خلّف الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز خسائر بشرية ومادية متعددة امتدت تداعياتها لتصل إلى مجموعة من المناطق، ومن بينها جماعة ايت تمليل نواحي دمنات التابعة للنفوذ الترابي لإقليم أزيلال، إذ شهدت هاته المنطقة هي الأخرى وقوع ضحايا بسبب الهزة الأرضية، التي تسببت في وفيات إضافة إلى تبعات مادية مختلفة طالت منازل المتضررين.
«الاتحاد الاشتراكي» التي عملت على تغطية هذا الحدث الأليم بتبعاته ميدانيا في عدد من الدواوير المتضررة بإقليم تارودانت، انتقلت كذلك إلى جماعة ايت تمليل في إقليم أزيلال، ووقفت على بعض من تفاصيل عيش أهالي هذه المنطقة ورصدت تفاصيل بعض المبادرات ذات البعد التضامني، التي تندرج في سياق أشكال الدعم والمساندة المختلفة التي قام بها المغاربة، أفرادا وجماعات، لفائدة السكان المتضررين من زلزال الحوز
التوجه من الدارالبيضاء إلى دمنات ومنها إلى جماعة ايت تمليل يتم من خلال وجهتين، الأولى إما عبر خريبكة ثم بني ملال وصولا إلى هاته الوجهة، وهي طويلة نوعا ما على مستوى الزمن، والثانية عبر بنجرير ثم قلعة السراغنة فالعطاوية وصولا إلى دمنات، ومن هناك صعودا إلى الجبل الذي يخفي دواوير لا تبدو للعيان في منطقة حباها الله بطبيعة رائعة وجمالية كان من الممكن جدا ومن خلال برامج «متواضعة» أن تكون في حلّة أبهى وأن تحوّلها إلى قبلة سياحية أكثر تميزا مما هي عليه الآن في صيغتها «الطبيعية».
مخلّفات الزلزال
تعتبر جماعة ايت تمليل من المناطق التي تضررت هي الأخرى بالزلزال الذي ضرب إقليم الحوز وامتدت تردداته وتداعياته إلى مناطق أخرى في الثامن من شهر شتنبر. وبلغ عدد الدواوير المتضررة في ايت تمليل 36 دوارا من أصل 92 دوار، أبرزها دواوير توفغين، ايت حمزة وتاسلنت. وطالت الأضرار وتبعات الهزّة الأرضية القوية كذلك 34 دوارا من ايت اومليس من مجموع الدواوير التي يصل عددها إلى 70 دوارا.
خسائر للأسف كانت بشرية وأخرى مادية تهمّ بيوت المواطنين، إذ فارق الحياة بهذه المنطقة 11 مواطنا جراء الزلزال، في حين انهار 11 مسكنا بشكل كلّي، وتداعى بشكل جزئي 351 بيتا، أما الشقوق والتصدعات فقد طالت حوالي 600 بيت، وهو ما يبين على أن الضرر كان حاضرا في المنطقة بسبب الهزّة الأرضية، التي كان وقعها متباينا على المناطق المتضررة، في مراكش والنواحي والحوز وتارودانت وورزازات وأزيلال.
طريق الجبل
خلافا لجماعات في مناطق الحوز ومراكش وتارودانت التي تتميز عددا من طرقاتها بالوعورة وصعوبة التنقل، فقد كان التوجه صوب جماعة ايت تمليل سلسا نوعا ما، باستثناء بعض المقاطع وعند عدد من المنعرجات المعدودة على رؤوس الأصابع، التي يغيب فيها الإسفلت ويسود التراب والحجارة لتصبح الطريق غير معبّدة لمسافة معينة، الأمر الذي تكرر في نقاط متعددة وعند مدخل تراب مركز الجماعة.
