لا حديث لسكان مدينة جرادة إلا عن المهرجان الدولي للسينما «كان» بفرنسا لعام 2025، خلال الدورة 64 لأسبوع النقاد، حيث حصل الفيلم الوثائقي القصير «المينة» للمخرجة الشابة المتألقة راندة معروفي على جائزة أفضل فيلم قصير ضمن الاختيارات الرسمية التي ترعاها شركة «ارنست لايتر» وشركة «لارا» و»ويكا كاميرا ايه جي»، التي تهدف إلى دعم المواهب الجديدة في عالم السينما.
جرت أطوار الفيلم الوثائقي «المينة» في مدينة جرادة، وتناول واقع ومعاناة السكان مع مناجم الفحم الحجري بجرادة والإغلاق القسري للمنجم بعد التوقيع على الاتفاقية الاجتماعية بين النقابات والشركة م.م.و وزارة الطاقة والمعادن بتاريخ 17 فبراير 1998، هذا الإغلاق الناتج عن سوء التسيير والتدبير كان له آثار سلبية على السكان والمدينة.
تم عرض الفيلم في 26 دقيقة باللغة العامية «الدارجة»، ويعتبر أول فيلم مغربي وعربي يحصل على تتويج في هذه الدورة من مهرجان كان.
حاول الفيلم تجسيد وملامسة المعاناة من خلال اختيار السكان الارتماء في أحضان الموت بدل المذلة، بالاشتغال في الأنفاق «السندريات» رغم علمهم اليقين بالمخاطر المحدقة بهم نظرا للانعدام التام لوسائل الوقاية والسلامة والتأمين..
ويعد الفيلم الوثائقي «المينة» ثمرة مجهود كبير للمخرجة الشابة راندا معروفي استمر لأكثر من أربع سنوات، حيث كانت تصغي لنساء وعمال مناجم الفحم الحجري سابقا، وببراعة كبيرة استطاعت تشخيص معاناة الساكنة بطريقة فنية رائعة.
الفيلم الوثائقي، ورغم قصره، لامس الأحداث المؤلمة التي مرت بها المدينة، بما في ذالك الحراك الشعبي والمعاناة المستمرة مع «السندريات» والعطالة والموت البطيء بالسيليكوز.
فهنيئا لسكان جرادة والمخرجة الشابة المتألقة راندة معروفي بهذا التتويج والعالمي، الذي يوثق للذاكرة الجماعية لماضي المدينة وحاضرها البئيس، وينادي بالاهتمام والعناية بالمدينة وساكنتها ..
وللإشارة، فمهرجان «كان» يعتبر أكثر من مجرد حدث سينمائي بل منصة تعزز من الابتكار والإبداع وتحتفل بالفن والثقافة، ويعتبر كذالك من أبرز المهرجانات السينمائية في العالم منذ نشأتها سنة 1946.