ميشيل سيبوني الناطقة باسم «الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام»

ندعو إلى مسيرات حقيقية ضد معاداة السامية تأخذ في عين الاعتبار المجازر المرتكبة في غزة

لن نشارك في مسيرة المنافقين الداعمين للتطهير العرقي للفلسطينيين

 

كلا المؤسستين الفلسطينية والإسرائيلية قد وصلتا معا لمفترق طرق، يتحتم عليهما معه البحث عن الطريقة المثلى للخروج منه على أساس الإنتصار لا الخسارة. إن تفادي الحل المميت (إن صح التعبير) يجبرنا التفكير خارج الصندوق و بطريقة مختلفة

الوضع في لا يمكن التأكد منه على وجه الدقة، وذلك لسبب بسيط للغاية، يكمن في أن القصف الإسرائيلي لم يستثن الصحفيين الدوليين العاملين في قطاع غزة منذ سنوات، ينضاف له غياب، وسبيلنا الوحيد إلى المعلومة (التي لا يمكننا أن نأخذ مصداقيتها على محمل الجد) يأتي من الجيش الإسرائيلي الذي يتفوه بما يشاء وقتما يشاء!..

 

تضامنا مع الفلسطينين الذين يُبيدهم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ونبذا لكل أشكال معاداة السامية والإسلاموفوبيا، رفضت «ميشيل سيبوني» الناطقة باسم «الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام» (UJFP) الانضمام لـ»المسيرة الكبيرة» ضد معاداة السامية، يوم الأحد 12 نونبر، التي دعا إليها رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي ورئيس الجمعية الوطنية، وطلبت من «جميع أولئك الذين يتعرفون على أنفسهم في قيم جمهوريتنا» عدم المشاركة، والتي قد يشارك فيها التجمع الوطني وشخصيات بارزة أخرى.
وتفسيرا منها لسبب هذا الرفض، ذكرت «ميشيل سيبوني» أن «الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام» «لن يشارك في مسرحية النفاق يوم الأحد، وعدم مشاركتنا في هذه المسيرة التي تدعي أنها «ضد معاداة السامية»، يعود إلى أننا لا نحتج جنبا الى جنب مع العنصريين، سواء كانوا من اليمين المتطرف أو الإسلاموفوبيين أو القائمين على الدولة أو مناصري الصهيونية أو المعادين للمهاجرين أو غيرهم…». وتابعت: «ندعو إلى مسيرات حقيقية ضد معاداة السامية، التي تأخذ في عين الاعتبار المجازر المرتكبة في غزة، وتطالب بوقف فوري لإطلاق النار».

يا له من نفاق! عن أي
القيم نتحدث؟

ذكر «الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام»، في موقعه الإلكتروني الخاص، أنه «من المستحيل على الاتحاد أن يشارك في مسيرة يوم الأحد ضد معاداة السامية، والتي لا تدين أية أشكال أخرى من العنصرية، ولا تشجع إلا على كراهية الإسلام، ولا تقف ضد العنصرية، بل وتناصر العنصريين.
وأضاف أنه لا يمكن للجمهورية الفرنسية، أن تدعي أنها مناهضة للعنصرية عندما لا تأخذ في الاعتبار إنكار حقوق الانسان، سواء في فرنسا كما في فلسطين. عندما تحل المنظمات المناهضة للعنصرية مثل «جمعية مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا» (CCIF)، وعندما يطلب من جميع الأطراف الاعتذار عن الإرهاب، نرى في الجهة المقابلة أن سكرتير التنسيقية المحلية لـ»الاتحاد العام للشغل» (UL CGT)، ومعه «الحزب الجديد المناهض للرأسمالية» (NPA)، في أماكن أخرى مدافعون عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة.
وقال الاتحاد إن هذه الحكومة وحلفاءها، الذين يطلقون على أنفسهم تسمية «المدافعين عن الجمهورية» يستخدمون هذه التسمية فقط كذريعة لتبرير الحرب التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، كما هو الحال في استخدام اليهود في فرنسا في كل معركة أخرى، خاصة ضد المسلمين. وبالتالي، فإن أي مظاهرة لصالح فلسطين تعتبر معادية للسامية (من وجهة نظرهم)، وقد حاول كل مسؤول يقف في صف العنصريين والمنافقين حظر هذه المظاهرات السلمية على أساس أنها «خطر» على قيم معاداة السامية.
إن معاداة السامية التي تتطور بسرعة ملفتة إلى شكل يهدد قيم حقوق الإنسان العالمية، ويستغل نضالنا من أجلها، هو كمن يلعب بالنار من أجل المجتمع الفرنسي بأسره. في الواقع، إن هذه الحكومة، لا تحل المشكلة من خلال إلقاء اللوم على المسلمين بسبب معاداة السامية، بل تزيدها تأججا.
إن الحكومة الحالية، تسعى عن عمد للخلط بين اليهود والإسرائيليين، وبين الإسرائيليين والصهاينة، وأيضا بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية. ومرة أخرى، تبتغي لعب دور رجل الإطفاء المهووس الذي يعرض اليهود للخطر.

