تناقش الدورة الحالية من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، من عاشر إلى سابع عشر يونيو الجاري، علاقة السينما بالزمن الرقمي الراهن، و قد بات يدفعنا دفعا نحو تجديد النظر في مجموعة من الإشكاليات، بدءا بماهية السينما إخراجا و إنتاجا و ترويجا، و انتهاء بإشكالية « نهاية السينما « نفسها.
هكذا يقترح البرنامج الثقافي للدورة ندوتين متقاطعتين، الأولى حول « السينما في العصر الرقمي «، بمشاركة السينمائية الإسبانية نيوس بالوس و الناقدة الإيطالية أوكسيتان لاكوري و الناقدين السينمائيين المغربيين محمد باكريم و سعيد المزواري، بينما يسير أشغال الندوة الجامعي المغربي عبد الكريم الشيكر. ندوة تروم التفكير في السينما اليوم، في العصر الرقمي، مع استحضار التحديات التي سبقت هذا العصر الجديد، تلك المرتبطة باختفاء القاعات السينمائية، و كذا الشروط « الكلاسيكية « للعروض، و تأثير ذلك على التلقي النقدي.
أما الندوة الثانية فتنعقد في موضوع « التراث السينمائي في زمن الرقمنة « بمشاركة المخرجة الفرنسية ليا مورين و المخرجة المغربية نرجس النجار و المخرجة الفلسطينية خديجة حباشنة و المخرج و المنتج الفرنسي فرانك لواري و المخرج و المنتج التونسي محمد شلوف و الباحث في التراث السينمائي العربي نجا الأشقر من لبنان. في حين يسير أشغال الندوة الباحث الجامعي المغربي أحمد مجيدو. و يتساءل المشاركون في هذه الندوة عن مصير التراث الفيلمي و قضايا حفظه و توثيقه و ترميمه و أرشفته. و بينما تنطلق الندوة من برامج العمل التي قدمتها الخزانات السينمائية في عدد من التجارب الدولية، تنتهي بنا إلى التفكير في صيغ معاصرة لخزانات سينمائية رقمية تفيد من ممكنات الزمن الرقمي الذي تسائله الندوة الأولى مساءلة نقدية خلاقة.
أما البرنامج التربوي للدورة فينعقد تحت مسمى « التربية على الصورة «، يتعلق الأمر بمشروع مثل التحدي الذي حمله المهرجان على عاتقه منذ دوراته و رسائله السينمائية الأولى. و لا يزال المهرجان يواصل انفتاحه على المؤسسات التعليمية الابتدائية و الثانوية و الجامعية، و هو يرافق مشروع إصلاح التعليم، منتصرا لثقافة الصورة و للسينما سبيلا نحو نشر المعارف و إشاعة القيم الإنسانية الكونية. و على امتداد أيام المهرجان، سيجري تنظيم سلسلة و رشات و تداريب و دروس حول السينما لفائدة تلامذة عدد من المؤسسات في مدينة تطوان، مع الانفتاح على تلامذة المؤسسات التعليمية في الوسط القروي.
و يقام على هامش هذه الدورة معرض استعادي يتضمن ألبوما يحكي ذاكرة مهرجان تطوان، و هو يستوقفنا عند أقوى اللحظات التي شهدها المهرجان و أهم اللقاءات التي جمعت جمهور المدينة و ضيوفها بأعلام و علامات السينما المتوسطية، على مدى أربعة عقود.
بينما يتوج البرنامج الثقافي للدورة بتوقيع كتابين حول السينما، الأول للناقد السينمائي و المفكر المغربي محمد نور الدين أفاية بعنوان « معرفة الصورة «، يقدمه الباحث المغربي في الجماليات المعاصرة عبد العلي معزوز و الثاني للمخرج السينمائي المغربي سعد الشرايبي بعنوان « شذرات من ذاكرة سينمائية «، يقدمه الباحث المغربي في الخطاب السينمائي حمادي كيروم.