من السوسيولوجيا إلى التخييل أبحاث ودراسات في كتابات الدكتور حسن قرنفل

صدر عن مؤسسة مقاربات للنشر والصناعات الثقافية بالمغرب ،مطلع هذه السنة كتاب في 128 صفحة تحت عنوان: (من السوسيولوجيا إلى التخييل) عبارة عن مقالات حول أبحاث ودراسات في كتابات الدكتور حسن قرنفل، من تنسيق دة. نجاة الوافيدي و د. عبد العزيز بنار ،لوحة الغلاف من توقيع الفنان عبدالواحد غنمي، قدمه د. جمال بوطيب على أنه اعتراف واهتمام من لدن مجموعة من الباحثين، يسائلون تجربة الدكتور حسن قرنفل المزدوجة، في تقاطعاتها المختلفة، سواء في البحث الاجتماعي بمشروعه العلمي السوسيولوجي ، أو منتجه الأدبي.
تناول د. حسن مسكين في هذا الكتاب عبر الدراسة والتحليل مؤلفه: (أصوات الفقراء) مبرزا التقاطع بين السياسة والسوسيولوجيا، في تحليل ودراسة الأصوات الانتخابية لفقراء المغرب، بتشريح سوسيولوجي عميق وموسع، بأدوات ومناهج غاية في الدقة، بالإضافة إلى امتلاك الباحث ثقافة واسعة، مكنته من سوسيولوجيا موسعة أثرت مشروعه السوسيولوجي الذي انخرط فيه منذ البداية.
وفي إطار التحليل الموضوعي للسلطة والسياسة، تناول د.محمد راضي مؤلفه: (هل هناك ناخب عقلاني في المغرب؟) معتبرا أن العنوان بمثابة فرضية، تجيب عن بعض أهم الأسئلة التي طرحها الباحث في ما يخص عقلانية السلوك الانتخابي والسياسي، معتمدا على معطيات الميدان والتفسير بالسياق من خلال قراءته للأحداث، وهذا التحليل الموضوعي يقوده إلى سوسيولوجيا نقدية، تتحرك على أساس البحث الميداني والتحليل الموضوعي للوقائع.
يرى د.عبد الدين حمروش أن مركزية (النخبة) في دراسات الباحث، هي الثابت سواء أكانت صراحة أو ضمنية، فموضوعاته السوسيولوجية تقاربها من هذا المنطلق ،حيث يرصدها في مؤلفه: (ديمقراطية على المقاس: إنتاج النخبة) والذي يتضمن الكثير من المعلومات القيمة باعتباره(خزان معطيات) لمرحلة سياسية دقيقة من تاريخ المغرب المعاصر ،وينطوي على مستويين مرحلة ما قبل وما بعد الانتخابات، مستندا في منهجيته على أساليب التحليل والمقارنة والمناقشة والتقييم.
في نظر د. مراد الخطيبي أن الدراسات حول إنتاج النخبة في العالم العربي، تتسم بالصعوبة من خلال الطرح السوسيولوجي. انطلاقا من الفصول الأربعة لمؤلف الباحث : : (ديمقراطية على المقاس: إنتاج النخبة) رصد أهم مرتكزاته مع التحليل، وإطلالة حول النخبة السياسية من خلال المقاربة السوسيولوجية ،بتسلحه نوعا من الصرامة العلمية رغم اعتماده المنهج التاريخي لتحليل الظاهرة، لكن بتوظيفه لعدة آليات مثل الوصف والتحليل والكشف والاستنتاج ،حافظ على النسق العلمي، والإلمام بملابسات وسياقات ظاهرة إنتاج النخبة بالمغرب.
تناولت دة. زينب النجاري كتاب: (الفقر من الإحسان إلى التنمية البشرية) بالدراسة والتحليل عبر فصوله السبع، ذكرت أنه اعتمد على ثلاثة مفاهيم أساسية: (الفقر، الإحسان، التنمية البشرية)، يسائل فيها الباحث الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية . كما أبرز تشكل الفقر والهشاشة الاجتماعية، باتباعه خطوات منهجية دقيقة، معتمدا على منهج توليفي وآليتا التحليل والنقد، ولقياس الفقر اعتمد مقاربة (أمارتيا صن) وأشار إلى مفهومين حديثين وهما اللامساواة والهشاشة ،كما استعرض نماذج وتجارب دولية جديدة لمحاربة الفقر.
كمحاولة علمية في فهم السلوك السياسي، تطرق د. عبدالله إدالكوس في مؤلف الباحث:» أصوات الفقراء» عن آليات وسيرورات إنتاج وإعادة إنتاج النخب السياسية والاقتصادية بالمغرب، يرى أنه جمع فيه بين الجانب النظري والجانب التطبيقي، بغية إنتاج عقلاني نقدي ومحاولة فهم ماهية الفقر وفق محددات علمية، من زاوية البحث السوسيولوجي، وربطه بالسلوك الانتخابي.
بعد مقدمة مفصلة حول قضايا العمل والشغل من زوايا متعددة ،في هذا السياق ينطلق د. محمد الإدريسي في مؤلف الباحث : «الشغل بين النظرية الاقتصادية والحركة النقابي» يرى أنه في الباب الأول، اهتم بتحليل موقع الشغل في النظريات الاقتصادية، أما الباب الثاني فقد ركز على ظهور الحركة النقابية وتطورها ،بما فيها نزاعات الشغل وسياساته، ليخلص حول مدى إسهاماته السوسيولوجية والابستمولوجية، واعتماده نهج توليفي.
تصف دة. سميرة مصلوحي الباحث ،الرجل الذي حمل على عاتقه هم كشف البنية العميقة للفعل الإصلاحي، ووظيفة الانتخابات التشريعية بالمغرب، والميكانيزمات التي تتحكم في إنتاج النخبة السياسية ،وتسليط الضوء على تحليل وتفكيك آليات وسيرورات إنتاج النخبة السياسية في المغرب، انطلاقا من مؤلفه: (النخبة السياسية والسلطة: أسئلة التوافق) باعتماده منهج التحليل السوسيو-ديموغرافي كآلية لاستكشاف أرضية الدوائر الانتخابية ، واستراتيجيات التسويق السياسي .
بعيدا عن السوسيولوجيا وفي إطار إبداعي، ارتأى د. المصطفى فاتح الخوض في رواية:» في انتظار العنوان» يروم فيها الباحث إعادة إنتاج الواقع عبر وسائط فنية إبداعية، ليجنح نحو التخييل، فالرواية صورة مصغرة للمجتمع المغربي من خلال أحداثه، بتركيزها على التنشئة الاجتماعية من خلال شخوصها، كما أن تيمة المكان حاضرة بقوة ،وبالتالي فهي مرجعية تاريخية لاستحضارها مجموع الأحداث التي طبعت المغرب المعاصر.
وكخاتمة لهذا الكتاب القيم، تؤكد د ة.نجاة الوافيدي أن قوة الدرس السوسيولوجي لدى د. حسن قرنفل تكمن في بناء الظواهر الاجتماعية ورصدها، ومن ثم العمل على صوغ الفرضيات الملائمة، بغية التفسير والتحليل والتأويل عبر إصداراته المختلفة، حيث جعل من ثيمة السوسيولوجيا السياسي والانتخابي ،أساسية في مساره السوسيولوجي، كما أبان عن شغفه الإبداعي في إطار تخييلي بروايته الأخيرة كما تجسد ذلك أعماله التي اعتمدها الباحثون في هذا الكتاب.


الكاتب : بوشعيب عطران

  

بتاريخ : 25/11/2022