في أجواء يسودها الترقب والغضب، تستعد مدينة صفرو لإطلاق الدورة الواحدة بعد المئة من مهرجان «حب الملوك» نهاية هذا الأسبوع، على وقع احتجاجات واسعة من فعاليات ثقافية وجمعوية محلية عبّرت عن استيائها من الطريقة التي جرى بها تدبير التظاهرة من طرف وزارة الثقافة، التي تتولى تنظيم المهرجان للسنة الثانية تواليًا.
وتتوالى الانتقادات من داخل المدينة، حيث وصف العديد من الفاعلين المحليين المهرجان بأنه «أضحى ملكية خاصة» تم الاستحواذ عليها من قبل الوزارة، في تغييب لما اعتبروه «الروح الأصلية» لهذه التظاهرة التي لطالما كانت من تنظيم المجتمع المدني المحلي بمشاركة مختلف الطاقات الجمعوية والثقافية التي صنعت إشعاعه الوطني والدولي. مصادر محلية أكدت أن المقاربة التشاركية، التي كانت دائما من أبرز مميزات المهرجان، غابت تماما خلال التحضيرات الجارية للدورة الحالية. وأثارت هذه الخطوة تساؤلات حادة حول المعايير المعتمدة في تحديد البرمجة الفنية، وتوزيع الميزانية، وحجم إشراك الكفاءات المحلية.
وفي هذا السياق، أصدرت عدد من الجمعيات المدنية بصفرو بيانات تنديد طالبت فيها عامل الإقليم بالتدخل العاجل من أجل «إعادة الأمور إلى نصابها»، وإنقاذ المهرجان مما وصفوه بـ»الاختطاف المؤسساتي» الذي أفقده هويته المجتمعية، وأدخله في نفق من الغموض والارتجالية، خاصة في ما يتعلق بغياب الوضوح حول الميزانية المرصودة ومعايير صرفها.
وبالتوازي مع ذلك، أطلق فنانون معروفون على الصعيد المحلي نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على رأسها «فيسبوك»، داعين إلى التنسيق بين مختلف الفاعلين المتضررين، والتعبئة الشعبية دفاعا عن المهرجان باعتباره تراثا لاماديا مسجلا، لا يجوز تفويته أو تحويله إلى مناسبة فنية معزولة عن سياقها المجتمعي.
العديد من المتتبعين اعتبروا أن المهرجان فقد في دورتيه الأخيرتين أحد أبرز أدواره التنموية، والمتمثلة في تحريك العجلة الاقتصادية والتجارية للمدينة، إلى جانب دوره الرمزي في الاحتفاء بتراثها الثقافي الغني، مشيرين إلى أن التركيز فقط على الجانب الفني في غياب التوازن مع باقي مكونات البرمجة، يفرّغ المناسبة من معناها الأصلي.
وتبقى التساؤلات معلقة إلى إشعار آخر حول توقيت وطبيعة تدخل الجهات الوصية، في أفق تصحيح مسار مهرجان ظل لعقود نموذجا للتعاون بين الدولة والمجتمع المدني، قبل أن تتحول دوراته الأخيرة إلى عنوان للارتباك والاحتقان بدل الفرح والانفتاح.