مهرجان كناوة بالصويرة: أفق لتعزيز الهوية الوطنية من خلال الفن في بعده الإنساني والكوني

هنا في الصويرة ، كل الترتيبات و الاستعدادات باتت في مراحلها الأخيرة لاحتضان وتنظيم النسخة السادسة والعشرين من مهرجان « كناوة وموسيقى العالم « من 19 إلى 21 يونيو الجاري.
مهرجان كناوة بالصويرة ، لم يعد محتاجا بالضرورة للتعريف ولا للتقديم ، وفق الشكل النمطي والسطي المعهود للقاءات و الملتقيات وحتى للمهرجانات العادية ، فهو صار بالفعل أكبر من ذلك حيث أضحى تجربة روحية وإنسانية فريدة ومتكاملة ، تقدم الصويرة نفسها من خلالها ،كمدينة عريقة ضمن نسيج تراثي وثقافي لوطن ممتد عبر التاريخ والحضارة الإنسانية . وهكذا يصير ذات المهرجان ، نموذجا واقعيا مجسدا لمدى قوة وغنى التراث المغربي من خلال مكون « كناوة» ، ومدى قدرة التراث كسر حدود الاقصاء ، وعلى رسم اللاحدود الممكنة لفعل وتمارين التلاقي والتعايش والانفتاح عبر الأصالة والفن والموسيقى .
دورة هذه السنة ، تحطم أرقام الدورات السالفة كأن ذات المهرجان ينافس و يسابق نفسه ، رغم كل الاكراهات التي تواجه مثل هذا «الملتقى/ التحدي « ، فعلى سبيل المثال فقط ، تستقبل الصويرة خلال ثلاثة أيام 350 فنانا من مختلف الجنسيات والدول والثقافات، من بينهم 40 معلما كناويا . وتحتضن الصويرة بذلك أكثر من 50 حفلا موسيقيا وفنيا موزعة على منصات رئيسية بالهواء الطلق ومفتوحة للعموم العموم ،وحفلات سماع و عروض أخرى بمختلف فضاءات المدينة العتيقة.
وإلى جانب الموسيقى الكناوية وحفلات ووصلات المزج ، والتي جعل منها مهرجان الصويرة نموذجا للابداع الفني عبر التنوع وتبادل التجارب الفنية والموسيقية ، وللسنة 12 على التوالي ، يستقبل المهرجان هذه السنة أيضا ، منتدى حقوق الإنسان، والذي ينظم هذه الدورة حول تيمة « الحركيات البشرية والديناميات الثقافية « وذلك لمقاربة قضايا الهجرة والهوية والابداع، بمشاركة مهتمين وباحثين من مختلف دول العالم، من عيار باسكال بلانشار ، وكاشي فريمان ، وإيليا سليمان، وغيرهم.
وفي مجال البحث الموسيقى ، وللسنة الثانية ، يحتضن المهرجان برنامج « بيركلي في كناوة» بحضور فعاليات وباحثين موسيقيين من 23 دولة . هذا إضافة إلى برامج موازية، ومعارض فنية، ولقاءات أدبية وتراثية .
وإذا كان مهرجان كناوة وموسيقى العالم في الصويرة قد راكم كل هذه التجربة من خلال أكثر من ربع قرن ، فهو بذلك يضع نفسه بالفعل والأحقية، كمرجع ومثال حي ، قد يعين ويلهم المهتمين بمجالات البحث ، في إمكانية اعتبار المهرجانات كمدخل للتنمية البشرية وتنمية الإنسان، من خلال تعزيز الهوية الوطنية والحضارية، في علاقة مع الفن والابداع في أبعاده الإنسانية.


الكاتب : أحمد بومعيز

  

بتاريخ : 17/06/2025