مواطنون ينددون بـ «تشريدهم» وقطع مصادر عيشهم وبغياب العدالة في «التعويض»

30 ألف درهم لإخلاء محلّات تجارية بدرب السلطان من أجل مرور القطار «فائق السرعة»

 

تتواصل تداعيات السعي لهدم المنازل السكنية المتواجدة على خط السكة الحديدية بكل من حي البلدية وحي الداخلة بتراب عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بمدينة الدارالبيضاء، إذ لحدّ الساعة لم يجد السكان الذين خرجوا للاحتجاج والتنديد آذانا صاغية، حسب تصريحات عدد منهم لـ «الاتحاد الاشتراكي»، مؤكدين على أن كل الأبواب أوصدت في وجوههم وتركوا للمجهول.
وأوضح متضررون من مشروع عملية هدم المنازل المعنية بقرار المنفعة العامة من أجل فسح المجال أمام المكتب الوطني للسكك الحديدية لتوسيع مسارات القطارات، بأنهم يعيشون حالة من الضغط والقلق بسبب الترقب الذي دخلوا في دوامته منذ أسابيع دون أن يجدوا أجوبة لأسئلتهم المقلقة وعدم تحديد التوقيت الفعلي لعملية الهدم الكلي لتلك المنازل، خاصة في ظل «التقويم المالي» الذي تم اعتماده كتعويض من أجل منحه للمعنيين بالأمر للرحيل من دور ومنازل رأى الكثير منهم النور فيها، وقضوا أكبر مدة من سنوات عمرهم بين دروب هاته الأحياء، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف في وضعية اضطرار لمغادرتها إلى وجهة غير معلومة!
وإذا كانت مواقف عدد من الملاكين والمكترين و»أصحاب الزينة» متباينة بخصوص تدبير هذا الملف، بالنظر إلى أنه تم تحديد تعويض يتمثل في 5 آلاف درهم كأساس بالنسبة للمالكين، و 2000 درهم لأصحاب «التزيينة» مما يجعل المبلغ في النهاية يصل إلى ما بين 7 و 7 ملايين ونصف سنتيم، ثم المكترين الذين يستفيدون من 10 ملايين سنتيم، هاته الفئة التي تبقى الأكثر استفادة مقارنة بغيرها، بحسب عدد من المتتبعين، والتي قبل عدد مهم منها العرض المقدم والبقية ظلت مرهونة بمواقف الملاكين، فإن فئة أخرى تضررت ضررا كبيرا هي الأخرى، وفقا لتأكيد أصحابها في تصريحاتهم للجريدة، ويتعلق الأمر بـ «تجار» ومهنيين، منهم من ظل يمارس عمله لسنوات طويلة داخل محلات للبقالة و»محلبات» ودكان لبيع «الإسفنج» ومواد البناء، إلى جانب ورثة محل لصنع وبيع الحلويات، والقائمة طويلة طول الحرف والمهن التي جعل منها المعنيون بالأمر مصدرا لقوتهم ولعيش أسرهم وكل من يشتغلون معهم بشكل مباشر أو غير مباشر، كما هو الحال بالنسبة للمحلات المتواجدة ما بين زاوية زنقة أبي منصور الثعلبي وأبي زيد بحي الداخلة، الذين وجدوا أنفسهم في ظل هذا المستجد مطالبين هم أيضا بالرحيل مقابل تسلم مبالغ مالية تتراوح ما بين 30 و 65 ألف درهم، حسب تصنيف «النشاط التجاري»!
وأوضح المتضررون كيف أن ممثلا للمكتب الوطني للسكك الحديدية زارهم قبل أسبوعين وتحديدا يوم الجمعة صباحا، طارحا بعض الأسئلة ثم غادر دون أن يقدم أي مقترح أو يشير لأي تفصيل، قبل أن يفاجؤوا مساء بتحديد قيمة التعويض بشكل أحادي ودون أي نقاش أو إشراك من طرف مصالح المكتب ولا مقاطعة مرس السلطان، الذي تم إبلاغهم به والذي تراوح ما بين 30 و 65 ألف درهم، وهو المبلغ الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول كيفية تصريفه واقتناء أو كراء محلّ تجاري آخر، في أي رقعة جغرافية، وبأي مردودية، علما أن عددا من الحرف المذكورة قد عمل أصاحبها بجدّ كبير ليؤسسوا قاعدة من الزبائن تضمن استمرارية «نشاطهم التجاري»؟
وشدد المعنيون في تصريحاتهم لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أنهم الحلقة الأضعف في هذا المسار، بالنظر لقيمة التعويض الذي تم تحديده لهم والذي لن يفيد حسب تعبيرهم في أي شيء، مطالبين من السلطات المختصة وكل الجهات المعنية التدخل من أجل إعادة النظر فيما تم تحديده، ومؤكدين في نفس الوقت على أنهم مع كل الخطوات والمشاريع التي تخدم الوطن لكن مع مراعاة ظروفهم الاجتماعية. هذا في الوقت الذي يعبر فيه بالمقابل عدد من الفاعلين المدنيين عن تأسفهم لهدم 6 فصول دراسية بإحدى المؤسسات التعليمية في الحي، مشيرين إلى أن العملية ستمتد لتطال «رحبة الزرع» ومركز البريد بـ «درب سيدنا»، وغيرها من المحلات التي تعتبر ذات قيمة غير مادية لها صلة بذاكرة المنطقة، منبهين في نفس الوقت إلى التداعيات النفسية التي خلقتها هاته الأزمة والتي يُفترض معها تخصيص السلطات المختصة لمواكبة نفسية للمعنيين بالأمر للحد من أي تداعيات صحية قد يكون لها تأثيرها ووقعها عليهم.


الكاتب : مبارك وحيد

  

بتاريخ : 23/07/2025