ميشيل سيبوني.. مدافعة شرسة عن فلسطين!

في مشاركة لها في طاولة حوارية حول غزة، على قناة يوتيوب التابعة ل»الحزب الجديد المناهض للرأسمالية» (NPA)، ذكرت «ميشيل سيبوني» أن «قيام الحكومة الإسرائيلية الآن، بنقل شمال قطاع غزة بأكمله إلى الجنوب له عواقب كارثية، لكونه متعلقا بالتصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي، ذلك أنه يطلب من الفلسطينيين الخروج من (ترك) القطاع تحت القصف الجوي المستمر في مساحة هي الأكثر اكتظاظا في العالم!.. هذا لا نراه (ومعنا الكثيرون) سوى أمر بالطرد سيؤدي إلى إبادة هذا المجتمع».
وتابعت: «تحضرني فكرة أن الفصل العنصري الممارس الآن ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة السور الفاصل بين ضفتي قطاع غزة القائم إلى حدود الساعة، والذي يبدو أن حكومة اليمين المتطرفة الحالية برئاسة نتنياهو، غير مهتمة به بقدر اهتمامها بفلسطين ما بين البحر ونهر الأردن، والتي يركز عليها أيضا المتدينون الإسرائيليون رغبة في تأسيس دولة إسرائيلية كبرى وكاملة، ولا تحتوي على الفلسطينيين وغير منقسمة بينهم، حيث أن الاهتمام لم يعد منحصرا على السور الفاصل بقدر التركيز على التطهير الديني والإبادة الجماعية. ما أقصده، أنه لا مانع لديهم في تحمل تهمة التطهير العرقي ما دامت تمكنهم من اصطياد الفلسطينيين حتى القضاء عليهم، بناءا على منطق يتبنى الإبادة المطلقة!».
وفي حوارها على قناة «Mizane TV» على المنصة نفسها، ذكرت ميشيل سيبوني أنه «يبدو أننا نحضر الأيام الأخيرة لحقبة، ولن أصفها بالساعات الأخيرة، لغزة. إننا في حقبة أغمض فيها المجتمع الدولي الأعين عن فلسطين وساكنتها. فقد أوكل أمر الدولة ومدنها وقاطنيها (2 مليون شخص) لإسرائيل منذ 17 سنة، ولم يفعل شيئا لمنع الكارثة من الوقوع.. للأسف، ودون ان نفاجأ، فإن الرد كان ولايزال وحشيا لكون كلا المؤسستين الفلسطينية والإسرائيلية قد وصلتا معا إلى مفترق طرق، يتحتم عليهما معه البحث عن الطريقة المثلى للخروج منه على أساس الانتصار لا الخسارة. إن تفادي الحل المميت (إن صح التعبير) يجبرنا على التفكير خارج الصندوق، وبطريقة مختلفة.
إن القمع السياسي، الذي تنتهجه السلطات الفرنسية ضد كل من يدافع عن القضية الفلسطينية، لا يمثل إلا تجسيد على أرض الواقع لمدى مقت الحكومة الفرنسية لهذه التحركات، وذلك لتحليلها «المحافظ الجديد» ضد حركة حماس في 7 من أكتوبر، وتحولها لما يشبه ما أبداه «جورج بوش» الإبن في الـ11 من سبتمبر، حيث أصبح النظام الإعلامي الفرنسي كسولا لا يقدم المعلومة الصحيحة لمواطنيه، ويكتفي بما جادت به القنوات العالمية عليه من فتات الأخبار، ودون أي تصحيح المصطلحات وتبيين حقيقتها أو استبدالها بمصطلحات تعبر عن الواقع، من قبيل وصف الفلسطينيين بـ»السفاحين» و»الإرهابيين» والإسرائليين بـ»ضحايا الحرب»، وغيرها من أفعال الضرب تحت الحزام وتصفية الحسابات، متناسين أننا بين كفتي الخير والشر والعيش فيما تصفه بالإرهاب ضد الإنسانية».
وعلى قناة «Le Média» ذكرت «ميشيل سيبوني» أن: «الوضع في غزة لا يعرف له أي أساس صحيح، ولا يمكن التأكد منه على وجه الدقة، وذلك لسبب بسيط للغاية، يكمن في أن القصف الإسرائيلي لم يستثن الصحفيين الدوليين العاملين في قطاع غزة منذ سنوات، ينضاف له غياب الأنترنت المؤثر بالسلب على التواصل مع ساكنة القطاع والعالم الخارجي، وسبيلنا الوحيد إلى المعلومة (التي لا يمكننا أن نأخذ مصداقيتها على محمل الجد) يأتي من الجيش الإسرائيلي الذي يتفوه بما يشاء وقتما يشاء!..
وأضيف، لا يعلم المستمع أو المشاهد الفرنسي المتتبع للمنابر الإعلامية الفرنسية (تقريبا) أي شيء أو معلومة تخص القضية الفلسطينية أو ما يقع حاليا من ويلات الحرب هناك، وهو بالتأكيد يجهل الكثير عنها من قبيل الوفيات اليومية من الشهداء والأطفال من المدنيين، وما الذي يدريه بخصوص السياج العازل بين الضفتين الذي يراه كلمة «فارغة» من المعنى، وغيرها من الأمور التي تصف حالة الغياب التام للمعلومة أو الخبر المؤكد هناك، باستثناء العمل الهمام للمؤسسات الإعلامية الفلسطينية وتكبدها الأمرين لإيصال المعلومة.
إن ما أوصلنا لهذه الحالة من عدم الاكتراث الإعلامي، كان نتيجة لتعنت المنصات الإعلامية (تحديدا الفرنسية) في إيصال معلومة «حية» وواقعية تخص مجريات الأحداث في فلسطين، حيث يقتل الشاب ذو 17 سنة دون أن يبالي العالم، وتقوم القيامة من جهة أخرى إن أعتقل جندي إسرائيلي، وهذا هو الثمن الذي يدفعه اليوم المتلقي الفرنسي».

