كيف يتم تدبير حوكمة الذكاء الاصطناعي في إفريقيا؟ وما هي التحديات التي تواجهها في هذا المجال؟ هل تمتلك إفريقيا القدرة على تنافسية ندية تخرجها من دور المستهلك لهذه التكنولوجيا إلى دور الفاعل في هذه الدينامية الرقمية الجديدة؟
تداول المشاركون :في ندوة “الذكاء الاصطناعي أي حكامة في إفريقيا عصر الرقمنة” المنظمة في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي 45 يوم الأربعاء 23 أكتوبر الجاري، بشراكة مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، أهمية الاستثمار في هذه التكنولوجيا الحديثة وضرورة تأهيل الكفاءات في هذا المجال الذي يعرف منافسة شرسة بين الصين وأمريكا، والذي يضع دول العالم الثالث ومنها إفريقيا أمام تحدي المنافسة والإنتاج بدل الاستمرار في وضعية المستهلك.
المهندس والباحث في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي إسماعيل التيجاني، أكد على ضرورة تحديد التعاريف والمصطلحات حتى لا يقع الخلط بين الذكاء الاصطناعي وعالم الروبوهات، موضحا أن المقصود بالذكاء الاصطناعي هو تغيير المجهود العقلي بالآلة ما يتطلب امتلاك تفكير أوتوماتيكي بالإضافة إلى خاصية التعلم المرتبطة بقاعدة البيانات والمعلومات، وكل هذه التطبيقات قائمة على الذكاء التي رغم إيجابياتها الواعدة إلا أن لها آثارا جانبية وخيمة تتعلق بمستقبل مهن معينة ستؤول إلى الانقراض كمهن الكرافيك والصحافة والترجمة، ما يقتضي وضع برامج واستراتيجية مستعجلة في مجال التكوين والتعلم بالجامعات، وفتح تخصصات جديدة تستثمر في المستقبل لأن “بلادنا تفتقد إلى المعرفة ولا تملك اليوم البيانات والمعلومات الكافية لخوض هذا التحدي”بالإضافة إلى تحدي تدبير حوكمة هذا المجال.
من جانبه دعا رئيس مقاولة “تمكين” عبد الإله كديلي إلى توفير تكوينات جديدة لأن هذا المجال “يسائل قدرتنا على التعامل معه”، خاصة أن التخوفات القائمة اليوم تتعلق بمستقبل بعض المهن التي ستنقرض في حدود 2030، ما يفرض التفكير في خلق مهن جديدة تواكب هذه التحولات إلى جانب الحاجة إلى تقعيد قانوني حتى “لا نظل في وضعية المستهلكين للتقنيات الجديدة، في غياب إطار قانوني” عكس أوربا وإلا ف”لن يمكننا كقارة وكدولة الانخراط في هذه الدينامية العالمية الجديدة”، مؤكدا في هذا الصدد أن المغرب أمام خيارين: إما مواصلة استيراد التقنية أو رفع هذا التحدي والتحول إلى منتج، وهو ما انتبه إليه جلالة الملك حين شدد على أولوية التعليم، مضيفا أن “بإمكان المغرب إنتاج تطبيقات عبر دينامية تشاركية تمكننا من الإنتاج لأنفسنا وللقارة الإفريقية وفق احتياجاتنا وواقعنا”.
إن أهمية هذا الموضوع اليوم، كما ترى رجاء بنسعود، المختصة في قانون الأعمال والقانون الرقمي، تنبع من كونه موضوعا عاما ومثيرا لاهتمام الجميع، مواطنين وشركات وعلماء اجتماع ومفكرين، والذين سيجدون أنفسهم أمام تحد كبير يتعلق بالحكامة خصوصا في ما يتعلق بحماية المعلومات الشخصية للأفراد وللشركات الكبرى عند الاستعمال غير السليم لهذه المعطيات.
هذه التحديات، تقول بنسعود ، دفعت منظمات غير حكومية كاليونيسكو ومنظمة التعاون الاقتصادي، إلى القيام بمبادرات يمكن أن تتوج باتفاقية دولية في المستقبل، مشيرة إلى أن موضوع المخاطر كان مطروحا منذ بداية ظهور هذه التكنولوجيا التي لا يمكن توقع مخاطرها على المهن رغم وجود دراسات لبعض المؤسسات حول الموضوع إلا أنها تبقى عاجزة عن توقع مستقبل هذا الذكاء”.
وتساءلت بنسعود عن موقع المغرب في إفريقيا ودوره في تقنين الذكاء الاصطناعي وأثره على تجويد السياسات العمومية لأن المعطيات في إفريقيا تأتي من المغرب، لافتة إلى خطورة المنافسة التي يمكن أن تدفع الشركات إلى” خرق القانون دون أن تترك أثرا”، ما يصعب مهمة مؤسسات الرقابة كاللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية بالمغرب، ومن ثم ضرورة وضع قوانين صارمة لحماية المواطنين إذ على هذه المؤسسات حماية المعلومات الشخصية وأن تكون لها قدرة المحاسبة على مستوى المؤسسات العمومية.
بدوره أشار عبد السلام جلدي، الخبير في العلاقات الدولية، إلى ضرورة وضع إطار أخلاقي لحماية المعطيات الشخصية وحقوق الإنسان، وهو ما تحقق على المستوى الدولي لكن ليس له طابع إلزامي، مع ضرورة وضع قواعد لحماية الأمن السيبراني، لافتا إلى أن التحدي اليوم في إفريقيا يكمن في آفة الأمية الرقمية التي تمثل 60 في المائة، حيث لا يلج إلى الانترنيت إلا 40 في المائة مقابل 90 إلى 95 في المائة في أوربا وأمريكا”.