في الطريق إلى ايت تمليل تمر أمامك مشاهد كثيرة وتقف على تفاصيل قد تبدو للبعض صغيرة لكنها تساهم في شموليتها في تشكيل صورة الوطن الكبير بجذوره الضاربة في عمق تاريخ وتربة المغرب، فالوضع هنا وعلى غرار مناطق أخرى تضررت من الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، يعرف حضورا للدفء الإنساني ولكل أشكال العطاء والتضامن والدعم، الرسمية منها والمدنية على حدّ سواء.
تضامن، أكدته سيارات وشاحنات المتضامنين والمتضامنات التي كانت تطوي المسافات طيّا، قادمة صوب المنطقة أو مغادرة لها، متوشّحة بالأعلام الوطنية، متزيّنة بلافتات تشير إلى الوجهات المختلفة التي قدمت منها، من شمال المغرب إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، فطول المسافات ووعورة الطرق وكل المعيقات المختلفة، لم تحل دون استمرار تدفق المساعدات على المناطق المتضررة من زلزال الحوز، وضمنها منطقة ايت تمليل.
أطفال ونساء
على امتداد الطريق المؤدية إلى ايت تمليل، لم يكن المشهد يتكون فقط من الجبال المعانقة للسماء ولا الفراغ الذي ينزل إلى عمق الأرض ولا من الصخور والحجارة التي تؤثث الفضاء هنا وهناك، فقد كان لافتا للانتباه كذلك، وسط هاته الأعالي الشاهقة والطبيعة الشامخة، حضور قوي للأطفال والنساء على جانبي المسالك المؤدية إلى المنطقة. نساء وأطفال هم جزء لا يتجزأ من هذا المكان البعيد عم عاصمتي البلاد الإدارية والاقتصادية، تحركاتهم أصواتهم وكلماتهم الأمازيغية التي كانت تصل إلى مسامع ركاب السيارات والشاحنات المختلفة، كانت تؤكد على أن هناك حياة تتواصل وبأن هناك عزيمة أكثر صلابة من الصخور التي فتّتها الزلزال.
كانت النسوة وعلى مسافات مختلفة يقمن بأنشطتهن المعتادة هناك، تتوزع ما بين الرعي وأنشطة أخرى متعددة، في حين كان الأطفال من مختلف الأعمار، يجرون هنا وهناك، يلعبون ويمرحون وما أن تصل إلى مسامعهم أصوات مركبات قادمة حتى يتوقفوا ليطلوا على الزوار بعيون طفولية لاكتشاف تفاصيل «القوافل» القادمة إلى منطقتهم. صغار حرصوا جميعهم على ألا يكون مرورنا ومرور كل المتوافدين أو المغادرين لايت تمليل مرورا جافا، ولأجل هذا وفي شبه اتفاق جماعي شرعت الأيادي الصغيرة في التلويح للجميع، ولسان حال أصحابها المبتسمين يقول، شكرا لكم لأنكم جئتم لتفقّد أحوالنا، شكرا لكم لأنكم قمتم بزيارتنا، شكرا لكرمكم الذي لن ننساه، شكرا لكم لأنكم أكدتم بأن قلب الوطن الكبير يسعنا جميعا، يخفق لأجلنا، وينبض حبّا لكل واحد منا.
قبل الانطلاق
الوصول إلى ايت تمليل سبقته العديد من الخطوات والعمل الجاد الذي لم يكن هيّنا، الذي قادته الجمعية المغربية للعلوم الطبية في الدارالبيضاء برفقة شركائها المتعددين من مؤسسات وجمعيات عالمة وتنظيمات مهنية، التي توزعت ما بين جمعية قطرة الحليب، المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، الفيدرالية الوطنية للصحة، الفدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، الجمعية البيضاوية لأطباء الأطفال بالقطاع الخاص، التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين، الفيدرالية المغربية لصناعة الأدوية والابتكار الصيدلي، الجمعية الملكية المغربية لأمراض النساء والتوليد، المجلس الجهوي لصيادلة الجنوب، الجمعية المغربية للتخدير والإنعاش، «صوف سانتر» إلى جانب شريكها جامعة السلطان مولاي سليمان، وغيرها من التنظيمات.
