تشهد المملكة المغربية موجة حر غير مسبوقة منذ أكثر من أسبوعين، بلغت ذروتها يوم الجمعة 9 غشت 2025، مع تسجيل مدينة العيون درجة حرارة قياسية بلغت 49.2 مئوية، بحسب ما أعلنت عنه المديرية العامة للأرصاد الجوية. هذا الرقم يعد الأعلى على الإطلاق في تاريخ تسجيلات الطقس بالمدينة، متجاوزا الرقم القياسي السابق البالغ 47 درجة مئوية والمسجل في غشت 2016.
تأتي هذه الموجة الحارة في إطار ظاهرة مناخية واسعة تؤثر على معظم أنحاء البلاد، وتسببت في ارتفاع غير معتاد لدرجات الحرارة خلال شهر غشت، حيث ذكرت الأرصاد أن عدة مدن مغربية سجلت درجات حرارة تفوق المعدلات الموسمية المعتادة بفوارق تراوحت بين 3 و13 درجة مئوية. وسُجلت درجات حرارة تتجاوز 40 درجة في 19 مدينة مغربية، ما يعكس اتساع رقعة الموجة الحارة التي تضرب البلاد.
المديرية العامة للأرصاد الجوية أرجعت هذه الظاهرة إلى تأثير رياح “الشركي”، وهي رياح شرقية جافة وساخنة تنشط عادة في فصل الصيف، لكن حدتها هذا العام كانت استثنائية. وقد أدت هذه الرياح إلى دفع كتل هوائية حارة وجافة قادمة من عمق الصحراء نحو المغرب، ما ساهم في ارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد في المناطق الداخلية والصحراوية.
ولم تقتصر آثار هذه الموجة على المناطق المعروفة بحرارتها في الجنوب والداخل، بل امتدت حتى إلى المناطق الساحلية التي تعرف عادة باعتدال مناخها، مثل الدار البيضاء وآسفي والصويرة. وقد سجلت هذه المدن الساحلية درجات حرارة تفوق المعدلات الطبيعية لهذا الوقت من السنة بفارق يتراوح بين خمس وثماني درجات، وذلك نتيجة ضعف تأثير التيارات البحرية الباردة، مقابل تغلغل الرياح القارية الساخنة حتى السواحل.
في ظل هذه الظروف، تتوقع الأرصاد الجوية استمرار موجة الحر خلال الأيام المقبلة، مع تسجيل درجات حرارة قد تصل إلى 47 درجة مئوية في بعض المناطق، خصوصا في جنوب ووسط البلاد. ومن المرتقب أن تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض التدريجي ابتداء من يوم الخميس، إذا لم تحدث تغيّرات مفاجئة في الأنظمة الجوية.
وتأتي هذه الموجة الحارة امتدادا لسنة مناخية استثنائية، إذ كان عام 2024 الأكثر حرارة في تاريخ المغرب، حيث تجاوز متوسط درجات الحرارة السنوي المعدل المناخي المرجعي للفترة بين 1991 و2020 بفارق 1.49 درجة مئوية. ويضع هذا المعطى المملكة في قلب ظاهرة الاحترار العالمي التي أصبحت تؤثر بشكل متزايد على مختلف مناطق العالم، من خلال مضاعفة حدة الظواهر المناخية المتطرفة كالجفاف وموجات الحر والفيضانات.
ارتفاع درجات الحرارة بهذا الشكل الحاد يطرح تحديات متعددة، أبرزها ما يتعلق بقطاع الفلاحة الذي يعاني أصلًا من تواتر سنوات الجفاف، بالإضافة إلى آثار صحية مباشرة على السكان، خاصة الأطفال وكبار السن، نتيجة مخاطر ضربة الشمس والإجهاد الحراري. كما يشكل الضغط المتزايد على شبكات الكهرباء والماء مصدر قلق للسلطات، في وقت تتزايد فيه وتيرة الطلب على الطاقة والتبريد.
وفي هذا السياق، دعت السلطات إلى توخي الحذر واتباع إرشادات الوقاية خلال فترات الذروة الحرارية، من خلال تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، وشرب كميات كافية من الماء، وتقليل الأنشطة البدنية في أوقات الحر الشديد. كما يتزايد الحديث عن ضرورة تبني سياسات بيئية واستباقية في مواجهة التغيرات المناخية، بعدما باتت آثارها واضحة وملموسة في الحياة اليومية للمواطنين.
موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب: العيون تسجل أعلى درجة حرارة في تاريخها 49.2 درجة

بتاريخ : 20/08/2025