من عفو اللحظة «زهرة» قصص محمد الشايب

نظمت شبكة المقاهي الثقافية بمقهى سفير بلاص بالقنيطرة ـ مؤخرا ـ حفل توقيع وتقديم المجموعة القصصية الجديدة الموسومة بعنوان « زهرة « للقاص المغربي محمد الشايب، وهي المجموعة السادسة في منجز الكاتب بعد مجموعات «دخان الرماد « و»توازيات « و»هيهات « و»الشوارع « و «كماء قليل « .
في المفتتح تقدمت الباحثة الناقدة صوفيا المصدق بمقاربتها النقدية والتي انصب تحليلها على نص معين في المجموعة «مواعيد تبكي «، حيث أشارت أول الأمر إلى العتبات النصية المتمثلة في صورة الغلاف والعنوان الذي يتصدر المجموعة، والذي تجلى على شاكلة فتاة في مقتبل العمر، ترتدي قميصا وتنورة تطل من شرفة مظلمة ، ولعل الفتاة تمثل كل شخصية من داخل كل قصة ، والعنوان العام «زهرة» يمثل زهرة كنبة بدلالات النضارة والألق والجمال ورمزية المرة المتفتحة على الحياة، بيد أن عنوان النص الذي تتناوله الدراسة «مواعيد تبكي» يتضمن عوامل مؤثرة ومحن إنسان قاسية ومرهقة وقد أنهكت البطل مسعود ضروب الحاجة والخصاصة، وامتص الفقر والتهميش ماء الحياة من محيطه الأسري ليعيش تحت طائلة الألم والاغتراب .
نص «مواعيد تبكي» يرصد حياة عامل بناء «مسعود» الذي ليس له من اسمه نصيب، فطموحاته في الحياة جد بسيطة، تتمثل في أن يحظى الأولاد بفرص التمدرس ويفوز المنتخب الوطني لكرة القدم في المباريات، بيد أن العوز الذي طاله إثر سقوطه من علو شاهق، سبب له شللا نصفيا أثر بعمق على مساره المهني، فتخلى عنه الجميع، بمن فيهم فلذات الأكباد ماعدا زوجته التي أوفته العشرة وآزرته في محنه الشديدة، ولكن ما فتئ أن رزئ بموتها من جراء مضاعفات مرض السرطان، ثم جاء دوره ليفارق الحياة .
وظف القاص تقنية الاسترجاع ليتذكر ما فات وما يشده من حنين للماضي، تذكر عرسهما وتذكر مساندة الزوجة الراحلة له بعد فاجعة سقوطه،كما وظف السارد تقنية استباق الأحداث، الكل تخلى عن الشقي مسعود فلم يجد في انتظاره سوى المواعيد المؤلمة، التي كانت له دوما بالمرصاد .
تستنتج الناقدة ماريا المصدق بأن محمد الشايب يشتغل على أساس لغة واقعية، تزاوج بين الأسلوب الخبري والإنشائي، مجسدا واقعا منغمسا في المآسي والمعاناة .
الناقد رشيد أمديون عنون ورقته النقدية ب «الشباب والمشيب» كدورة زمنية في مجموعة قصص «زهرة» للقاص محمد الشايب، تلمس عبرها الثنائيات الضدية مثل الشباب والمشيب وثنائية الماضي والحاض،ر وثنائية الصحة والمرض والقوة والضعف. وعلى هذا المنوال تنحو قصص «زهرة» منحى إنسانيا عميقا إلى حد طرح ثنائية الحياة والموت والعلاقة الجدلية بينهما، ليخلص جراء ذلك لتوليد توتر ينتج عنه حركة دينامية فاعلة، هدف هذه الحركة هو إبراز المفارقة، وكشف حقائق الأشياء عبر مسارات من التقلبات والتحولات الوجودية، متضمنة وقفات تأملية عميقة في سيرورة دورة الحياة .
وإذا كان رشيد أمديون قد ركز على بعد الزمن، فالناقد الباحث عز الدين المعتصم أحاط برمزية المكان في قصص «زهرة « للقاص المغربي محمد الشايب، إذ يكتسي مفهوم المكان خصوصيات قائمة بذاتها، حيث يسلط النص الضوء على العوامل السوسيو ثقافية المؤثرة في حياة الإنسان وعواطفه وأفكاره .
المكان ـ في المجموعة ـ يحمل معنى الحيز والحجم والخلاء، وهذا ما نلمسه في قصص «أحلام تغني» وقصة «زهرة» وقصة «دار العجزة»، فالمكان يلعب دورا هاما في قصص محمد الشايب، ويشغل جانبا هاما من الشخصيات القصصية .
بعد ذلك قرأ المحتفى به محمد الشايب مقطعا من قصة «أحلام تغني» ليعقبه نقاش تفاعلي مع الأوراق النقدية التي قدمت أمام جمهور وازن ومهتم بتجربة القاص المتميز محمد الشايب .


الكاتب : المصطفى كليتي

  

بتاريخ : 04/12/2025