انخراط واسع، كان غايته توفير كل الموارد البشرية والتقنية إلى جانب المساعدات المختلفة لتجهيز القافلة حتى تستجيب لانتظارات الساكنة، ولكي تشكّل قيمة مضافة لكل الجهود التي تم بذلها لفائدة المتضررين بهذه المنطقة، وهو ما أثمر مشاركة 43 طبيبا يتوزعون ما بين أطباء الطب العام وأطباء متخصصين في تخصصات متعددة، ضمنهم 24 طبيبا من المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، و 19 طبيبا أخصائيا في القطاع الخاص، و 11 صيدلانيا، فضلا عن طاقم مساعد يتكون من أكثر من 21 شخصا.
ترسانة بشرية وتقنية، تجنّدت لكي يكون حضورها في ايت تمليل مفيدا، ولكي تكون القافلة التي جرى تنظيمها تحت إشراف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي وبشراكة مع الوكالة الوطنية للتأمين الصحي وباقي الشركاء الآخرين، مفيدة على اكثر من مستوى، وهو ما جعل المنظمين وهم يعدّون العدة في مدينة الدارالبيضاء يسابقون الزمن لتوفير 2500 علبة من علب حليب الرضع لكل الفئات العمرية، 400 حقيبة مدرسية بكل لوازمها من دفاتر ومقلمات وغيرها، أطقم من الألبسة المتكاملة المختلفة المخصصة للأطفال والنساء والرجال، كشّفات ضوئية، أفرشة، بطانيات، ألعاب أطفال حلويات وبسكويت، شاحنة محمّلة بالأدوية، وغيرها من المساعدات التي من شأنها التخفيف من آلام الصغار والكبار ودعمهم ومساعدتهم وإسعادهم في لحظة كانت عصيبة على الجميع.
استعدادات وتنظيم
افتتاح الحملة الطبية المرفوقة بتوزيع المساعدات ليس بالعمل العفوي والسهل الذي يمكن الشروع فيه حينه، وهو ما تطلب انتقال فريق عمل للوقوف ميدانيا على كل التفاصيل، وذلك يوما قبل الموعد الرسمي، حيث وصلت المعدات الطبية والشحنة الأولى من المساعدات، وتم تقسيم أقسام المؤسسة التعليمية التي ستحتضن تفاصيل القافلة الطبية إلى قاعات للفحص في مختلف التخصصات التي توزعت ما بين طب الرضع والأطفال، الجهاز الهضمي، الطب النفسي، عند الصغار والكبار، القلب والشرايين، الأعصاب، الغدد والسكري، الأنف والأذن والحنجرة، العيون، العظام والمفاصل، الطب العام، طب النساء والتوليد، الجراحة، الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل، الأشعة وغيرها.
دينامية، شهدها كذلك مقر السوق الأسبوعي، الذي تقرر أن يشهد عملية توزيع المساعدات، وهو ما تطلّب هو الآخر إعداده لكي تمر العملية بشكل منظم وبكل سلاسة، خاصة وأن هذه الخطوة تتطلب متطوعين للمساعدة في تسليم كل ما تم جلبه من احتياجات للمستفيدين وفي نقلها، إضافة إلى مستلزمات من قبيل الحواجز وغيرها من التفاصيل الأخرى المكمّلة.
في ايت تمليل
في ذلك الصباح لم تكن ايت تمليل نائمة، بل شهدت حركية كبيرة منذ الساعات الأولى ليوم القافلة، وكان الحضور قويا، كما هو الشأن بالنسبة لليوم الذي سبقه، للسلطة المحلية ممثلة في رئيس دائرة فطواكة وقائد المنطقة ومصالح الدرك الملكي والقوات المساعدة وأعوان السلطة، إلى جانب مساهمة عناصر الوقاية المدنية، وعدد من الفاعلين والمتطوعين، وذلك لأجل توفير كل الظروف المناسبة لكي يمر الحدث على أكمل وجه، ولكي تعم الاستفادة، المادية والمعنوية، وأن يجد كل متضرر من الزلزال ضالته.
