من حوارات الخطيبي 23 : ثمة صداقات طويلة في الأدب، خصوصا مع الأموات

تساءل دولوز، في كتاب يحمل عنوان “حوارات” Dialogues، ما هو الحوار؟ وما فائدته؟ -فأجاب- ينبغي ألا يتم الحوار بين الأشخاص، بل بين السطور والفصول، أو بين أجزاء منها؛ فهذه الحوارات هي الشخوص الحقيقية” ، وهو في هذا مثله مثل صمويل بيكيت، متحفظ من جدوى الحوارات، ومثلهما أيضا، عبد الفتاح كيليطو، في تردده من إجرائها، لكنه استجاب لها واعتنى بها، وجمعها في كتاب “مسار”.
الكاتب عبد الكبير الخطيبي رجل حوار، أجريت معه حوارات ومقابلات تضاهي ما ألفه من مؤلفات، في وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، بل حظيت بتأليف مستقل مثل كتاب” La beauté de l’absence” للباحث حسن وهبي، وكتاب” Le chemin vers l’autre” . ونجد من محاوريه، الصحفيين والكتاب أنفسهم: غيثة الخياط، والطاهر بنجلون، وبختي بن عودة، وعبد الله بنسماعين، وعبد المجيد بنجلون، وبول شاوول…
إن انتعاشة الحوارات مع المفكرين والمبدعين لمشير على أنهم أفلحوا، أو يسعون إلى ذلك، في إبداع متلقيهم وصناعتهم، بتعبير الخطيبي نفسه. وهو الذي كان يقول “مطلوب من الكتاب أن يقدم نفسه”. لكن الحوار يضمن شروط نجاحه، إذا تناظمت مهارة حذق السائل وخصلة ثقة المسؤول.
في ما يلي الحوار الذي أجراه معه شاكر نوري:

 

كيف نوفق بين كتابة الشعر والرواية؟

في رأيي أن الشعر هو أساس اللغة؛ لأن الشعرية، أو التكوين الشعري، ضروري لأي كاتب ولا تكمن المسالة في الفروق الموجودة بين النثر والشعر. المهم وحدة الشكل والمضمون والانسجام. الكتابة الموحدة التي تتلخص في النص هي التي تهمني. وهذا لا ينفي وجود الأجناس الأدبية. وبالنسبة لي، تأخذ الحركة الشعرية أهمية بالغة لأنها قريبة من الإحساس، وقريبة من الجسد، والعواطف. وفي كتاباتي أسعى إلى إيجاد الوحدة العضوية بين العقل والفكر، وبين المضمون والشكل. إذن الشعر هو عنصر أساسي في لأية كتابة. وصداقتي الأدبية مع الشاعر أدونيس جزء من هذا الاهتمام. وقد قدم أدونيس تحليلات مهمة في علاقة اللغة بالمجتمع العربي، الشعر والزمن، الثقافة والشعر، الصوفية والسوريالية. إنني أهتم بالعلوم الأخرى، علم الاجتماع والسيميولوجيا واللسانيات، أحاول أن أكشف بعض الأساليب الجديدة في التفكير.

 وما صداقاتك الأدبية مع الكتاب العالميين سواء عبر علاقاتك الشخصية أم عبر نصوصهم؟

ثمة صداقات طويلة في الأدب، خصوصا مع الأموات، وهم ليسوا أمواتا بالأحرى، بل حاضرين بنصوصهم، إذن هناك علاقة مع الأحياء وبالأحرى علاقة مع بعض الحياء إن صح القول، كان بروست يقول عن القراءة والمطالعة: “إن الكتاب هو الصديق الحقيقي”. لأن الكتاب يرافقك ويعطيك الأفكار، أما الصديق فلا يعطيك سوى المشكلات. عن الحديث عن الصداقة والكتابة حديث طويلة جدا، عندي بعض الأصدقاء في ميدان الفكر والأدب والفنون على أية حال إنني لا أتكلم ضد الأصدقاء، وإذا اردت أن أتكلم عن صديق فإنني أكتب عن مؤلفاته ونصوصه.

كتبت كتابا مهما عن الرواية المغربية في مطلع السبعينيات. هل لك أن تعطينا رأيك في الرواية المغربية في التسعينيات؟

لا أستطيع أن أعطيك رأيي في الرواية المغربية الحالية لأنني لم أطلع عليها جيدا، عل سبيل المثال لم أقرأ حتى الآن الرواية الجديدة لمحمد عز الدين التازي، لذلك لا يمكنني الدخول في عملية التقييم.

 عندما طرحت عليك سؤالا عن صداقتك الأدبية كان بودي أن أقول لك من هم الكتاب والفلاسفة الذين تأثرت بهم؟

يمكنني أن أقول إن الكتاب والفلاسفة المهمين بالنسبة لي هم سارتر وماركس، وليفي شتراوس، ومعظم تكويني الثقافي كان ماركسيا، ومن يأتي نيتشه وككتابه “زرادشت” ولا بد من ذكر الفلاسفة الفرنسيين أمثال فوكو ودريدا وبلانشو.

 ما هي مهمتك ككاتب؟

إنني أسعى إلى اكتشاف أمكنة اللغة سواء كانت تعبير عن المسائل أو البنيات. وميداني ليس هو الميدان الأكاديمي برغم انشغالي به، واختصاصي هو اللغة؛ لأن اللغة هي المسالة الكبرى في حياة الإنسان، على أية حال لا يمكنني أسمي هذا الاكتشاف.


الكاتب : إعداد وترجمة: محمد معطسيم

  

بتاريخ : 18/04/2023