كيف يمكننا مكافحة معاداة السامية بوضوح؟

ينبغي بادئ الأمر، تقول ميشيل سيبوني، إدانة أي عمل معاد للسامية مثبت وقوعه وشجبه ومحاكمة فاعليه، ولكن لا يمكن تحقيق ذلك بشكل فعال إلا إذا رفضنا السماح باستخدام اليهود كمفتاح لتعيين عدو داخلي معين: الشباب من غير البيض من الضواحي، ومعهم المسلمون والغجر والأجانب وغيرهم.. يجب ألا نخوض المعركة الخطأ، وألا نقبل المناورات التي تهدف إلى إعلان معاداة السامية حربا على جميع المسلمين في فرنسا، أو المنتمين إلى اليسار الذين ينتقدون دولة إسرائيل.
وتردف: «إن التصدي ومحاربة معاداة السامية اليوم (من كل من يبدي رد فعل على الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين، والتي وثقتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لفترة طويلة) أساسها أولا وقبل كل شيء، ما يدور حول الحد من التوتر السياسي حول هذه القضية. يجب على فرنسا، أن تدين التدمير المنهجي لغزة، وأن تدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وهذا يعني العمل مع جميع كل من يناهض العنصرية لبناء جبهة مناهضة للعنصرية من أجل العدالة والمساواة للجميع، وهو ما نعمل من أجله لفترة طويلة».
وتابعت سيبوني: «معا، يدا بيد، سوف نحارب معاداة السامية والإسلاموفوبيا، لكوننا في خضم هذه المعركة، التي نحن لسنا فيها (ولن نكون) إلى جانب جميع الأطياف التي تضفي الشرعية على عنف الشرطة العنصري وتدافع عن حق إسرائيل في سحق غزة بالقنابل».
يذكر أن «الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام» قد أسس في عام 1994 انطلاقا من الرغبة في التعبير اليهودي عن شروط السلام العادل في الشرق الأوسط، وهو جمعية يهودية علمانية تجمع بين أعضاء ذوي رأي يهودي المنشأ، مع تاريخ وخلفيات متنوعة، كما يدعي أعضاؤه أنهم جزء من تاريخ تعددي أنتج مقاتلين مناهضين للنازية وآخرين مناهضين للاستعمار وشخصيات عالمية أخرى.


الكاتب : ترجمة: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 14/11/2023