ضالّة، تبين على أنها كانت بالأساس ترتبط بما هو صحي، وهو ما جعل ساكنة ايت تمليل تحج إلى المكان، رغم أن اللجان المختلطة كانت تجوب في ذلك اليوم الدواوير للقيام بمعاينة الأضرار التي تسبب فيها الزلزال وللقيام بالخطوات المرتبطة بتعويض المتضررين، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، لكن هذا الأمر الذي يتّسم بالاستعجالية لم يحل دون قدوم من كانوا يرون بأنهم في حاجة إلى دعم طبي، فتوافدوا صغارا وكبارا، نساء ورجالا، شبابا وكهولا على مكان القافلة الطبية.
صحة وطفولة
انطلقت عمليات الفحوصات، وتبين على أن الإقبال كان كبيرا على مختلف التخصصات الطبية، لكن كانت هناك اختصاصات حظيت بإقبال واسع للمواطنين مقارنة بغيرها، كما هو الحال بالنسبة للطب العام، وطب الأطفال، وطب العيون، وطب أمراض القلب والشرايين، وكذا طب الغدد والسكري، حيث تحولت قاعات الفحص الخاصة بكل تخصص منها إلى خلايا نحل نشيطة، لاستقبال المتضررين والاستماع إليهم قبل الخضوع للفحص، ومن تطلّب وضعه الطبي إجراء تحاليل مخبرية فقد كانت تتم إحالته على قاعة حجرة دراسية تم تجهيزها بالمعدات الطبية اللازمة للقيام بالتحاليل المطلوبة في عين المكان ودون أي انتظار.
دينامية، صاحبها في قاعتين خصصتا لفحص الرضع والأطفال عملية توزيع حليب الرضع على الأمهات المرضعات، والألعاب، وباقي المساعدات الأخرى من حقائب مدرسية وحلويات وملابس على الأطفال الذين شملتهم الفحوصات، وكذا منح ملابس ولوازم مختلفة للمرافقين لهم من آباء وأمهات، مما حوّل القاعتين إلى فضاء لأنشطة مختلفة، حضرت فيها البسمة والفرحة وطغتا على كل مظاهر الألم.
هذا الاحتفاء بالطفولة الذي كان عنوانا لقاعتي الفحص حضر كذلك في قاعة خصصت لاستقبال الأطفال من مختلف الأعمار، التي تحولت إلى ورشة للرسم ولكل الأنشطة المختلفة الموجّهة للطفولة، التي تفاعل معها الجميع بضحكات بريئة وبعلامات التعجب والفرح، خاصة حين كان يتعلق الأمر بالألعاب السحرية.
حالات خاصة
كشفت الفحوصات الطبية التي تم القيام عن وجود احتياجات صحية تتسم بالأولوية، حيث تم الوقوف على وضعية أحد السكان المتضررين من الزلزال الذي انهار عليه جزء من البيت لحظة الهزّة الأرضية، لكنه لم يحسّ لحظتها بأنه قد تعرّض لأية إصابة، إلا أنه وبمرور الوقت بدأ يجد صعوبات في التنفس، فكان حضور القافلة الطبية مناسبة لكي يتوجه صوب مكانها ويعرض نفسه على الأطباء من أجل الاستشارة الطبية، وهناك تبين على أن الأمر لا يتعلق بعارض مرتبط بالجهاز التنفسي وإنما بسبب كسر في الأضلاع جراء ما تساقط عليه، وهو ما تطّلب في حينه توجيهه عبر سيارة الوقاية المدنية نحو المستشفى الإقليمي بأزيلال.
