صدر عن «دار بصمة للنشر والتوزيع» عمل شعري جديد للزجال المغربي، ابن مدينة مريرت بإقليم خنيفرة، حمل عنوانا أمازيغيا لافتا هو «مَا يْمي؟»، أي «لمن؟» باللغة العربية، وهذا الديوان، المكتوب بالأمازيغية ومصاغ مناصفة بالحرفين العربي والتيفيناغ، يشكل إضافة نوعية لمسار الشاعر الحاج أمدياز، الذي اختار بإصرار أن ينحت تجربته في لغة الأرض والهوية، وأن يمنح قصائده امتدادا إنسانيا متجذرا في الذاكرة والطبيعة.
يقع الديوان في حوالي 140 صفحة ويضم خمس عشرة قصيدة: إوُنَّا، نيرس، ثعجاموث، ما يمي؟، أقرو أوسكاس، مانيك أريزو؟، ثيذوكلا، نظراسن أفوس، وغيرها، وقد استهله الشاعر بإهداء مؤثر إلى روح والده الراحل الشاعر حمو أمدياز، وجعل من عنوان الديوان نفسه عنوانا لقصيدة رثائية في حقه، تولى الباحث والكاتب محمد الغازولي مراجعته وتصحيحه بحرف تيفيناغ، مما أضفى عليه قيمة لغوية وثقافية خاصة.
بحسب ما أورده كاتبه، فإن هذا الديوان «يزخر بنبض الأرض وذاكرة الجبال، ويشكل رؤية شعرية أصيلة تمتد من جذور التاريخ إلى أسئلة الحاضر، حيث تتعانق الأصوات وتتداخل الرموز في قصائد كتبت بإحساس مرهف وعشق واضح للهوية الأمازيغية والإنسان والطبيعة»، وقد اختار الشاعر لغة بسيطة وشفافة، قريبة من التداول الشفهي للأمازيغية، بما يجعل النصوص أكثر التصاقًا بالمتلقي وأكثر قدرة على التعبير عن همومه وأسئلته.
ويعد «مَا يْمي؟» الإصدار الرابع للحاج أمدياز بعد دواوينه السابقة: «أرمي» (إلى متى؟) بالأمازيغية، و»مجمع الشكاوي»، و»حروف لحروف» بالعربية، منفتحا في ذلك على قضايا إنسانية واجتماعية متنوعة، وقد جاءت قصائده محملة بسخرية رقيقة وتأمل فلسفي عميق في مظاهر الحياة المعاصرة، من إدمان الإنترنت، إلى الصداقة المفقودة، وحوار الذات مع الدنيا، وانتظار الهلال كرمز لزمن جديد وأمل أفضل.
بهذا الديوان، يعزز الحاج أمدياز موقعه في المشهد الزجلي الأمازيغي، مؤكدا أن الكتابة بلغته الأم ليست مجرد اختيار جمالي فحسب، بل فعل مقاومة ثقافية ورؤية إنسانية، تجعل الشعر فضاء مفتوحا للأسئلة والحنين والتطلعات، في سياق مسار إبداعي يَعد بالمزيد من الإصدارات في المستقبل، ليواصل بذلك مشروعا إبداعيا متجددا يعكس حرصا فريدا على الأصالة والعمق.
«مَايْمي»: ديوان زجلي للحاج أمدياز متجذر في الذاكرة والانتماء والطبيعة

الكاتب : أحمد بيضي
بتاريخ : 10/09/2025