منظمة النساء الاتحاديات.. دسترة النقاش العمومي

 

خلقت منظمة النساء الاتحاديات الحدث وطنيا وجذبت الانتباه إليها والاهتمام بخطواتها، من خلال النقاش الذي فتحته في المقرات الحزبية ومجموعة من الفضاءات العمومية على امتداد تراب المملكة، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، الذي تابع تفاصيله الكثير من المعنيين بالشأن الحقوقي والنسائي والإنساني بشكل عام، والمتعلق بمدونة الأسرة وبتداعيات تطبيق عدد من مقتضياتها التي كرّست حالات فعلية للتمييز السلبي واللاعدالة واللامساواة، وتسببت في قهر عدد ليس بالهيّن من النساء وأطفالهن، إناثا وذكورا، في مواجهة معركة الحياة بعد الطلاق.
نقاش عمومي ينهل من مضمون الفقرة الأولى من الفصل السابع من دستور 2011، فمنظمة النساء الاتحاديات اختارت ألا يكون النقاش المرتبط بتقييم 18 سنة من تطبيق المدونة بعد دخولها حيّز التنفيذ نخبويا، ومقتصرا على فئات ونخب بعينها، التي استعانت بها فعلا في تأطير مجموعة من الجلسات وأنصتت بإمعان وبكثير اهتمام لمداخلتها، لكنها بالموازاة مع ذلك عملت على منح الكلمة للمرأة المغربية أينما تواجدت، المرأة البسيطة، الأميّة والمتعلّمة، المستخدمة والمياومة والمشتغلة في أبسط المهن وكذا الموظفة، تلك التي تعيش في المدينة، في المركز والضواحي، والأخرى القادمة من القرية، وفسحت لكل هؤلاء النسوة المجال لكي يحكين قصصهن ويتقاسمن مع الجميع بعضا من أوجه معاناتهن مع النصوص القانونية، التي تم وصف العديد منها بكونها جامدة، والتي تم إشهارها في وجوههن كسلاح لـ «تمزيق أوصالهن».
نصوص شدّدت هؤلاء النسوة في كل مداخلاتهم، وبدون استثناء، في كل اللقاءات التي جرى تنظيمها، على أنها بعيدة عن الواقع وعن يومياتهن بمختلف تفاصيلها، داخل البيت وفي الشارع، وعلى أنها لا تستحضر حجم الآلام وقساوة العيش من أجل التكفل بأبناء سواء كانوا نتاج علاقات شرعية أو غير شرعية، في ارتباط بتوثيق العقد وتأكيد النسب في حالات، وفي علاقة بالنفقة والولاية في حالات أخرى، ومن أجل بالحصول على ما هو مستحق مما «كسبته» الأسرة خلال سنوات الزواج من ممتلكات، وما تم بذله من جهود من طرف زوجات الأمس لفائدة الأسرة، وفي صلة بـ «تسميات» و «توصيف» يزيد من امتهان كرامتهن.
لقد اختارت منظمة النساء الاتحاديات بعد انتخاب هياكلها التنظيمية على أن تكون منصتة لنبض المرأة المغربية، طفلة، يافعة، شابة وامرأة وحتى مسنّة، فخلقت نقاشا واسعا من أجل محاربة ومواجهة كل أشكال العنف الرقمي والتحرش، المستهدف للمرأة المغربية في مختلف الأعمار ومن جميع الفئات والشرائح الاجتماعية، ثم انتقلت لموضوع تعيشه الأسر المغربية وتعاني من تبعاته المتعددة، إما بشكل مباشر أو من خلال ارتداداته المختلفة، وقررت الترافع حول هذا الموضوع في الفضاءين الخاص والعام، في مقرات لهيئات المحامين، وبكليات، وعلى مستوى المكتبة الوطنية، وفي خزانات جماعية، إضافة إلى مراكز نسوية، ومراكز ثقافية، ومقاهي … وأتاحت لكل المعنيات والراغبات في طرح قضاياهن الولوج السلس إلى هذه المرافق المختلفة للمساهمة في هذا النقاش العمومي.
خطوة ترافعية تؤكد الاهتمام الكبير لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومن خلاله منظمة النساء الاتحاديات وكافة التنظيمات الحزبية، بالمسألة النسائية، والقيمة المحورية التي تحظى بها قضية المرأة في أدبيات الحزب، ولعلّ حجم التفاعل الواسع والنقاش الكبير الذي تعددت مصادره، والذي رافق اللقاءات التي برمجتها منظمة النساء الاتحاديات يبيّن وبالملموس كيف أن المبادرة كانت جد متميزة وناجحة وقد حققت ما هو مهم منها في انتظار الأهمّ لصون حقوق المرأة المغربية كاملة وحقوق الأطفال، التي تضيع في كثير من الحالات بسبب ذوات البعض وأحرف كتبت بمداد «جاف».


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/02/2023