وقامت عناصر الوقاية المدنية التي عملت على نقل الشخص المصاب، والتي ساهمت هي الأخرى إلى جانب باقي مكونات السلطة المحلية ومصالح الدرك في إنجاح القافلة بنقل حالة أخرى ليكون لحضورها أهمية كبيرة في هذا الحدث، في حين وقف الأطباء على وجود احتياجات صحية خاصة أخرى، وهذه المرة تشمل الأطفال وتتعلق بصحة الفم والأسنان، إذ تبين على أن الكثير من الصغار تعاني أسنانهم من التسوس والضرر، وهو ما جعلهم يشيرون إلى ما يجب القيام به، في أفق التفكير في تنظيم قافلة خاصة بهذا التخصص الطبي.
الدواء والعلاج
لم تكن «حجرات» الفحص هي الوحيدة التي تعرف إقبالا وحضورا للمواطنين، فقد استقبلت كل من وحدة الأنف والإذن والحنجرة ووحدة طب العيون هي الأخرى أعدادا مهمة من المرضى، ونفس الأمر بالنسبة للصيدلية، التي كان كل من يحصل على وصفة طبية يتوجه إليها، وهناك كان الصيادلة وطلبة الصيدلة هم أيضا يشتغلون باجتهاد كبير، للتواصل مع المواطنين، الذين كان بعضهم يتكلمون العربية لكن كان هناك أيضا من لا يجيدها، وهو ما تطلب اللجوء إلى خدمات المتطوعين الذين عملت السلطة المحلية على الاستعانة بهم لتسهيل عمليات التواصل ومن أجل شرح دقيق لكل حالة، وهي نفس المنهجية التي تم العمل بها في قاعات الفحص، لكي تكون المعلومة دقيقة لكي تساعد على التشخيص وعلى وصف الدواء المناسب.
حضور صيدلاني كان مهما هو الآخر للمساهمة في هذا الحدث الإنساني والتضامني النبيل، الذي لقي ترحيبا واسعا من طرف جميع السكان الذين حضروا بحثا عن مساعدة طبية، تأتت لهم ولأبنائهم، من خلال هذه القافلة التي تأتي استمرارا لقوافل أخرى شهدتها مختلف المناطق المتضررة من زلزال الحوز.
حيث تشرق الشمس وتغرب أولا
انتهت فعاليات القافلة الطبية، واختتمت عملية توزيع المساعدات، وتوجّه الأطباء والصيادلة وكل المساهمين صوب الحافلات التي نقلتهم من الدرالبيضاء إلى ايت تمليل أو نحو سياراتهم الخاصة، وذلك من أجل العودة بعد يومين تم قضاؤهما في منطقة هي قطعة من الوطن، للمساهمة في المجهود الوطني المبذول للتخفيف على المتضررين من وقع زلزال الحوز، الذي أصاب الجميع، إن بشكل مباشر أو غير مباشر.
يومان قضاهما الجميع على الطريق، وقبلهما أيام من أجل التحضير وتوفير كل ما يلزم، وهي المدة التي كانت مشاعر الإنسانية والوطنية والتضامن والتآزر تعزز حماس الجميع خلالها لكي يكونوا حاضرين في الموعد، على أن يعودوا بعد ذلك مباشرة إلى مقرات عملهم أو دراستهم ولاستئناف حياتهم وهم يحملون ذكرى وتفاصيل وكلمات وابتسامات وضحكات قد ترافق البعض وتلازمهم لأنها تعكس قوة وصبرا وتحملا تهزم أشدّ الشدائد.
ونحن في طريق العودة، كانت أفواج النساء والأطفال والرجال هي الأخرى في طريقها للعودة، لكنها عودة مختلفة، فقد كانوا جميعا يصعدون الجبل على أقدامهم، يتسلقون الحجارة والصخور بأياديهم، التي فعل فيها الزمن فعلته، وهم يحملون معهم ما حصلوا عليها من مساعدات لكي ينقلوها إلى بيوتهم في الدواوير هناك، حيث تغيب وتشرق الشمس أولا، قبل أن تصل إلينا خيوطها لاحقا.