من أصل 5 ملايير ونصف .. الثقافة بالدارالبيضاء تساوي 0 درهم

صفر درهم هو المبلغ المالي الذي تم رصده للجمعيات الثقافية والرياضية المتوزعة على مقاطعات الدارالبيضاء، الخبر صدم الجميع خلال الدورة الأخيرة لمجلس مدينة الدارالبيضاء، المشهد كان مخجلا لمكونات التحالف المدبر لشؤون جماعة العاصمة الاقتصادية، حيث بدت علامات الحيرة على وجوه أعضاء الأحزاب الأربعة المتربعين على رأس التسيير قبل غيرهم، وهو ما أوحى للجميع بأن الأمور ليست على ما يرام بين المتحالفين بخصوص النقطة المتعلقة بدعم الجمعيات، وهو ما دفع رئيسة المجلس إلى تأجيل هذه النقطة إلى حين عقد اجتماعات إضافية بعيدا عن عيون العموم لأن المنظر سيكون ” بائخا “، خاصة بعد تدخل النائبة المفوض لها قطاع الشؤون الاجتماعية، والتي قدمت عرضا مركزا حول الطريقة التي اشتغلت بها مصالحها، لتوزيع المنح على الجمعيات التي تعنى بالشق الاجتماعي، من خلال وضع منصة رقمية رهن إشارة الجمعيات لدفع طلباتهم وفق شروط ومعايير، تم الاتفاق عليها داخل اللجنة الثقافية والرياضية والاجتماعية، وأخرى تم ترسيمها بعد لقاءات مع أعضاء المقاطعات والمجتمع المدني، وكانت شركة التنمية المحلية ” الدارالبيضاء للخدمات ” هي من أحدثت هذه المنصة وهي التي تشرف عليها، في إطار منظومة الرقمنة التي تستهدف تحديث الإدارة ضمانا للشفافية .
أعضاء من الأغلبية، صرحوا لنا في هذا الإطار بأن المبلغ الإجمالي المخصص للجمعيات الاجتماعية هو 4 ملايين درهم، وبأن الجماعة استقبلت حوالي 241 طلبا، ورغم أن المبلغ ضئيل جدا مقارنة مع الطلبات إلا أن المعايير كانت واضحة وأهمها محاربة ظاهرة تنازع المصالح، حيث تم حذف كل الجمعيات التي تضم أعضاء جماعيين أو موظفين جماعيين، مؤكدين في ذات الوقت بأن الشق الثقافي والرياضي لم يعرف نفس الاشتغال، بحيث ظل جامدا أمام ذهول الجميع، علما أن الرياضة والثقافة تتمتع بمخصص مالي يصل إلى 5 ملايير ونصف، منها 25 مليون درهم تذهب للشق الرياضي و3 ملايير سنتيم للشق الثقافي، إلا أن النائب المفوض له هذين القطاعين، لم يقم بأي إعلان لفائدة الجمعيات النشيطة في المجالين، التي كانت في حالة انتظار ومازالت فيه، بل إنه لم يطلق أي شيء سواء في المنصة أو بشكل مباشر، أكثر من هذا وذاك، لم يناقش لا أعضاء المجلس ولا أعضاء اللجنة أي مقترح، إلى أن فوجئوا بأنه اختار ” شرع يديه “، فما الذي قام به هذا النائب ؟
وزع بين الرجاء والوداد مبلغ مليار سنتيم، في الشق المتعلق بالرياضة، وبعث بالباقي، أي 15 مليون درهم، إلى الجامعات والعصب، على أساس هي التي تختار الجمعيات التي ستتعامل معها، ما وضعه في زاوية الاتهام من طرف زملائه في المجلس، كونه يدير جمعية رياضية معروفة بمنطقة سيدي معروف، وبما أن أهم بند تم الاتفاق عليه داخل اللجنة الاجتماعية والرياضية والثقافية هو محاربة تنازع المصالح، التي تستبعد المنتخبين والموظفين الجماعيين من الاستفادة من منح الجماعة، ارتأى أن يمنح الأموال المخصصة للرياضة للجامعات والعصب الرياضية المتحررة من هذا الشرط ضمن أدائها. الاتهام سيزداد حدة من طرف خصومه داخل الأغلبية ذاتها لأنه لم يكلف نفسه حتى دعوة أعضاء اللجنة للاجتماع، بل ورط الجميع في اتفاقيات يصعب التنصل منها في الوقت الراهن .
وفي الشق المتعلق بالثقافة، مسك بالثلاثة ملايير المخصصة لها، وقدمها كلها لشركة التنمية المحلية ” الدارالبيضاء للتنشيط “، في إطار اتفاقية وقعها معها، ومعلوم أن هذه الشركة، كما عهدناها، تنظم ماراطون الدارالبيضاء ومهرجان الدارالبيضاء وبعض التظاهرات الكبرى، فأين ثقافة ورياضة القرب؟
المسؤول المذكور لم يخصص ولو ريالا واحدا لهذا المجال ، وهو ما يجعل الأسئلة تتناسل حول هذا النهج الجديد الذي يقصي المجتمع المدني وفي العمق يضرب سياسة القرب في الصفر ؟
للإحاطة علما فإن المسؤول عن الشؤون الثقافية والرياضية بمجلس الدارالبيضاء، والذي رمى بالصفر في وجه الجمعيات ينتمي إلى مقاطعة عين الشق، وهو عضو في مكتب تسييرها، وهو دائم الصراع مع النائبة المفوض لها قطاع الشؤون الاجتماعية، وهي التي بدورها تتبوأ مسؤولية داخل المكتب المسير لذات المقاطعة، وكلما نهجت نهجا سار في عكسه، حتى أصبحت هذه الحكاية عنوانا بارزا داخل مجلس مدينة الدارالبيضاء خاصة أن النائبة تمثل حزبا حليفا لحزب النائب الذي أصبح يضع رئيسة مجلس مدينة الدارالبيضاء في موقف لا تحسد عليه .
الفشل التدبيري لقطاع الثقافة والرياضة داخل مدينة الدارالبيضاء انطلق منذ بداية الولاية حين لم تتوصل الجمعيات في سنة 2022 بمنحها إلا بمشقة الأنفس وحتى مرت أكثر من سنة على وضع الطلبات، وتم إقصاء مئات الجمعيات من هذا المستحق .
ذات المشكل سيعيد نفسه، بعدما تم خلال الدورة تأجيل المصادقة على صرف منح الجمعيات خاصة في الشق الاجتماعي، الذي لا ذنب لأصحابه فيه، بعد كل الاشتغال الذي قامت به اللجنة، واللقاءات التي عقدت بخصوصه لوضع المعايير والتأطير الذي حظيت به الجمعيات للتعامل مع المنصة الجديدة كي تكون النتائج مرضية للجميع، لكن الصفر الذي أشهره المفوض له قطاع الثقافة والرياضة تعسف حتى على الجمعيات التي تعنى بالشأن الاجتماعي، ومن المنتظر أن تكون اجتماعات اللجنة في القادم من الأيام ساخنة جدا !


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 29/05/2024