظومة متسقة، لها وزنها الإقليمي والدولي، و أن تكون مبنية على شراكة حقيقية روحا ومضمونا، تدافع عن قضايا وانشغالات الدول العربية قولا وفعلا، و يكون قوامها التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والتقارب الإنساني، والحرص المشترك على حفظ الأمن والسلم في المنطقة بالطرق السلمية.
ودعا في هذا الصدد إلى النظر في الإطار المنظم للتعاون بين الجانبين، بغرض الانتقال به من نمط التداول السياسي التقليدي إلى مرحلة الحوار الاستراتيجي، وفق روية استشرافية تأخذ بعين الاعتبار التطورات على المستويين العالمي والإقليمي، وتراعي المصالح المشتركة للطرفين، والانفتاح على هيئات وفاعلين اقتصاديين وثقافيين عبر إنشاء «منتدى اقتصادي وثقافي» – كما هو الشأن في منتدى التعاون الروسي-الإفريقي على سبيل المثال. وهو ما من شأنه المساعدة على تجاوز منطق الحوار الدبلوماسي الكلاسيكي، نحو أنماط تعاون مبتكرة وملموسة، عبر أدوات الاستثمار والمشاريع ذات المنفعة المشتركة. فنحن نؤمن أن رافعة الاقتصاد والرأسمال البشري، يشكلان عاملين حاسمين في صياغة مستقبل الشراكة العربية-الروسية، والتفكير في مراجعة دورية اجتماعات المنتدى، بما يسمح بالإعداد الجيد لها، وحتى يترك الوقت الكافي لتنفيذ خطة العمل المشتركة بالتنسيق مع مختلف المتدخلين في الدول الأعضاء. و الاستفادة من تجارب الشراكات الإقليمية وممارساتها الفضلى، بما فيها المنتدى « الروسي-الإسلامي «و»منتدى التعاون الروسي-الإفريقي».
من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال الجلسة الافتتاحية، إن هناك العديد من المجالات يكمن تطويرها مع الدول العربية، موضحا أن العلاقات الروسية العربية تقوم على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل.
وقال إن المنتدى العربي الروسي السادس المنعقد بمراكش يجري في ظروف وسياق دولي خاص، في ظل التحديات الكبرى التي يشهدها الشرق الأوسط والحرب المستمرة في قطاع غزة، موضحا أن المنتدى سيعمل على مناقشة التطورات بالمحيط الإقليمي، لأن العنف الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط هذه المرة غير مسبوق، من حيث سقوط عدد الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ، ودعا لافروف إلى وقف فوري لإطلاق النار وضرورة إيصال المساعدات إلى المتضررين.
وتأسف سيرغي لافروف لعرقلة القرار الأممي بمجلس الأمن حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، محملا ذلك للغرب، وللدول الداعمة لإسرائيل، مقرا في الوقت نفسه أن روسيا ستعمل مع شركائها العرب من أجل حلحلة الأزمة ووقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، والعمل على إقامة دولة فلسطين مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
واعتبر أن واشنطن تهدف لإضعاف الدول التي تراها منافسة لها. وقال في هذا السياق «السؤال الآن يتعلق بمدى القدرة على تشكيل النظام العالمي القائم على الشراكة والمصالح، أو ستستمر واشنطن بفرض أجندتها وهيمنتها».
وأكد لافروف أن العالم «يعيش حالة من العاصفة»، ومن المهم أن نعود إلى المبادىء والمواثيق الدولية التي تؤكد الحق السيادي لكل الدول، موضحا أن موسكو مستمرة في دعم تسوية النزاعات الإقليمية والاستقرار، مؤكدا على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل.
و تغيب عن المنتدى الأمين العام لجامعة الدول العربية بسبب مانع صحي حال دون تنقله إلى مراكش، و أكد في الكلمة التي ألقيت نيابة عنه من قبل حسام زكي الأمين العام المساعد، على أن تجاوز الأزمات المعقدة في سوريا واليمن والسودان والصومال، يحتاج لتفاهم وتعاون من الدول الكبرى ومن بينها روسيا، الشريك التاريخي للمنطقة العربية. ووصف روسيا بالشريك التاريخي، مؤكدا على حرص الجامعة على تطوير العلاقات مع الشريك الروسي.
واختير المغرب لاحتضان هذه النسخة من المنتدى خلال الدورة المنصرمة التي انعقدت في أبريل بموسكو عام 2019.
وسبق لوزارة الخارجية أن أعلنت أنه تم الاتفاق على عقد هذه الدورة على شكل ترويكا موسعة تتكون من الأمين العام للجامعة العربية، والأعضاء الثلاثة في الترويكا الوزارية العربية، وكذا رئاسة القمة العربية.
وتبحث هذه النسخة قضايا التعاون بين روسيا والعالم العربي، وذلك وفقا للممارسات الجاري بها العمل.
ويهدف المنتدى إلى تبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بشأن القضايا المختلفة على المستوى الإقليمي والدولي، أخذا في الاعتبار الاهتمامات والأولويات المشتركة التي تجمع الجانبين العربي والروسي في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية.


الكاتب : مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 21/12/2023