رَأَيْتُنِي عَلَى تُخُومِ قَرْيَتِي مُكَبّلاً
وَسِحْرُ أَحْرُفِي يَنَامُ فِي الْوَرَقْ
وَفِي اشْتِعَالِهَا شَرَارَةٌ تَهُدُّنِي،
وَتَقْتَفِي حُشَاشَةَ الرَّمَقْ
ضِرَامُهَا يُرَتِّلُ انْتِحَارَ قَرْيَتِي،
وَيَزْرَعُ الْحَيَاةَ فِي اسْتِحَالَةِ الْعَدَمْ…
رَأَيْتُنِي عَلَى سَفِينَةٍ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْخَدَمْ،
أَجُرُّ أَرْجُلاً عِقَالُهَا الْعَدَمْ،
تَغُورُ فِي جَهَنَّمِ الْبَشَرْ.
وَفِي رَمَادِ فَيْنَقِي خُصُوبَةٌ عَقِيمَةٌ وَدَمْ،
وَشُعْلَةٌ يُذِيبُهَا الْمِرَارُ والنَّدَمْ…
رَأَيْتُنِي مُسَافِرًا عَلَى دُرُوبِهَا،
تَقُودُنِي حَمَاقَتِي،
تُهينُنِي قَوَافِلِي وَعِيرُهَا،
وَتَخْذُلُ الْمَسَارَ وَالْخُطَى.
رَأَيْتُنِي كَسِنْدِبادَ فِي شِعَابِهَا
مُحَاصَرًا بِكَوْمَةِ الرِّمَالِ وَالْحَصَى،
مُعَلَّقًا عَلَى جَريدِ نَخْلِهَا،
أُقَاوِمُ الْهَجيرَ وَالْغُبَارَ وَالْحُمَمْ…
أَنَا الْوُجودُ فِي شَقَاوَةِ الْعَدَمْ
أَنَا الجِمَارُ فِي رَمَادِ قَلْعَتِي،
أَنَا الْعَصِيُّ فِي قَسَاوَةِ الرُّؤَى،
أَنَا التَّعِيسُ فِي حَلاَوَةِ النِّعَمْ…
أَنَا اسْتِعَارَةُ الْأَمَانِ وَالسُّقُوطِ فِي قَصَائِدِي،
أنَا تَوَهُّجُ الْفَنَار فِي الْعُلَى،
أَطِيرُ فِي الدُّجَى إِلَى عَشِيقَتِي،
مُكَبَّلاً بِصَخْرَةِ الطَّرِيقِ وَالتَّعَبْ،
كَطَائِرٍ مُغَرِّدٍ يَحُومُ حَوْلَهَا،
ويُطْلِقُ الْعِنَانَ لِلطَّرَبْ
أَنَا الشَّهِيدُ، وَالرُّفَاتُ، وَالْرِّمَمْ…
أَنَا انْتِفَاضَةُ الْأَلَمْ،
وَغُصَّةُ السَّقَامِ وَالرَّدَى،
وَلَوْ تَحالَفَ التَّتَارُ وَالْعَجَمْ،
وَقَرَّرُوا افْتِضَاضَ أَحْرُفِي،
وَكسَّرُوا صَلابَةَ الْقَصِيدِ وَالْقَلَمْ…