منذ انتخاب مجلس جهة الدار البيضاء – سطات، وهو غارق في التخطيط ومتشبث بمكاتب الدراسات التي استفادت من ملايين الدراهم الموضوعة في خزينة المجلس، بهدف رسم مسار تدبيري يشمل مختلف المجالات، بما في ذلك التنشيط الثقافي، وهو ما يهمنا في هذه الورقة. أما الحديث عن المجالات الأخرى فسيتطلب صفحات طويلة.
هذه الدراسات التي تبناها المجلس الجديد قطعت مع كل الأنشطة السابقة التي كان الجمهور معتادًا عليها، مثل فن العيطة، والمهرجان الغيواني، ومهرجان المسرح، ومهرجان السينما، وغيرها، انطلاقًا من أن جهة الدار البيضاء – سطات تعد أكبر جهة في المملكة وعليها أن تستجيب لكل الأذواق. ظن الجميع أن المؤسسة، في ولايتها الجديدة، ستفاجئنا. لكن منذ ثلاث سنوات، وهي في كهفها، لم نر منها سوى شعارات تبرر تأخرها بأنها “تدرس وتدرس” مع مكاتب الدراسات لتقديم ملتقيات أفضل مما كان عليه الحال، خصوصًا وأن ميزانيتها الحالية كبيرة.
في أول امتحان حقيقي، قررت الجهة تنظيم مهرجان للزجل، وهو مهرجان يدخل ضمن إطار الاتفاقية بين مجلس الجهة ووزارة الثقافة والاتصال، وتبلغ قيمتها 800 مليون سنتيم، تُصرف منها 200 مليون سنتيم على كل دورة من 2024 إلى 2027. وللتذكير، فإن هذا المهرجان كان قائمًا بالفعل وبلغ دورته السابعة عشرة، وكان يُنظم في مدينتي سطات وابن سليمان، بمعنى أن مكاتب الدراسات لم تبتكر شيئًا جديدًا، بل إن فكرة المهرجان جاءت من مثقفين اقترحوه سابقًا على الوزارة التي قبلت بدعمه، وكان يشهد حضورًا غفيرًا من المهتمين والجمهور.
لكن في هذه النسخة، تم إلغاء بعض الفقرات مثل قافلة الزجالين والأنشطة الموازية. ولم يُشعر المواطنون بهذه التظاهرة، إذ لم تُتابع بشكل جيد حتى على وسائل الإعلام. كما لم يحضر أي مسؤول من الجهة أو ممثل من وزارة الثقافة. وهو أمر يثير التساؤلات، فهل الوزارة لم تعجبها طريقة تنظيم الجهة للمهرجان؟ أم أن هناك مشكلًا أعمق وأكبر؟ لا أحد يدري.
ما نعلمه هو أن المهرجان مر باهتًا، شبيهًا بالجو الداخلي لمقر الجهة الذي يدفع إلى الهروب من البناية بسبب الكآبة التي تملأ فضاءاتها والطاقة السلبية التي قد تؤثر فيك. الغريب أن مسؤولي الجهة أنفسهم لم يحضروا المهرجان، وهو ما يزيد الوضع سوءًا، وكأنهم نسوا أو غير معنيين بحدث تمويله بمئتي مليون سنتيم.
لقد خلف الملتقى استياء بين الزجالين بسبب تجاهل دعوة بعضهم وتفضيل آخرين، وكأن الجهة تصرف المال لتنظيم ملتقى الخصومة. في النهاية، يمكن أن نعتبر التجربة الأولى للجهة، التي تضم أحزابًا تروج لشعار “الكفاءات”، ينطبق عليها المثل الزجلي: “أش بيك دارت لقدار… ما بان ليك أثر ولا خبروا بك البشارا ! “.