مواقع التواصل الاجتماعي: الدخول المدرسي وعلم النفس الاجتماعي.. أية علاقة؟

تظهر المؤسسة التعليمية في نظر مكونات المجتمع الدينامي التفاعلي ليس فقط باعتبارها لبنة أساسية في تشكيل الوعي بخطورة المرحلة وضرورة تجاوز الأعطاب النفسية للجائحة، بل وركيزة لابد منها لترسيخ مقومات بناء أجيال صالحة ومتصالحة مع الأوبئة، ما يجعل من المدرسة كمكون مركزي عصب الحياة ودينامو التنمية والتطور البشري. وذلك خلافا لما يشهده العالم العربي اليوم، من نكوص على هذا المستوى، لا سيما في الظروف العصيبة والاستثنائية التي نعيشها، دخول مدرسي مرتبط بالجائحة للسنة الثالثة على التوالي، ما يجعل من إقراره رغم الجهود المبذولة أصعب دخول مدرسي على الإطلاق.
في كل بقاع العالم، لا سيما في الدول التي حباها الله بخاصية التمدن ونعمة الديمقراطية، تسير مدارس التحليل النفسي مدارس السيكولوجيا، وعلماء السوسيولوجيا ومراكز الرصد جنبا إلى جنب مع الحياة والمجتمع والمدرسة، وبشكل خاص أثناء بداية الموسم الدراسي، حيث تشرع المؤسسة التعليمية بجميع مكوناتها في القيام بمهام التنشئة الحضارية للمجتمع. ولا تشكل مواقع التواصل الاجتماعي نشازا في هذا الإطار، بل، تبرز كإحدى أقوى قنوات التفاعل والتواصل في الشأن التربوي، باعتبارها مسارات ذكية موازية فاعلة ومتفاعلة في التوجيه والتنوير والإشعاع والتثقيف العلمي والتربوي.
في البلاد المستنيرة يتطوع الأستاذة الجامعيون المتخصصون في السيكوسوسيولوجيا، و يقدمون دروسا افتتاحية عبر المحطات الموضوعاتية وعلى قناتهم التواصلية الخاصة منصة اليوتوب أو غيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال صفحاته الشخصية الفايسبوكية أو غيرها من مواقع التواصل لدعم هيئة التدريس ومساعدتها نفسيا على تجاوز الأعطاب النفسية المحتمل ظهورها خلال محطة الدخول. إن تسهيل مهمة الأستاذة أو الأستاذ نفسيا ومعنويا في مواجهة حزمة الإكراهات النفسية والمعنوية للدخول المدرسي الاستثنائي في ظل استفحال الوباء وارتفاع الحالات المؤكدة وهول الوفيات يعتبر مهمة حضارية يمليها الانتماء للوطن والمستقبل معا. ليس لأن العالم الطبيب أو البروفيسور المحلل النفسي هو الرجل المناسب والمختص فحسب، بل لأنه في تقديرنا،الكائن الأعلم من غيره بطرق استكشاف العقل البشري والمدرك لآليات فهم السلوك الإنساني، بل والأكثر قدرة على التمكن من أساليب التخفيف والدعم والعلاج النفسي للإنسان في الظروف العصيبة التي تواجهه.
في المغرب اليوم، لاحظنا قيام بعض هياكل المجتمع المدني ببعض المبادرات المحمودة في هذا الاتجاه، بحمولة نفسية داعمة تسند الأستاذ -ة وتعزز معنوياته، في مواجهة طوفان من التبخيس والتشفي التي تطال هذا الكائن الصفي النبيل صاحب أنبل رسالة حضارية على الإطلاق، وموجة الأسئلة الاستنكارية الفجة المفبركة، أو من خلال صور كيدية، أو تدوينات مريضة وحاقدة، بل ناقمة ومنتقمة في أحسن الأحوال، كما لو كان الأستاذ هو مصدر الداء وأصل الوباء ..
بالمقابل، يبدو التلفزيون المغربي الخشبي المحنط، بقنواته الجمع بصيغة المفرد، جامدا هامدا على هذا المستوى. بحيث لم نشاهد قط، وصلة إشهارية تدعم معنويات الأستاذة أو الأستاذ في مواجهة صعوبة وإكراهات الدخول المدرسي الحالي في ظل الجائحة أو غيرها من أعطاب المجتمع وانتكاساته الاقتصادية والمعيشية وانعكاساتها المريرة على المعيش اليومي. إن الدعم النفسي لهذه الفئة من قبل التلفزيون، واجب حضاري ومكون هام وأساسي، بل دور مركزي لهذا القطب الذي يتغذى من جيوب المواطنين عموما وقطاع التربية والتكوين على نحو خاص. وهي مهمة حضارية يتأسس عليها ارتقاء الإعلام التواصلي كجبهة للتنمية، بنهوض البلد والارتقاء بمستقبله، إن إنجاز دخول مدرسي سلس وآمن مهمة تتضافر فيها جهود جميع مكونات المجتمع أطباء مهندسون خبراء أساتذة جامعيون هياكل المجتمع المدني والجمعيات الموضوعاتية، هو حاجة ماسة اليوم. ولعل الأستاذ-ة في تقديرنا يظل في أمس الحاجة لمثل هذه المبادرات التي تسنده نفسيا ومعنويا كما تعمل على تعزيز قدراته في المواجهة، كي تجعله قادرا على تحمل عصبيات المرحلة وإكراهاتها، بعيدا عن ذلك الأرشيف الخشبي المحنط والعقيم للتلفزتين .
لذلك، وقبل الختام، لم أسمع عن طبيب نفسي في جهتنا مختص في العلاج النفسي، يغادر عيادته، تجاه منبر إعلامي او إذاعة جهوية أو منصة تواصلية، بشكل تطوعي، كي يقدم مجانا سواء عبر كابسولات مصورة، أو بامتدادات رقمية أخرى، حزمة إرشادات وتوجيهات نفسية داعمة للسيدة الأستاذة أو السيد الأستاذ حتى يتجاوز هلوسات الجائحة، وتداعيات الوباء وأوهامه المريبة، وتأثيرها السلبي على نفوس التلاميذ وأسرهم. وهي نصائح وإرشادات ناجحة بالتأكيد، سيكون لها تأثير بالغ على نفسية هيئة التدريس خاصة على المستوى العلمي والعملي النفسي والفكري. كما هي مهمة أدبية أخلاقية تدخل في صميم مهامه كطبيب إنسان، أو إطار تربوي أكاديمي، في مواجهة وضع نفسي استثنائي يمر به كائن استثنائي بكل المقاييس دخول يعتبر استثنائيا أصعب دخول مدرسي على الإطلاق.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 19/10/2021

أخبار مرتبطة

انتقلت إلى رحمة الله الزميلة فاطمة لوكيلي، صباح أمس الثلاثاء . بدأت المرحومة فاطمة الوكيلي مسارها الصحفي بإذاعة ميدي 1

بطل المسلسل رشاد أبو سخيلة:» المسلسل رد على الأعمال الإسرائيلية والخوف فطرة بشرية   هناك العديد من الأعمال الفنية التي

نفى مصدر من المركز السينمائي المغربي أن تكون هناك أي ضغوطات قد مورست ضد أعضاء لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *