احتضنت مدينة الدار البيضاء مؤخرا لقاء علميا جرى خلاله تسليط الضوء على واقع اضطرابات تخثر الدم في المغرب من طرف مجموعة من الخبراء والمختصين، والذي تم تنظيمه بتنسيق بين كلية الطب الخاصة بمراكش ومؤسسة «برومالاب» للتشخيص الصحية، وعرف مشاركة نخبة من الأطباء والخبراء المغاربة والدوليين المتخصصين في أمراض الدم.
وأكدت عدد من المداخلات على أن اضطرابات تخثر الدم، التي تتنوع أسبابها بين الوراثية والمكتسبة، تعتبر من التحديات الصحية التي تتطلب استجابة دقيقة ومنهجية متعددة التخصصات، حيث تم تشخيص واقعها في بلادنا مع التطرق لجملة التحديات والإكراهات المرتبطة بها ومدى وقعها وتبعاتها على المريض وأسرته. وتم خلال هذا اللقاء الدعوة إلى ضرورة تحسين سبل الولوج إلى التشخيص والعلاج، مع التأكيد على أهمية اتخاذ التدابير الضرورية لتجاوز الصعوبات المرتبطة بتعدد حالات النزيف أو الجلطات، والتي قد تؤثر سلبا على حياة المرضى في غياب رعاية صحية متخصصة.
وعلاقة بالموضوع، أوضحت الدكتورة بشرى المالكي، مديرة مؤسسة «برومالاب»، بأن اللقاء يأتي في إطار الجهود المستمرة التي يتم بذلها لعرض آخر المعارف والممارسات السريرية على الأطباء، ولتبادل الخبرات في ما بين المهنيين المختصين، من أجل العمل على بلورة مقاربة وطنية فعالة تُعنى باضطرابات التخثر، مؤكدة على أهمية التعاون بين مختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص، من أجل بناء منظومة رعاية منسجمة تستجيب لمتطلبات المرضى وتعتمد على أحدث التوصيات العلمية العالمية.
من جهته، أبرز البروفيسور مولاي إسماعيل العلمي، رئيس الجامعة الدولية للطب بمراكش، بأن هذا الحدث ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى إصلاح المنظومة الصحية، من خلال الاستثمار في التكوين الطبي المستمر، ودعم البحث العلمي، وتأهيل العنصر البشري باعتباره أساسا لأي تطوير حقيقي، مستعرضا تفاصيل البرنامج وعددا من النقاط المرتبطة بالمرض وبأشكال التعامل معه. وهو نفس السياق الذي ذهبت إليه مداخلة الدكتور مصطفى المشرقي الذي شدد على أن مواجهة التحديات المرتبطة بالمرض تتطلب دينامية علمية متواصلة، واستيعاباً للتطورات المستمرة في هذا المجال، مؤكدا على أهمية التكوين المستمر وتبادل المعرفة كأساس للارتقاء بجودة الخدمات الطبية.
هذا وقد عرف هذا اللقاء العلمي برمجة مجموعة من المحاضرات العلمية والعروض التفاعلية إضافة إلى ورشات للنقاش المفتوح، تم خلالها التطرق إلى آخر المستجدات في مجالات التشخيص المبكر، والاختبارات المعملية الدقيقة، والبروتوكولات العلاجية الخاصة بأمراض مثل الهيموفيليا، وداء فون ويلبراند، وغيرها من الاضطرابات المرتبطة بالحمل أو العمليات الجراحية أو الأورام. ودعا المشاركون في ختام التظاهرة إلى ضرورة إرساء شبكة وطنية لتنسيق الجهود، وتوحيد الممارسات العلاجية، وتوفير آليات تشخيص حديثة ومتكاملة، بما يضمن حماية أفضل للمصابين واضطرابات أقل في المسارات العلاجية، إضافة إلى جملة من التوصيات الأخرى.